سارا القرني
كلنا نتذكر كيف كانت فترة الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الحالي «دونالد ترامب» حين فاز برئاسة أمريكا 2016م على مرشحة الديموقراطيين هيلاري كلينتون، وفاز الديموقراطيون بالأغلبية في الكونجرس الذي ترأسته نانسي بيلوسي، والمواجهات التي حدثت بينهما وعطلت الكثير من القرارات.. بل وصل الأمر إلى التصويت لصالح عزل ترامب من الرئاسة الأمريكية بتهمتين تمت تبرئته منهما.
الانتخابات الأمريكية على الأبواب.. يفصلنا عنها أيام قليلة، حيث ستبدأ في 5 نوفمبر القادم لتحدد الاسم الجديد الذي سيعتلي سُدّة الحكم في أمريكا، هل ستكون ولاية أخرى لدونالد ترامب.. أم بداية جديدة لكامالا هاريس، لكنّ الأنظار تتجه إلى سباق محموم آخر لاختيار أعضاء الكونجرس ومجلس الشيوخ.. إذ سيُصَوَّتُ في اليوم نفسه لاختيار 435 عضواً في الكونجرس الذي يتفوق فيه الجمهوريون على الديموقراطيين بأربعة أصوات، إضافةً إلى التصويت لاختيار ثلث مجلس الشيوخ الأمريكي البالغ عددهم 100 عضو.. وهو التصويت الذي يحدث كلّ عامين وتنقسم مقاعده بهامش مقعد واحد لصالح الديموقراطيين، مع أفضلية الفوز بالأغلبية للجمهوريين هذه المرة.
أهمية مجلس الكونجرس تكمن في مشاركته للرئيس الأمريكي في تعيين كبار الموظفين والقضاة، ومن حق الكونغرس بالطبع الاعتراض على التعيينات التي يقوم بها الرئيس الأمريكي، وله صلاحية تعديل الدستور وسنّ القوانين التي تخصّ الضرائب، والأهمّ.. هو المناقشة والتصويت على القوانين الجديدة التي يحاول الرئيس الأمريكي اتخاذها، فماذا لو انتُخبَ ترامب رئيساً في حين سيطر الديموقراطيون على أغلبية أصوات الكونجرس؟!
خلال فترة ترامب السابقة.. حاول الديموقراطيون مراراً وتكراراً تعطيل القوانين التي تصدر من البيت الأبيض، وكذلك رفض الميزانية التي خصصها ترامب لبناء الجدار الحدودي مع المكسيك، إذ لم يوافق الكونجرس إلا على جزء بسيط من المبلغ لا يتجاوز 20 % منه، في حين رفض ترامب إقرار الميزانية ما لم تحتوِ على المبلغ المطلوب لبناء الجدار، وبين رفض الطرفين لمطالب بعضهما.. تعطلت الحكومة الأمريكية جزئياً لأكثر من شهر وتسبب ذلك بخسائر كبيرة للاقتصاد الأمريكي.
في المقابل.. يقلّل البعض من فرص تكرار هذا التعطّل الناتج عن الصدامات بين الرئيس والمجلس، حيث يُنسب حدوث ذلك إلى ما يُسمى التصويت المنفصل.. وهو أن يصوّت الناخب لصالح حزب ما.. فإنه لا يصوت بالضرورة لصالح أعضاء نفس الحزب لمنصب الرئيس ومجلس الشيوخ والنواب، بل يتجه الناخبون الآن للتصويت بشكل كامل لأعضاء الحزب المرشح للرئاسة.
وليست مواجهة الكونجرس مع الرئيس الأمريكي حالة خاصة بترامب في السنوات الاخيرة، إذ قبلها واجه أوباما ذات المأزق حين أصبحت فجأة غالبية أصوات أعضاء الكونجرس للحزب الجمهوري بعد طرحه برنامج «أوباما كير» الذي رفض الجمهوريون تمرير ميزانيته، وهو ما شكّل صدمة لدى الديموقراطيين، وأدى إلى تعليق أنشطة الحكومة بشكل مؤقت وتسريح الموظفين!
وسواء حصل الجمهوريون على غالبية الأصوات في مجلس الكونجرس أم لا، فإنه إن فاز ترامب بسباق الرئاسة فإنه سيظلّ لدى الكثيرين آراءهم القلقة بناء على الادعاءات الكثيرة التي دارت حوله في فترة ولايته السابقة.