| القوى العاملة
* جاء الاسلام الحنيف عقيدة صادقة وفي نفس الوقت جاء ليكون شريعة ومنهاجا صالحا للعمل في كل زمان ومكان الى ان يرث الله عز وجل الارض ومن عليها نهاية هذا الكون الذي حير الكثير بأسراره وعجائبه ومداه.
وفي اطار عنوان مقالنا هذا نود التأكيد بأن ما ورد في القرآن الكريم والسنّة الثابتة من قواعد الاحكام هي قانون إلهي خالد لا يتغير ولا يتبدل مع مرور الزمان إنا نزلنا الذكر وإنا له لحافظون وذلك اما لان القاعدة الحكيمة صالحة بذاتها للتطبيق في كل وقت او لانها قابلة للاجتهاد بما يجعلها تتناسب مع مرور الازمنة والاوقات، اما القواعد الحكمية بالقانون الوضعي فإن قواعده لا تتمتع بالاستمرارية والدوام بل يعتريها التعديل والالغاء من حين لآخر حسب تطور او تراجع الاوضاع التي تحكمها تلك القواعد، إلا انه يستثنى من ذلك تلك القواعد المستندة في مصادرها واساسها الى امور ثابتة كالقواعد القانونية ذات الاساس الاسلامي وهي تلك القواعد التي اقتبست من مصادر اسلامية سواء من القرآن الكريم او السنّة الشريفة وهي قواعد ذات مجالات متعددة في الادارة والسياسة والشؤون المدنية والعسكرية، اذ ان هناك شبه اجماع بأن كثيرا من احكام القانون الفرنسي الذي يعتبر اساس القوانين الوضعية الذي وضع في عهد الحاكم الفرنسي نابليون بونابرت اقتبست من قواعد الفقه الاسلامي عندما كانت السيطرة للدولة الاسلامية على جنوب غرب اوروبا والمعروف بأسبانيا في الوقت الحاضر.
وسوف نورد الآن بعضا من هذه القواعد او النظريات القانونية وهي:
* عدم التعسف في استعمال الحق:
تعني هذه القاعدة الخروج عن المجال المشروع لاستعمال الانسان او المواطن لحقه او ما هو مختص بملكيته فمتى استعمل الانسان حقه استعمالا مشروعا فانه لا يكون مسؤولا عما يترتب على ذلك من اضرار للغير، اما اذا حدث العكس بأن استغل الانسان ملكيته او احقيته لامر ما او استغل صاحب القرار هذا الحق في سبيل الاضرار بالآخرين فان هذه القاعدة القانونية تنطبق عليه بحيث يعتبر تصرفه تعسفا وليس استعمالا مشروعا يترتب عليه وقوعه في الخطأ ومن ثم مساءلته.
ومن الحالات التي قد تحدث في هذا الاطار ما يلي:
أ اذا كان قصد مالك الحق من استعمال حقه هو الاضرار بالغير فقط.
ب اذا كانت المصلحة التي يهدف اليها صاحب الحق من استعمال حقه لا تتناسب من حيث الاهمية مع ما يصيب الغير من ضرر.
ج اذا كانت المصلحة المستهدفة من صاحب الحق غير مشروعة.
* العقد شريعة المتعاقدين:
تهدف هذه القاعدة الى احترام الانسان الطبيعي او المعنوي لكلمته وتعهده عندما يبرم اتفاقا مع طرف آخر، حيث ورد الامر بذلك في قول الله عز وجل يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود,, الآية.
* الكتابة في المعاملات التجارية:
في مجال القانون التجاري تعتمد المعاملات التجارية على العديد من المبادىء في حرية الاثبات ومن اهمها الكتابة وقد ورد الامر بذلك في القرآن الكريم قبل قرون من تدوين ذلك في القواعد الوضعية حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: ولا تسأموا أن تكتبوه صغيراً أو كبيراً إلى أجله ذلكم أقسط عند الله وأقوم للشهادة وأدنى ألا ترتابوا إلا أن تكون تجارة حاضرة تديرونها بينكم فليس عليكم جناح ألا تكتبوها,, , الآية.
*عقوبات عادلة:
في مجال قانون العقوبات نرى ان الاسلام الحنيف قد حدد عقوبات ابدية للجرائم الكبيرة مثل القصاص للقاتل المتعمد والرجم او الجلد للزاني، ومع مرور الوقت بين حكمة التوجه الاسلامي اذ نرى كثيراً من الدول التي انتقدت عقوبة القصاص او الإعدام ترجع عن رأيها هذا وتقرر العمل بهذه العقوبة.
* الجدارة في شغل الوظائف:
وردت هذه القاعدة في كثير من انظمة الموظفين بدول متعددة ومنها نظام الخدمة المدنية في بلادنا والتي تأتي في نطاق القانون الاداري، وفحوى هذه القاعدة ان ذوي الكفاءة العلمية والعملية والفنية والاجتماعية حسب طبيعة الوظائف العامة هم الاولى بشغل هذه الوظائف، ويعتبر هذا المبدأ هو آخر ما تم التوصل اليه من معايير لشغل الوظائف العامة بعد عدة مراحل كانت الوظيفة العامة فيها تشغل بمعايير شخصية كالارث والتملك او بمعايير غير موضوعية كالمحسوبية ونحوها، وبالمقابل نرى ان الدين الاسلامي قد اقر هذا المبدأ السامي منذ اكثر من اربعة عشر قرنا، عندما جعل القوة والامانة شرطين للتوظيف في قول الله سبحانه وتعالى عن احدى ابنتي شعيب عليه السلام في رسول الله موسى عليه السلام: يا أبت استأجره إنّ خير من استأجرت القوي الأمين .
* حقوق الانسان:
صدر الاعلان العالمي لحقوق الانسان سنة 1945م الذي نص على لكل انسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة بالاعلان دون تمييز بسبب العنصر او اللون او الجنس او الثروة واذا كان هذا الاعلان هو مصدر اعتزاز وافتخار واضعيه، فان الاسلام قد ارسى قواعد هذا المبدأ منذ ظهوره حيث اورد القرآن الكريم قول المولى جلت قدرته يا أيها الناس إنا جعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله اتقاكم وورد في السنة المطهرة قول الرسول محمد صلى الله عليه وسلم في خطبته المشهورة بحجة الوداع يا ايها الناس ان ربكم واحد وأبوكم واحد كلكم لآدم وآدم من تراب لا فرق لعربي على اعجمي ولا لأحمر على اسود إلا بالتقوى .
هذا والله ولي التوفيق
|
|
|
|
|