| مقـالات
وجاء في المخطوطة الإيرانية مانصه (1) :
حديث قتل عامر ربيعة بالأحساء وبوارهم وسبي نسائهم وذراريهم وأخذ أموالهم:
ذكر أهل العلم بذلك، انه لما تولى عبدالله بن علي على (الأحساء) وسارت عنه العجم، وبقيت معه منهم بقية قليلة، وكان عبدالله بن علي حين ملك أقر القرامطة واليمن بالبلد، ولم يخرجهم منها، ولا قتل أحدا منهم، بعثت القرامطة واليمن الى عامر ربيعة، واطمعوهم في البلد، وأقبلوا في خلق كثير وحلوا عليها، وارسلوا الى عبدالله بن علي يطلبون منه ان يعيد لهم ما كان لهم على عهد بقية القرامطة واليمن، فامتنع من ذلك فاجتمعوا ولبسوا السلاح، وجفجفوا الخيل وساقوا النعم قدامهم، وخرج اليهم عبدالله بن علي بمن معه، والتقوا بين النهرين محلّم وسليسل وقد قدمت عامر ربيعة الابل واقبلت الفرسان والرجَّالة تسوقها من ورائها، ويحملونها على أصحاب عبدالله بن علي لتدوسهم، فلما اقبلت وصار أولها في نهر (محلم) أمر عبدالله بن علي بضرب الدبادب والطبول والبوقات، وامر أهل الخيل ان يرجفوا عليها، وامر العجم ان يرشقوها بالنشَّاب، وان يضربوا وجوه الابل، ففعلوا ذلك فرجعت الابل على عامر ربيعة فداستهم، وحمل عليهم عبدالله بن علي واصحابه بالخيل والرجال من كل ناحية، فلم يفلت منهم صغير ولا كبير، غير رئيسهم احمد بن مسعر وغير ابي فراس بن الشباش كان نازلا فيهم، وكان احمد بن مسعر على فرس له شقراء جواد، فحصل هو وأبو فراس في حلة المنتفق المقارنة للبصرة، على صورة قبيحة من المرض وسوء الحال، فمنَّ عبدالله بن علي على الحُرم والذراري وخلَّى سبيلهم، ولم يمكن العجم منهم، وحصل له من غنائمهم اربعة الاف ناقة فيها، فحولها ورعاتها، واخذ من الخيل ارادته، وترك بقية المغنم للعجم والعسكر وذلك في سنة سبعين واربع مائة.
الخبر الذي حدا اكسك سِلار على الابتداء بالقطيف عند انحداره من البصرة الى الاحساء:
في نصرة عبدالله بن علي انما كان ذلك غضبا لكجكينا احد حجاب السلطان جلال الدولة ملك شاه بن بويه، لانه كان وصل الى القطيف في عسكر أكثره العرب فهُزم عسكره ونهب رحله على زمان يحيى بن عياش الجِذمي، وسبب ذلك انه كان رجل علوي يعرف بابن الزراد، يخدم كجكينا احد حجاب السلطان،واتفق له انه انحدر الى البصرة فلقيه بها رجال من اهل القطيف، من اصحاب الامير يحيى بن عياش صاحب القطيف، وجزيرة (أوال) فجرى بينهم وبينه الحديث فقالوا: لو ان السلطان يدفع الى صاحبنا مائتي فارس من العجم، كان يأخذ مدينة الاحساء بها وبمن معه، وكان يخطب بها للسلطان ويُحمل اليه من الاموال من اعمالها كل سنة، حملا كثيرا، فقال لهم ابن الزراد: انا افعل هذا واقوم به، واعتضد برجل بدوي يقال له غداف من اصحاب ابن مهاوش العقيلي، ومضى معهم الى (القطيف) واجتمعوا مع ابن عياش، وضمن لهم ذلك وانقذ ابن الزراد كتبه الى السلطان جلال الدولة والى نظام الملك، وعاد فلم يكن له منه ما ضمنه حتى اطمعه انه يستولى على تلك النواحي بهذه الحجة، وهون عنده ذلك وشرع كجكينا مع الوزير نظام الملك في التجرد والقيام بهذا الامر وينجز جواب الكتب ثانيا، فقال قد نفذنا كجكينا بذلك، فاكتب اليه بان يتلقاه اصحابه في البصرة، ويسيروا في خدمته، الى ان يصل اليه، ويجتمعان على التدبير، وعاد ابن الزراد هذا الى القطيف، ثم رجع وجاء الى بغداد، وجاء سعد الدولة الكوهراي، معه على هذه القاعدة، لمعاونته ومعاونة خطلخ على الكوفة وبني خفاجة، وانحدروا على ان يلحق بهم سعد الدولة ويقيم بالبصرة، لتسمع العرب بكونه هناك، فيحترمونهم ويخدمونه، لقربه وقرب عسكره منهم، ووصلوا الى واسط، وجاءهم غداف البدوي بمكاتبة تقدمت منهم اليه، واجتمعا وتحالفا، وتعاهدا على ان يكون المغنم مقسوما على احد عشر سهما، سهم للخليفة، وسهم للسلطان، وسهم لنظام الملك وسعد الدولة الكَوهَرَاي، والبقية أربعة أسهم لكجكينا، واربعة لأصحاب ابن مهارش، وانحدروا الى البصرة، واقاموا بها مدة، فلما عرفوا حصول سعد الدولة بواسط بنية الائتمام الى البصرة، خرجوا منها بعد أن وقع بينهم وبين الاشراف من وجوه ربيعة هيشة، واعتدوا في أربع مائة فارس من العرب والعجم سوى أتباعهم، وحصلوا مع غداف وجماعته، وقد تزودوا لِشَهرٍ استظهارا لقطع الطريق الى القطيف، وساروا حتى وصلوا موضعا يعرف بجبل (سنام) وهم يتوقعون ان المنتفق يسيرون معهم، وكانوا راسلوهم فوعدوهم وهم منهم على ثقة، فحين وصلوا جبل (سنام) قيل لهم: إن بطنا من العرب يعرف بقيس وقباث قد نزلوا على طريقهم طمعا فيهم، فتحقق عندهم الخوف منهم، ومن غدر البدو الذين معهم، وطال مقامهم في الطريق، حتى بلغت القوصرة التمر خمسة دنانير وسبعة واقل واكثر، وكذلك الشعير والذرة بالاسعار المتفاوتة، وخافوا من قيس وقباث ان يقصدوهم، فاجتمعوا وسروا ليلا ومعهم الدليل، فوصلوا بعد يومين الى قيس وقباث، فقاتلوهم يومهم، فلم يظفروا فعملوا حيلة بان جعلوا منجنيقاتهم وثِقَلهم من وراء تل، وامروا بضرب الطبول، وضرب البوقات، ونشر الاعلام، حتى كأنهم نجدة قد وصلت، فغنموا أموالهم وحلتهم، واجار كجكينا النساء والثقل وسيرهن الى اهلهن في ظعنهن وجمالهم، فشكر له قيس وقباث ذلك ، وارسلوا اليهم بعد ان ساروا يومين يشكرونهم ويعرضون عليهم الخدمة والمسير معهم، ويطلبون منهم الخلع، فبذلوا لهم ما التمسوه، وشكروا لهم ماقالوه، ووعدوهم ماطمعوا فيه، ورجوه وتعاهدوا وتواثقوا، وجاء متقدمهم في نحو من ثلاث مائة راكب على المطايا، وبأيديهم الحراب فجعلوا عليه وعلى نيف وعشرين من اصحابه، وعلى صاحب ابن مهارش وخمسة رجال كانوا معه وضمنوا لهم رد اموالهم بعد فراغهم من قصدهم، ورجوعهم الى البصرة، وساروا معهم يبتاعون منهم التمر والذرة بالثمن الذي يريدونه، ويطلبونه من غير مقاولة ولا مراجعة الى ان صاروا من (القطيف) على اربعة فراسخ، وراسلوا ابن عياش بوصولهم، فوجدوه بخلاف ما قيل لهم نافرا مما ذكروا ، فعلموا ان ابن الزراد قد كذبهم، وعاد جواب ابن عياش اليهم بان الذي استنفر مع هذا الغلام يعني ابن الزراد ان ينفذ الى السلطان بمئتي فارس من العجم، أكون انا متقدمهم وزعيمهم، اصرفهم على رأيي، واجريهم مجرى جندي،واما صاحب طبل واعلام فلا ولست آنس الى مخالطتك، ومشاركتك أيها الحاجب، يعني كجكينا ولا آمَنُ الاجتماع معك، ولا الالتقاء بك، وقد فعلت في معنى قيس وقباث ما أفسدتَ به نيات العرب عليك وعلي، وكسرت عرضي، وحصلت هاهنا كالسبع الذي في الأَجَمَةِ وحولها الأعداء، ولا يمكنك المقام، ولا العود فان أنت سلمت اليَّ من معك من الجند ورجعتَ، رددتُكَ الى البصرة سليماً، وقصدت أنا الأحساء وأعمالها، وأخذتها، وأقمت الخطبة بها، وجمعت أموالها، وبعثت بها الى السلطان، ووفيت بما ضمنته فيها، وإن أبيت ذلك، وأردت أن تكون أنت المقدم، فهذه البَرِيَّةُ بين يديك، فامض كيف شئت، وجرت بينه وبينه مراسلات أدت الى أن لبسوا السلاح وقصدوه، وجرت بينهم وبينه حرب قتل فيها أخوه وابنه وجماعة من هؤلاء وهؤلاء، وذلك في يوم الأربعاء، ورجعوا غانمين مستظهرين ذلك اليوم بعد أن أيقنوا بالهلاك، لكثرة من خرج من عساكر القطيف، وباكروا القتال يوم الخميس، فوردت عليهم الرسائل بالرغايب والتلطف مخادعة لهم ومخاتلة لم يتنبه علمهم اليها، وشرع ابن عياش في الحديث مع قيس وقباث ومنَّاهم على أن يغدروا بهم ففعلوا ذلك بكرة يوم الجمعة، فأخذوا احمالهم التي كانوا أخذوها منهم، وقد حملوا عليها زادهم وأثقالهم، واخذوا ايضا جمالهم التي كانوا عليها من البصرة، وجميع ماعليها من زاد وقماش، فبلغ الاعاجم ذلك فساروا وراءهم فخرج اهل القطيف الى معسكرهم فنهبوه واخذوه، ولم يظفروهم بالعرى، ولا كان لهم من خوف ابن عياش مرجع، فأتاهم شبانة أبو الشبانات فأقام معهم ولولاه ماتوا جوعا وعطشا، فعمد رئيسهم كجكينا فخلع على شبانة واصحابه وطيب نفوسهم ووعدهم ومناهم، وطلب منه ومن اصحابه احضار الزاد ليشتروا منهم كيف اقترحوا، فأرسل شبانة ولده الى اصحابه فاجتمعوا بهم، فاذا هم صاروا يشترون جلة التمر بثلاثين دينارا، او ثوب ديباج يساوي اكثر من الثلاثين، ويشترون منهم البعير بالفرس لان الجمال اقوى من الخيل، ولاعندهم زاد للخيل، فغنموا منهم غنايم كثيرة، وساروا على اقبح حال وأسوئه حتى بلغوا البصرة على هذه بعد الاشفاء على الهلاك، وذلك في سنة ثمان وستين واربع مائة، والامير عبدالله بن علي قد اشفا على ملك (الاحساء), انتهى بنصه.
ثم تعرض الشاعر لذكر بعض انتزاع ملك العيونيين ك (القاروت) احد ملوك العجم وغيره بما لاداعي للاطالة بذكره.
ثم ذكر استحواذ العيونيين على ملك بني العياش، وملك بني البهلول بقوله (2) :
فصار ملك ابن عياش وملك أبي البهلول مع ملكنا عقداً لنا نُظما |
اليم البحر وارتسم اي كبّر، ودعا الرعم الطمح، والدغم الكلام يقال هذا فيه رغم أي منازعة، والعكروت رجل من اهل (أوال) كانت فيه شجاعة، وابن عياش هو زكري بن يحيى بن عياش صاحب القطيف، وكان ملك (أوال) لأبي البهلول، فملكها عليه يحيى بن عياش، وصارت الى زكري بن يحيى بن عياش، وذلك أن زكري بن يحيى بن عياش حين قتل اخاه الحسن بن يحيى جهز سرية وسار بها الى (الأحساء) فلما بلغ قرية من سوادها تسمى (ناظرة) حل هناك، واغارت خيله، فأتى الصريخ عبدالله بن علي فركب، وخرج بمن معه من أولاده وأولاد أولاده، واهل بيته، وبني عمه وجنوده، وأهل بلاده، فالتقوا هناك فهزمت سرية زكري بن يحيى، ونهب رحله وانهزم، وتبعه عبدالله بن علي يأخذ فارس وفارسين وأكثر من ذلك، حتى بلغ القطيف، فلم يطمع زكري ان القطيف تمنعه، فعبر الى جزيرة (أوال) فتبعه الفضل بن عبدالله بن علي فقاتله بمن معه شيئا من قتال، حتى قتل الامير فضلا رجلا كان يقال له العكروت اشجع اصحاب زكري، فانهزم حينئذ زكري، وركب البحر وخرج منه الى (العُقير) واجتمع بقوم من البادية، فأقام معهم أياما حتى حشد حشدا كبيرا وجند جنودا من العرب، واغار بهم على القطيف، فلقيه عبدالله بن علي، فحمل على جموعه فهزمها، وقتل حينئذ زكري بن يحيى، واستقر ملك البحرين جميعا في يد عبدالله بن علي انتهى,ثم ذكر خبر ملك ابي البهلول العوام بن محمد بن يوسف بن الزجاج القيسي على جزيرة (أوال) بما سبق تفصيله قبل هذا.
وماورد في المخطوطة يكاد يتفق مع ما سبق ايراده، الا ان الكتاب الذي بعث ابو البهلول الى ابي المنصور بن يوسف صاحب ديوان الخلافة بطلب العون والمدد على القرامطة لم يرد في هذه المخطوطة.
الحواشي:
(1): ص 485 .
(2): ص 490 .
|
|
|
|
|