خالد بن حمد المالك
ليست إيران في حاجة إلى إثارة نزاعات مع جيرانها، وهي تعاني ما تعانيه بسبب دعمها للمليشيات في عدد من دول المنطقة ودخولها في حرب مع إسرائيل، وكنا نعتقد أن المصالحة التي تمت بين المملكة وإيران، قد دفنت الخلافات المفتعلة من إيران مع دول مجلس التعاون أو بعضها.
* *
ولا نجد مبرراً واحداً في إقدام إيران على إثارة موضوعات كانت حسمت بالقانون، وبالوثائق والمستندات، وعزَّزتها مصادقة المؤسسات الدولية عليها، فضلاً عن القضايا المعلَّقة، وبخاصة الجزر الإماراتية الثلاث التي ترفض إيران الذهاب إلى المحاكم الدولية لحسم موضوعها.
* *
غير أن ما حدث منذ ثلاثة أيام من تصريحات غير مسؤولة لرئيس المجلس الإستراتيجي للعلاقات الخارجية في إيران كامل خرازي (حالياً) ووزير خارجيتها (سابقاً) حول الجزر الثلاث (طنب الكبرى، وطنب الصغرى، وأبوموسى) وما قاله أيضاً عن مملكة البحرين، متجاهلاً الإجراءات التي قامت بها الأمم المتحدة بشأن استقلال وعروبة مملكة البحرين.
* *
وحسناً إذ قام الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية بالإعلان عن رفضه واستنكاره لتصريحات المسؤول الإيراني، وأن مجلس التعاون يدين هذه التصريحات غير المسؤولة، ويدعم حق الإمارات في سيادتها على الجزر الثلاث، وعلى المياه الإقليمية، والإقليم الجوي، والجرف القاري، والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر الثلاث، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من أراضي الإمارات العربية المتحدة، وأن على إيران إنهاء احتلالها لهذه الجزر.
* *
كما أدان المجلس على لسان أمينه العام تشكيك خرازي بشأن الإجراءات التي قامت بها الأمم المتحدة، واعتماد مجلس الأمن بالإجماع لنتائجها بقراره رقم 278 في مايو 1970م، مؤكداً استقلال مملكة البحرين، وكامل سيادتها على أراضيها، وأن الهوية العريقة لمملكة البحرين لا تقبل التشكيك، حيث يمتد تاريخها إلى آلاف السنين، باعتبارها جزءاً أصيلاً من الجزيرة العربية والعالم العربي.
* *
مثل هذه التصريحات غير المسؤولة، تعكِّر العلاقات الودية مع إيران، ولا تخدم تعزيزها، وتحول دون الاستمرار في انفتاحها، ما يعني أن على إيران تسوية خلافاتها مع الإمارات باللجوء إلى محكمة العدل الدولية لحسم احتلالها للجزر الإماراتية، وفي المقابل التوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين، وإطلاق الادعاءات غير المقبولة.
* *
إن استقرار المنطقة، وإحلال السلام فيها، وخلق مزيد من فرص التعاون بين دولها بما فيها إيران، يتطلب من طهران أن تنهي احتلالها للجزر، والقبول والتسليم بقرار مجلس الأمن الذي صادق على استقلال مملكة البحرين بالإجماع، والابتعاد عن كل تصرف أو تصريح يعيق تحسين العلاقات الأخوية بين إيران وجيرانها.
* *
لقد جاء تصريح المسؤول الإيراني بتوقيته صادماً لكل من يتابع الأحداث الخطيرة بالمنطقة وتطوراتها المتسارعة، وكان المنتظر من إيران أن تعلن تخليها عن دعم التنظيمات العسكرية غير الشرعية في عدد من الدول العربية والخليجية، والنأي عن التدخل في شؤونها الداخلية، غير أن هذه التصريحات التي تتكرر من حين لآخر - وقد حدثت الآن - لا تخدم هذا التوجه، ولا تساعد على استقرار المنطقة، وتالياً على بناء أوثق العلاقات بين إيران والدول العربية والخليجية.
* *
وإن خروج إيران من أزمتها مع إسرائيل لا يتحقق بمثل هذه التصريحات، وإنما بالكف عن خلق عداوات مع جيرانها العرب والخليجيين، والتعامل معهم بروح من المسؤولية، والشعور بأنه لا غنى عنهم إذا ما أرادت إيران أن تتمتع منطقتنا بأمنها واستقرارها، على نحو ما شخصته العلاقة بين المملكة وإيران في مباحثات الصين، وعودة العلاقات الدبلوماسية فيما بين الدولتين.