| مقـالات
استعرضنا فيما سبق العوامل المؤدية إلى التصحر وذكرنا أنه لكي يمكن إيقاف التصحر لابد من أن نتخذ إجراءات علاجية سريعة، ومن ثم العمل على تنفيذ إجراءات وقائية تكون فعالة على المدى الطويل في إيقاف التصحر ومنع حدوثه, واليوم نختم كلامنا في هذا الموضوع الحيوي الهام بذكر تصور مستقبلي لما يمكن تنفيذه في المملكة العربية السعودية من آليات تعمل على منع حدوث التصحر, وحتى يمكن وضع هذا التصور موضع التنفيذ من المهم أن نخطط لعمل ما يلي:
1 العامل على إيجاد آلية نشطة لتنسيق الجهود بين مختلف الجهات العاملة في مجال المحافظة على البيئة والموارد الطبيعية في المملكة، لتوحيد مسار هذه الجهود وزيادة فاعليتها.
2 العمل على تلاقي الاقتصاديين والإيكولوجيين وضع قواعد التنمية المستدامة بحيث يمكن تبني موقفا يصبح فيه استثمار الموارد واستخدامات التقنية الحديثة، وسياسة المؤسسات الاقتصادية موجهاً نحو تأمين احتياجات المستقبل بنفس قدر تأمينه لاحتياجات الحاضر, إذ طالما ظلت المؤسسات الاقتصادية والمخططة للنمو الاقتصادي منفصلة في نظرتها وقرارها عن المؤسسات المخططة للبيئة والمحافظة على الموارد الطبيعية، فإن السياسة التنموية ستظل بالضرورة مبنية فقط على الآليات والسياسات الاقتصادية البحتة، وهو نفس الموقف السلبي الحالي الذي أدى إلى حدوث المشاكل البيئية الراهنة.
ولاشك في أن مبدأ التنمية المستدامة يمثل اتجاها يعتمد تنفيذه على الادارة الحاسمة لصانعي القرار في أي دولة من جهة، وعلى مدى توافر سبل التقدم العلمي والتقني من جهة أخرى، ويجب أن نؤكد أن التنمية المستدامة القائمة على أسس عملية قابلة للتطبيق هي الطريقة الوحيدة المتاحة حاليا لمواجهة التحدي الذي يواجهنا، ونحن نقف على عتبة القرن الحادي والعشرين، وهو كيف نتعامل مع النظم البيئية، والموارد الطبيعية، بحيث تؤدي دورها في المحافظة على النظام الاقتصادي ودعمه كمصدر فعال في ضمان رخاء الإنسان ورفاهيته، في الحاضر والمستقبل، ونمنع استنزافها وتدهور البيئة وتلوثها في نفس الوقت.
3 الأخذ بأساليب التقنية الحديثة لدفع عملية إكثار الأنواع النباتية والحيوانية تحت الأسر الإسراع في إعادة توطينها في مواطنها الطبيعية مثل مزارع الانسجة النباتية وآليات الإخصاب الصناعي ونقل الأجنة وحفظها في بنوك الأجنة وتشجيع تقنيات التوأمة والاستنساخ والأم البديلة,,, إلخ, بما يرفع كفاءة عمليات الإكثار ويسرع منها.
4 اتباع الوسائل التقنية الحديثة في أعمال مراقبة المناطق المحمية والأنواع الفطرية الموجودة فيها ورصد التغييرات التي تطرأ عليها بما في ذلك وسائل الاستشعار عن بعد، والمراقبة عن طريق الأقمار الصناعية.
5 بناء الوعي العام لدى المواطنين وإحداث تغييرات جذرية في بعض التقاليد الاجتماعية المتوارثة المتعلقة باستخدام الموارد الطبيعية، التي تؤدي إلى تدمير النظم البيئية بما في ذلك الاحتطاب الجائر، والرعي الجائر، واستباحة الموارد الطبيعية العامة وذلك عن طريق تكثيف حملات التوعية البيئية وجهودها، والتنسيق بين جميع الجهات العاملة في هذا المجال.
ويبقى الأمل في المستقبل بأن تؤدي جهود التوعية والإعلام البيئي دورهما في إدخال فكرة المحافظة كمبدأ في عقول الناس، فمن المعروف كما يقال دائما إن العقل البشري الذي يتمدد ليستوعب فكرة جديدة لا يعود فينكمش إلى حجمه الأصلي مرة أخرى, ومن المهم إذن أن نغرس في عقول المواطنين، خاصة النشء والشبيبة منهم، أن المحافظة على الموارد الطبيعية في بلادنا وإعادة تأهيل ما تدهور من مواطن طبيعية ونظم بيئية هي بالإضافة إلى كونها مطلب وطني فهي ضرورة إيكولوجية لا مفر منها، وأن علينا لتحقيق ذلك أن نقوم بتطوير تصورات لقيم جديدة في التعامل مع الأرض والحياة الفطرية واستهلاك الموارد الطبيعية معتمدين في ذلك على مبادئ ديننا السمح القويم وشريعتنا الغراء.
كما أننا نحتاج إلى إيجاد تعاون وثيق، ليس فقط بين المؤسسات العاملة داخل الدولة، وبين الحكومة والمواطنين، وإنما أيضا بين الدول في المنطقة، لترشيد التنمية لتصبح تنمية حافظة متوازنة مع البيئة بقدر الإمكان, ومن المهم لنا أن نتبنى سياسة التخطيط المتكامل التي تؤدي إلى وضع وتطبيق استراتيجية للتنمية تكون مقبولة سياسيا واجتماعيا وقابلة للتطبيق اقتصاديا، بحيث يتم فيها تكامل وتناغم الأهداف الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لما فيه مصلحة الوطن والمواطنين.
*الأمين العام للهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها
|
|
|
|
|