خالد بن حمد المالك
أسبوع واحد فقط يفصلنا عن نتائج الانتخابات الأمريكية، ومن سيكون متجهاً للبيت الأبيض، ويكون للسنوات الأربع القادمة زعيم العالم، وكيف يتصرَّف لمنع المزيد من الكوارث والحروب، والحيلولة دون حرب عالمية ثالثة يرى بعض المحلِّلين والمراقبين أنها توشك أن تدق الأبواب.
* *
كل العالم بدأ مبكراً يتابع الانتخابات الأمريكية، ويعطيها من وقته واهتمامه ما لا يعطيه لأي انتخابات أخرى في أي دولة بالمعمورة، وهذا ناشئ عن تأثير أمريكا، وامتلاكها لمفاتيح الحرب والسلام، والاقتصاد والسياسة والقوة العسكرية التي تتمتع بها، حتى مع ظهور الصين كقوة موازية عسكرياً واقتصادياً لأمريكا أو تكاد.
* *
انفتاح أمريكا على العالم، وتفوقها في الخدمات الصحية والتعليمية، ومرونة أمريكا في استفادة شعوب العالم من هذا التميز الذي تتمتع به، جعلها واجهة للعالم، حيث يؤمها الملايين من البشر سنوياً للاستزادة من العلم في جامعاتها، والاستشفاء في خدماتها الصحية المتميزة.
* *
ومتابعة الانتخابات الأمريكية على مستوى العالم، من حلفائها وأعدائها، وممن هم في خط الوسط بين هؤلاء وهؤلاء ينطلق أيضاً من الأدوار التي تلعبها أمريكا في السلم والحرب، وتأثيرها في موازين القوى بين الدول بفضل دعمها عسكرياً ومالياً وسياسياً لحلفائها، والدليل دعمها لإسرائيل.
* *
وأياً كان الفائز في الانتخابات سواء ممثِّل الجمهوريين ترامب أو الديمقراطيين هاريس، فلا يتوقع تغيير أمريكا لسياساتها ومواقعها وأجندتها، فهي تتعامل مع الأحداث والتطورات، وتأخذ الموقف المناسب الذي يلبي مصالحها، ويبقى التباين بين من يتولي الحكم سواء من هذا الحزب أو ذاك في حدود الشكليات، أما الإستراتيجيات الأساسية فمتفق عليها في دولة المؤسسات.
* *
صحيح أن الزعامات الأمريكية التاريخية الكبيرة لم تعد تتكرر في العقود الأخيرة، ولكن أمريكا ظلت تتمسك بما خطط له الآباء، كما أن دستورها، وأنظمتها، وقواعد الحكم فيها لم تصب بالشيخوخة، ولا تزال تحافظ على قوتها، وإن ظهرت دول أخرى وعلى رأسها الصين مزعجة لأمريكا في سرعة تقدمها ومنافستها وتهديدها لانفراد أمريكا بقيادة العالم اقتصادياً وسياسياً وعسكرياً.
* *
ولا أحد يمكنه -في ظل تقارب فرص الفوز بين المرشحين بحسب الاستطلاعات- أن يتنبأ بمن سيكون صاحب الحظ السعيد في رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الجميع - تقريباً - لا يعرف أين تكمن المصلحة في اختيار أي من المرشحين، وفقاً لما ما يتم الإعلان عنه في الحملات الانتخابية والتأثر فيها، لكن بعد إعلان النتائج، وتحديد اسم الفائز بالرئاسة هناك كلام آخر، وسياسة ليس بالضرورة تطابقها مع ما كان يُقال خلال الحملات الانتخابية.
* *
ما يهمنا من الرئيس القادم ترامب أو هاريس، أننا نحن في منطقة الشرق الأوسط، أن تتعامل أمريكا بقيادة رئيسها الجديد بعدل وإنصاف، وأن تلعب دوراً مسؤولاً تجنب فيه منطقتنا الحروب والصدامات والنزاعات، وكل ما يثير الخلافات والفتنة ويقوِّض السلام، وهذا يعتمد على مبادرة حقيقية وصادقة من واشنطن بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أسوة بمن اعترف بها من الدول، والتوجه نحو تنفيذ خيار الدولتين لإنهاء آخر احتلال واستعمار بالعالم، وبالتالي طي صفحة الحروب والصراعات.