خالد بن حمد المالك
تُظهر استضافة المملكة لأول اجتماع رفيع المستوى للتحالف العالمي عن تصميمها على تنفيذ حل الدولتين، ليس هذا فقط، وإنما إصرارها على وضع جدول زمني لتجسيد إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وإنهاء الاحتلال، وبالمثل فإن المملكة أمام ما يمر به لبنان من أوضاع مأساوية تجدد تأكيدها أمام المؤتمر الدولي لدعم شعب لبنان وسيادته، وعلى مساعدته جماعياً في مواجهة أزمته الحالية، والحد من تبعاتها الإنسانية، ودعم مؤسسات الدولة اللبنانية للقيام بواجباتها الدستورية في بسط السيادة على كامل أراضيها.
* *
هذا الاهتمام المقدر من المملكة بالوضع في فلسطين ولبنان جاء الإعلان عنه ليسبق انعقاد الاجتماع رفيع المستوى للتحالف الدولي، وذلك بأن كان ضمن اهتمام مجلس الوزراء الذي عقد برئاسة رئيس المجلس ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يوم الثلاثاء الماضي، وهو اهتمام يضاف إلى المواقف السعودية الدائمة والمستمرة للمطالبة بدولة فلسطينية، وبأن يعاد للبنان سيادته، ولمؤسساته الدستورية القيام بدورها في تجنيب لبنان الشقيق ما يتعرض له من أزمات متلاحقة.
* *
لاشك أن العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية ولبنان شكَّل هذا الاهتمام السعودي، تأثراً من المملكة لما تعرض له لبنان وقطاع غزة والضفة الغربية من أعمال وحشية قتلت الآلاف، وأصابت وهجرت مئات الآلاف، فضلاً عن المفقودين، وغير ما تعرضت له البنية التحية والخدمات والمباني من إفراط في هدمها، دون أن تجد النداءات من الخيرين آذاناً صاغية لدى دول العالم المؤثرة في إقرار وحماية السلم العالمي.
* *
إن انعقاد الاجتماع الذي سيكون رفيع المستوى للتحالف العالمي بالرياض يوفر غطاءً للتوافق على قرارات مصيرية ومهمة تخدم أمن واستقرار المنطقة، وتلقي الأهمية على تشخيص أسباب هذا الصراع المزمن، وتحديد المسؤولية بالطرف أو الأطراف التي تقوم بذلك، أو تغذيه، سواء من دول إقليمية أو دولية، ومعالجة أسبابه على النحو الذي يضع حداً نهائياً لهذه الحروب والجرائم التي تقوم بها إسرائيل.
* *
ومن المؤكد أن الأنظار تتجه الآن إلى الرياض حيث يتم عقد هذا الاجتماع على مدى يومين، منتظرين قرارات مهمة تصب في وضع الأمور والأوضاع في نصابها الصحيح، والاتفاق جماعياً على ما يعزز أمن المنطقة، ويحمي لبنان وقطاع غزة من حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل، والتوصل إلى مفاصل الحل العادل والشامل، ومنع كل ما يلقي بظلاله لإذكاء الفتنة والخلافات والصراعات والحروب على نحو ما هو مشاهد ومرئي منذ احتلال إسرائيل لفلسطين في العام 1948م وإلى اليوم.
* *
ومع كل التقدير لاهتمام المملكة، ومحاولاتها الدائمة لوضع حلول ومعالجات لقيام الدولة الفلسطينية، وتخليص لبنان من أزماته، بما في ذلك تأكيدها على دعم مؤسسات الدولة، وتمكينها من بسط السيادة على كامل أراضيها، فإن مسؤولية الدول المشاركة أن تتفق على قرارات مصيرية، تصب في هذا الاتجاه، ومتابعة تنفيذها، بعيداً عن الضغوط الأمريكية، وتهرُّب إسرائيل من الالتزام بقرارات الشرعية الدولية.