خالد بن حمد المالك
لم يثن المملكة عن دعمها للبنان تلك الإساءات والأضرار التي تصدر من أحزاب ومسؤولين بحق المملكة، وفي قمة هذه الإساءات والأضرار تهريب المخدرات والأسلحة، والتصريحات غير المسؤولة من بعض المسؤولين في الحكومة، فضلاً عن مشاركة بعض وسائل الإعلام في النيل من المملكة، متجاهلين دورها في خدمة لبنان ودعمه والدفاع عنه.
* *
ومع أن المملكة تقف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين، بصرف النظر عن الاختلاف في دياناتهم ومذاهبهم وطوائفهم الإسلامية والمسيحية، فإن هذا لم يكن كافياً لدى بعض اللبنانيين ليقدّروا دور المملكة المحب للبنان، والحريص على وحدته، كدولة آمنة، ومستقرة، وذات سيادة كاملة، بعيداً عن التدخلات الخارجية.
* *
ولسنا بحاجة إلى التذكير بتفاعل المملكة بشكل فوري وسريع مع الوضع الإنساني الحالي في لبنان، حيث يقوم مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية بتسيير جسر جوي يحمل مساعدات إغاثية، تشتمل على المواد الغذائية والإيوائية والطبية، ضمن موقفها إلى جانب الشعب اللبناني في مواجهة تداعيات الأحداث الجارية في بلادهم الناتج عن التصعيد بين حزب الله وإسرائيل، وما ترتب عليه من التهجير لمئات الآلاف من المدنيين اللبنانيين، دون مراعاة للوضع الإنساني للنازحين.
* *
ومن باب التذكير ليس إلا، فإن للمملكة جهوداً تاريخية تشكر عليها من المنصفين في دعم أمن لبنان واستقراره، ولا يمكن أن يُنسى دورها الفاعل في إنهاء الحرب الأهلية التي دامت 15 عاماً من خلال رعايتها واستضافتها لاجتماعات مجلس النواب اللبناني عام 1989م في مدينة الطائف، وتوقيع اتفاقية الطائف التاريخية، وآن الأوان ليقوم مجلس الأمن الدولي بمسؤولياته في حفظ الأمن والسلم الدوليين.
* *
وأمام كل هذا، وفي ظل الظروف التي يمر بها لبنان والمنطقة، فإن موقف المملكة ظل دائماً يؤكد على ضرورة قيام الحكومة الحالية وأي حكومة مقبلة بتنفيذ أحكام قرار مجلس الأمن (1701) والقرارات الدولية ذات الصلة بالملف اللبناني، بما في ذلك تلك القرارات الصادرة من الجامعة العربية التي تؤكد على دور الجيش اللبناني في بسط السيادة الكاملة على كامل التراب الوطني اللبناني، منعاً لمزيد من الخسائر البشرية.
* *
وعلى لبنان أن يستفيد من ثقل المملكة وتأثيرها الإقليمي والدولي لدعم سيادته واستقراره، وهذا يعني سرعة التحرك لإنجاز الاستحقاقات المهمة الواجب على القوى الوطنية كافة تنفيذها، وبذلك يستطيع لبنان اجتياز محنته، خاصة عند إجراء الانتخابات الرئاسية، باختيار رئيس يكون قادراً على توحيد الشعب اللبناني، وعلى العمل مع الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية لتجاوز الأزمة الحالية.
* *
ولبنان أمامه الآن فرصة تاريخية لرسم مستقبل مزدهر ومشرق كدولة مستقرة وآمنة وذات سيادة كاملة، وعليه عدم تفويت هذه الفرصة، وعلى جميع اللبنانيين الالتزام باتفاق الطائف الضامن للوحدة الوطنية، والسلم في لبنان، وعلى اللبنانيين دون استثناء أن يتحلوا بأقصى درجات ضبط النفس، لأن الاستمرار في التصعيد العسكري له خطورته وانعكاساته على الأمن والسلم في لبنان والمنطقة والعالم.
* *
ومع أننا ضد هذا الهجوم الإسرائيلي الوحشي، وما ترتب عليه من قتل وتدمير، وندينه، ونرى فيه خروجاً عن قواعد الاشتباك، وتعمداً من إسرائيل لإلحاق أكبر الأضرار بلبنان، فإن ما يجري من حرب إبادة يقوم بها الجيش الإسرائيلي لا يعفي حزب الله من المسؤولية عن ذلك، وأن عليه من الآن أن يتخلى عن انتمائه لإيران، وعن سلاحه لصالح الجيش اللبناني، وأن يعود حزباً سياسياً كما هي بقية الأحزاب اللبنانية الأخرى، وليس حزباً عسكرياً،كما أن أمريكا والمجتمع الدولي مسؤولون عن جرائم إسرائيل، وحرب الإبادة التي يقوم بها العدو الإسرائيلي في لبنان وغزة والضفة الغربية.