| القرية الالكترونية
تطرح بعض التساؤلات عن الجدوى وراء ايجاد موقع عبر الانترنت للمنشآت الربحية ليحصرها البعض في الدعاية والتعريف بالمنشأة ونشاطها وفتح قنوات جديدة للبيع وتقليص عدد مندوبي المبيعات مما يسهم في تقليص التكاليف التسويقية والبيعية.
ومما لا شك فيه ان الانترنت قامت باحداث تغيير هام ومتميز في مفاهيم الادارة والاستراتيجية بشكل خاص حتى أصبح تواجد الشركات عبر الانترنت من الأمور الهامة, وكثيرا ما يروّج لمبدأ الريادة واحراز التقدم التجاري عن طريق زيادة المبيعات وقنواتها والتي تعد الانترنت الأرض الخصبة لتطبيق هذا المبدأ, بل ان مزودي حلول التجارة الالكترونية يؤكدون على عامل البيع والنشاط المستمر الذي تضيفه الانترنت ولا تضيفه الأساليب التقليدية الأخرى.
فكثيرا ما يطرق اسماعنا عبارات مثل قم بزيادة مبيعاتك وادخل مجال التجارة الدولية، قم بالبيع لمدة 24 ساعة في اليوم، وظف رجال مبيعات بدون رواتب، قم بزيادة ثروتك أثناء نومك وكل هذه العبارات تركز على جانب واحد وهو جانب استراتيجي بحت ألا وهو ما يسمى بتحليل قوة البيع Vendor Power وتتم هذه العملية عن طريق زيادة من يقومون بتوزيع بضاعتك وبيعها, ففي حالة امتلاكك لمصنع يقوم بتصنيع منتج معين ولديك عدد قليل من البائعين تعد هذه الظاهرة خطرا ممثلا في العدد القليل للبائعين بل ان تقليل الخطر قد يكون بزيادة عدد البائعين.
ومن وجهة نظر مماثلة هناك ما يسمى بقوة الشراء Bargain Power فهذه القوة تزداد كل ما ازداد عدد الموردين لهذا المصنع وتقل القوة كل ما قل عدد الموردين, وان طموح كل منشأة هادفة للربح ان تزيد من قوة البيع وقوة الشراء أو المحافظة على توازن القوى وهذا بالطبع جزء مما يسمى بتحليل الصناعة Industry Analysis .
لكن مزودي حلول التجارة الالكترونية ومروجيها الذين ينادون بزيادة قنوات البيع والبيع الفوري والآلي للخدمات والمنتجات قد يصابون بخيبة أمل عندما لا يحقق الهدف المنشود وهو نجاح البيع الآلي اذ ان المنافسة أضحت قوية في مجال تداول السلع عن طريق الانترنت، فعندما نستعرض النتائج المقدمة من محركات البحث في حالة بحثنا عن مصنع أو مورد لسلعة معينة نجد ان حصرها قد يستغرق الوقت الطويل, فالانترنت عالم بلا حدود نجد فيه الأقوياء والضعفاء الكبار والصغار مما يحد من نجاح الضعيف وتطور الصغير.
وان نجاح التجربة من الناحية الاستراتيجية قد لا يكون فقط مرهوناً بزيادة المبيعات أو زيادة قوة البيع كما في مثالنا السابق، بل قد يكون بزيادة قوة الشراء والذي قد يغيب عن أذهان الكثيرين، بل ان تجربة احدى الشركات لتجسد مصداقية هذه الواقعة، حيث قامت احدى الشركات الشرق أوسطية بإنشاء موقع مختص ببيع أجهزة الحاسب الآلي عن طريق الانترنت.
وكانت الدراسة المبدئية للمشروع تؤكد نجاحه فأسعار الأجهزة منافسة جدا وامكانية قبول بطاقات الائتمان متوفرة أما هاجس الكثيرين وهو مدى مصداقية الموقع وضمان الحد الأدنى لأمن المعلومات فقد تم تغطيته بشكل جيد ناهيك عن ما بذل من جهد لتسويق هذا الموقع، وكانت النتائج المتوقعة أخذت بتفاؤل فلم يحقق الموقع النتائج المتوقعة، بل لم تكد تكون هناك أي مبيعات تذكر، بل ببساطة كان الأداء مخيبا لكل الآمال، ولكن من ناحية أخرى لم تؤخذ بالحسبان أيضا كان هذا الموقع مستهدفا من قبل الشركات المصنعة والتي تهافتت لعرض منتجاتها لتقدم أيضا ما هو جديد في نفس المجال، بل ان الأسعار كانت منافسة جدا, فبلا شك ان الجهد الذي يبذل حاليا للحصول على مصادر المعلومات الخاصة بمنتجي سلعة معينة أقل بكثير من الجهد الذي بذل في السابق ولعل الانترنت أسهمت في ذلك بشكل واضح.
وباختصار شديد ان ما تقدمه التجارة الالكترونية من خدمات قد لا ينحصر في زيادة المبيعات أو قنواتها أو في تخفيض المصاريف البيعية والتسويقية أو العمل لساعات أطول، بل قد تسهم في تحقيق نتائج أفضل في الحصول على المصادر المناسبة في حالة قرار الشراء للمواد الأولية أو المخزون السلعي الذي نراه جانبا مهمشا في حالة ترويج التجارة الالكترونية، حيث بالامكان استخدام التجارة الالكترونية لتخفيض تكاليف المشتريات والبحث عن المصادر الجديدة وهذا في نهاية الأمر سينعكس ايجابا على الأداء المالي وهامش الربحية لأي منشأة كما في حالة استغلالها لزيادة المبيعات أو تخفيض تكاليفها.
* مدير تطوير الأعمال أول نت الفيصلية
|
|
|
|
|