| الاقتصادية
في حلقة من برنامج وجها لوجه والتي خصصت لمناقشة موضوع هام من مواضيع الساعة والساحة الوطنية ألا وهو موضوع إلحاق عنصر العمل السعودي بفرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي، ولقد اكتسبت هذه الحلقة أهميتها من كونها تناقش موضوعا هاما للجميع ومن كونها قد جاءت في وقت يشعر فيه المواطن بنشوة النجاح الذي تحقق في اسواق الخضار على اعتبار انه النجاح الاول أو الخطوة العملية الاولى في مجال السعودة إلا ان المتابع المهتم قد أصيب باحباط كبير نتيجة لما آلت إليه الحلقة وعجزها عن خدمة هدفها الرئيس، ونتيجة لطبيعة الحوار وابتعاده عن خدمة موضوع الحلقة وعنوانها الرائع, بشكل عام لقد كان هنالك العديد من الملاحظات التي أدت الى احباط المتابع المهتم والتي يأتي في مقدمتها الآتي:
1 اتخذ البرنامج السعودة الخيار الوحيد عنوانا للحلقة ولكنه في الواقع قد فشل في طرح هذا الخيار على انه الخيار الوحيد حيث ابدع المشاركون في طرح معوقات تطبيق هذا الخيار ونواقص عنصر العمل السعودي دون الاجتهاد في طرح الآلية اللازمة لتطبيق الخيار وكأنهم بذلك لا يتفقون مع البرنامج في كون السعودة خيارا وحيدا واستراتيجيا لمستقبل هذا الوطن الغالي.
2 تعرض المشاركون في الحوار الى قرار مجلس الوزراء الموقر رقم 50 نادوا بضرورة تعديل القرار الذي حسب اعتقادهم ومعرفتهم لا يتسم بالديناميكية اللازمة لتصحيح الخلل, وهنا أرى ان من المفيد ان أعرض للقارىء الكريم بعض فقرات القرار رقم 50 حتى تتضح الصورة وحتى نزيل اللبس الذي ربما أودعه المشاركون في أذهان المشاهدين, نصت الفقرة رقم 2 من القرار على الزام كل منشأة تستخدم عشرين شخصا فأكثر بزيادة العمالة السعودية لديها بما لا يقل عن 5% من مجموع عمالتها سنويا, كما نصت الفقرة رقم 3 على امكانية تعديل النسبة المشار اليها اعلاه وفق ما يتوفر من أيد عاملة وطنية حسب طبيعة وظروف العمل ونسبة العمالة السعودية وذلك بالنسبة لأي منشأة او نشاط أو منطقة.
ونصت الفقرة ب من التوصية رقم 7 على ان من مهام لجنة متابعة تنفيذ القرار بحث تعديل نسبة العمالة السعودية التي تزاد سنويا والتوصية بالنسب التي تقترحها على ان يصدر التعديل بقرار من وزير العمل والشؤون الاجتماعية, ألا يتضح اذاً ان هذا القرار قد راعى الطبيعة الخاصة لبعض المهن والحروف والأنشطة الاقتصادية؟ ثم لماذا نذهب الى النهاية دون المرور بنقطة البداية خاصة اذا كنا فعلا نرى ان السعودة خيار وحيد؟ أي لماذا نسعى الى تعديل القرار والقرار اصلا لم يطبق والدليل على ذلك ان النسبة لا تزال دون خمسة في المائة بعد اكثر من خمس سنوات على صدور القرار والدليل ايضا ان التوصية رقم 5 من القرار والخاصة بحصر بعض الوظائف على السعوديين لا تزال مغيبة على ارض الواقع؟ واذا كنا في حلقة تلفزيونية تنادي بالسعودة كخيار وحيد، لماذا لا نكون اكثر جرأة في كشف اسباب عدم التطبيق كما نحن جريئون في ادعاء قصور القرار؟ سؤال كبير ربما تفسر الاجابة عليه التباطؤ الحاصل في احلال العمالة السعودية في فرص العمل المتاحة في سوق العمل السعودي.
3 حرص البرنامج على اعطاء بعض المشاركين الذين لهم رأي آخر حول عنصر العمل السعودي وقتا اكبر من الوقت المخصص للحلقة حيث تم اعطاء أحد رجال الأعمال وقتا كافيا لعرض تجربته الخاصة حول تدريب وتشغيل الأيدي العاملة السعودية وهنا قد لا يكون في الامر بأس شديد لو ان هذا المتحدث لم يجتهد في عرض نواقص الأيدي العاملة السعودية وعيوبها وكأنه بذلك يدعو الآخرين من رجال الأعمال الى عدم التورط في مثل ما هو فيه,, وسؤالي هنا هو ألم نكتف بالسيل العارم من التهم التي يكيلها الجميع لعنصر العمل السعودي حتى نتيح لهم الجزء الأكبر من الحلقة؟ سؤال خاص لسعادة الزميل الدكتور مقدم الحلقة.
4 اتصل الشاب أحمد الشمراني على ما اعتقد بالبرنامج وأوضح انه خريج الكلية التقنية تخصص الكترونيات، وأشار الى انه يعمل في شركة خاصة في مجال الادارة بدون عقد عمل وبمرتب شهري قدره 2000 ريال سعودي ومعه في نفس المجال احد الوافدين الذي يتقاضى راتبا شهريا قدره 2300 ريال وفق عقد العمل الموقع معه, هنا كنت أتوقع عند سماعي للسؤال ان يتحمس المشاركون في الدفاع عنه ومناداة الشركة الى تصحيح الوضع، ولكن المفاجأة كانت عندما قال أحد المشاركين هاه الموضوع فيه خلل كيف تعمل في مجال الادارة وانت خريج الكلية التقنية ؟,, يا سادة ألم أقل لكم بأن المشاركين كانوا يستخدمون سياسة الهجوم خير وسيلة للدفاع, لاحظ أخي القارىء كيف اغفل هذا المشارك ان السعودي يعمل من دون عقد عمل والأجنبي بعقد، السعودي يتقاضى راتبا زهيدا والأجنبي يتقاضى الأموال الطائلة, وكيف أغفل حقيقة الامر التي تقول إن الأجنبي أقل تكلفة من السعودي ثم لاحظ كيف حمل السعودي المسؤولية دون ان يشرك معه ادارة الشركة التي كلفته بالعمل في غير تخصصه ألم أقل مسبقا إن الحلقة قد فشلت في خدمة هدفها؟.
5 لقد فشلت الحلقة فشلا ذريعا في مناقشة قضية السعودة من جميع جوانبها وأبعادها المختلفة حيث ركزت كالعادة على الجانب الاقتصادي وأبعدت عن الحوار الأبعاد الأخرى، مثل البعد الأمني والبعد الاجتماعي والبعد السياسي والفكري وغيرها مما أفقدها جزءا كبيرا من قوتها الاقناعية خاصة في ظل عجز المشاركين عن فرض الخيار كخيار وحيد.
وأخيرا فإن العرض السابق لا ينقص الحلقة قيمتها ولكن اردنا ابراز الملاحظات كوسيلة لتقويم العمل القادم خاصة اذا كان ذا علاقة بموضوع وطني هام كموضوع السعودة.
* أستاذ الاقتصاد المشارك بكلية الملك فهد الأمنية
|
|
|
|
|