| مقـالات
** اليوم يوارى جثمان حافظ الأسد,.
يطوي صفحة من عمره,.
وترحل معه مرحلة تاريخية هامة كان يشكلها في سوريا التي ظلت وفية لقضية الضدية والعدائية مع إسرائيل,.
حتى وهي تشير موافقة لمبادىء السلام لكنها كانت في كل خطوة تومىء وهي بعيدة,.
تقف في منطقة نائية من الاقتراب من إسرائيل,, إلى أن تعي وتتفهم,.
وحتى تجعل لنفسها مساحة سانحة تؤهلها للنظر قصياً واستقصائياً لموقف إسرائيل ونياتها المبيتة,.
** وحافظ الأسد الذي لم يلتفت للغرب إلا بعد السقوط المدوي لأصدقائه الأقوياء السوفيت,.
هادن أمريكا وإسرائيل ولكن بطريقته الخاصة,, صحيح أن نكبة العراق وما فعله في العرب حين أحدث تجويفا هائلاً في جسد الأمة بفعلته النكراء حين أقدم على غزو الكويت وإرباك سياسات الدول العربية وتغيير ما كانت تخطط له,.
إلا أن سوريا هادنت ولكنها مهادنة الأقوياء فقد أحدثت قبل أيام نصراً معززاً في الجنوب اللبناني وظل الجيش السوري مناضلاً ضد كل شبر عربي متحدا بذلك مع اللبنانيين طارداً آخر فلول اليهود من الجنوب,, وجميل لحافظ الأسد أن يشهد هذا الفرح يتلون على وجوه جيل شاخ وهو يرزح تحت الاحتلال,.
تتهلل اليوم بشائر الفرح والحب في ملامحه وهو يرى قراه المحتلة طويلاً تستقيم قاماتها حرية وانتصاراً,.
** ولقد سمع الرئيس السوري عبارات الثناء والشكر تقابله أنى اتجه في أيامه الأخيرة.
** لقد نجح حافظ الأسد في رعاية شعبه وموطنه بعد رحيله حين وجههم الوجهة الصحيحة نحو الاستقرار وعدم الخوض في مجاهل التشتت والفرقة.
حتى وإن لم يصدر قراراً حاسماً في اختيار بشار الأسد كخليفة له لكنه أنهى مرحلة توجيه الرأي العام والخاص نحو ابنه بشار وإن لم يتمكن من استصدار قرار بذلك بالاجماع وهو على قيد الحياة.
لكن الشعب السوري وقد افتقد رئيسه الذي منح سوريا الكثير من مشاعر العزة والسؤدد والكرامة يشعرون بكثير من الولاء له ولرغبته ويشعرون بمدى صدقه معهم وحرصه على مصالحهم إذ اختار لهم ابنه بشار الأسد.
** والشعوب التي تنتقل فيها الولاية بعد موت زعيمها بهدوء وبتراض مسبقين هي الشعوب التي تضمن الاستقرار لأجيالها وتريح مختلفيها من التنازع والشقاق وإطلاق انهار الدم,.
ولقد كان المرجفون في قناة الجزيرة كعادتهم وبمجرد إذاعة خبر وفاة الرئيس السوري اصبحوا يتنبأون بأنهار الدم التي ستسبح فيها دمشق وكعادتهم أيضا نسبوا هذه الإشاعات السوداوية المرجفة والمقلقة والمثيرة إلى خبراء ومحللين لهم باع طويل في الواقع السياسي السوري,لقد جاءت الأمور في سوريا أهدأ مما توقعه أكثر المتفاءلين ولقد ساد وما زال يسود ويُنتظر أن يسود كثير من الحزن على رحيل الرئيس السابق وكثير من التفاؤل بمقدم الرئيس الجديد,, ومثلما يقول العقلاء ونقوله نحن، النظام ونوعيته ليست ذات أهمية في زمن أصبحت كل التجارب السياسية والأوعية التي يتم من خلالها الحكم,, قابلة للنجاح والفشل.
الأهم الآن من هو الذي يحكمك وأي مميزات يمكنه منحها لك كشعب وكم نسبة الاستقرار التي ستعود عليكم وعلى مقدراتك الاقتصادية والاجتماعية وكم هي نسبة الإصلاحات التي ستتوفر لك في المستقبل دون النظر لنوع الحكم,, وهذا ما اقتنع به السوريون ونظروا إليه بتعقل في مرحلة دقيقة تمر بها الشعوب في حقبتها التاريخية الحاضرة.
*عنوان الكاتبة البريدي ص ب 26659 الرياض 11496.
|
|
|
|
|