| الاقتصادية
نظراً للتطورات المهمة والشجاعة التي تنتهجها حكومة خادم الحرمين الشريفين وشروعها بالمضي بفتح باب السياحة وإنشاء هيئة حكومية خاصة بها (الهيئة العليا للسياحة) وبرئاسة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز وتحت مسؤولية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان امينا عاما وبمرتبة وزير، فيتطلب من جميع المهتمين المساهمة بالأفكار والاقتراحات التي تساهم في نجاح هذه الصناعة والحد من المساوئ والسلبيات الناتجة عن فتح هذا المجال.
إن مفهوم السياحة ليس إظهارا لما لدى البلد من نفائس وكرم الضيافة فقط، بل هي صناعة تستفيد منها ومن عوائدها الكثير من بلدان العالم بما في ذلك دول الشرق الأوسط وحتى دول مجلس التعاون الخليجي، وهناك من البلدان التي استفادت من السياحة بطرق شتى وعلى مدار العام مما ساهم في تنويع مصادر الدخل لها وحثها في تطوير امكانياتها السياحية بما لديها من معالم اثرية وتاريخية أو شواطئ أو أماكن ترفيهية وكل ما يجذب السائح.
وبسبب المنافسة الحادة بين البلدان السياحية فإنه لا يكفي لأي بلد ان يجند وزارة أو هيئة السياحة وجزءا من الاعلام كي تنجح سياحيا, بل عليها ان تشجع القطاع الخاص للاستثمار في جميع أو اغلب الخدمات المتخصصة في مجال السياحة، ومن المهم جدا أن تقوم وزارة او هيئة السياحة بتطوير مفهوم السياحة ووضع السياسات والانظمة اللازمة لتشجيعها وعمل حملات تثقيف وتوعية سياحية مكثفة في بلدها أو للمواطنين بما فيهم الجهات الحكومية ذات الصلة، وذلك لاضفاء صورة سياحية حضارية عن البلد.
البنية التحتية :
إن المملكة العربية السعودية لديها جاهزية طيبة لاستقبال اي عدد من السياح وفي أي وقت من اوقات العام حيث ان لديها مطارات حديثة، وشبكة طرقات وخدمات نقل برية في الغالبية بمستوى متطور وخدمات بنكية تضاهي المستويات العالمية, اما الفنادق ووسائل الاتصال ومجمعات التسوق والمراكز الصحية فهي لا تختلف كثيرا عن أي من نظيراتها في دول العالم المتحضرة، كل هذا مدعوم وبشكل اساسي بنظام امني مستقر ومطمئن يضمن السلامة لكل الزائرين، إلا انه ينقصنا الخدمة المكملة لهذه البنية التحتية مثل الآتي:
إنشاء استراحات )Motels( متكاملة الخدمات على الطرق السريعة متميزة في التصميم وتنسيق أماكن الخدمات مع العمل على وضع نظام يضمن نظافتها على مدار العام ويحافظ على مستوى عال من الخدمة.
تشجيع الاستثمار في مطاعم الوجبات السريعة على الطرق السريعة لاسيما تلك التي تحمل اسماء عالمية.
تطوير الترفيه العائلي وذلك بانشاء الاماكن الترفيهية من منتزهات ومدن ترفيهية والعمل على تشجيع المستثمرين لتطوير المشاريع الحالية والتي ينقصها الكثير وخاصة في مجال التنويع والجودة في الالعاب وصغر المساحة وتدني مستوى الخدمة وانعدام الشخصية في المباني.
تسوير اراضي الفضاء داخل المدن حسب القرارات الحكومية المعتمدة سابقا.
رفع مستوى الرقابة من قبل الجهات الحكومية المختصة على المطاعم والاسواق المركزية والمحلات التجارية لتفادي عمليات التسمم والغش في السلع خاصة المشغولات الذهبية منها.
إزالة الكتابات من على الجدران التي تعكس مظهرا غير حضاري.
المهرجانات التسويقية:
تعمدت البلدان بتخصيص اوقات من العام لاقامة المعارض السياحية والصناعية او مهرجانات التسوق وخلافها او المناسبات الرياضية, وهذا اجمالا يجذب السائحين من جميع المستويات ويقوي الصلات التجارية ويدعم التجارة الداخلية وبالامكان الاستفادة من مثل هذه المناسبات بقيام الهيئة العليا للسياحة بدعم المناسبات والمهرجانات بشكل يضمن قيامها بشكل جماعي وليس بشكل منفرد وتكون بأسلوب حديث ومتنوع ولفترات محددة مدعومة بأسلوب دعائي قوي وبمشاركات ملموسة على غرار مهرجان دبي للتسوق, ويفضل ان تقوم هيئة السياحة بالمملكة بتنظيم هذه المهرجانات بطريقة حديثة تضمن الآتي:
عدم وجود مهرجانين كبيرين في مدن مختلفة بنفس الفترة.
الاعداد الجيد والمشاركة الفعالة من جميع مجالات القطاع الخاص بحيث تكون العروض والخصومات جذابة وجدية، وتكون هذه المهرجانات مدعومة بمسابقات وسحوبات على هدايا عينية ويكون بعضها منقولا على الهواء مباشرة وبشكل يومي طول فترة هذه المهرجانات.
توفير الدعم الدعائي المكثف في القنوات الفضائية وفي الجرائد والمجلات المتخصصة.
تسهيل الحصول على التأشيرات السياحية واستقبال السائحين من المطارات مع دراسة فكرة تقديم فيزة لركاب الترانزيت.
الحصول على شركات قوية يمكن ان ترعى المهرجانات تتميز بقدرتها على تقديم العروض والخصومات المتميزة وتحمل عبءاً من مصاريف الدعاية والاعلان.
وجود معارض تجارية وسباقات للخيل والهجن ورحلات الى الصحراء بنفس الوقت.
وضع برامج توعية للمواطنين تسبق وقت المهرجانات حتى يكون هناك تعاون فعال بين المواطنين والدولة لتظهر المهرجانات بالمستوى المشرف.
الخدمات :
يجب ان يرقى مستوى التطوير السياحي الى المستوى العلمي, فالدليل السياحي الناطق باللغة الانكليزية او بلغات اخرى هو السفير الذي يعكس صورة واقعية عن الامة التي ينتمي إليها فهو بحد ذاته جزء كبير من الدعاية والاعلان ومن الواجب العناية بتثقيفه وتدريبه, كذلك العمل على زيادة الخدمات الاخرى في الفنادق والمكاتب السياحية التي تقدم عروضا وخدمات خاصة بأسعار تشجيعية، ايضا قيام مؤسسة النقد السعودي بحث البنوك على تسهيل عمليات الصرف وتشجيع استعمال بطاقات الائتمان )Credit Cards( في مراكز التسوق وذلك بتخفيض عمولة البنوك، ولرفع مستواى الخدمات إلى تطلعات السائحين يجب انشاء المكاتب السياحية الارشادية الصغيرة والتي يجب ان تنتشر في كافة انحاء المملكة ومكاتب الطيران التي تقدم العروض المغرية من خصومات او برامج المسافر المتكرر )Frequent Flyer( على سبيل المثال كل هذا مضافا إليه بعض التسهيلات بحيث لا تتعارض والتعليمات الاسلامية والعادات والتقاليد لبعض الامور كل هذا سوف يرقى بمستوى السياحة إلى الدرجة التي نتطلع لها.
تكملة اللوحات الارشادية (عربي/ انكليزي) داخل المناطق وعلى الطرق السريعة مع توضيح الاماكن السياحية.
تحسين مستوى الشوارع داخل المناطق وكذلك الطرق التي تربط بعض المدن المتوسطة والصغيرة المساحة.
تشجير الطرق السريعة خصوصا التي عند مداخل المدن بأشجار لا تحتاج للماء كثيرا.
إعداد الخرائط (عربي/ انكليزي) لجميع المدن الكبيرة وتوضيح الاماكن السياحية فيها او تسويق الموجود منها بطرق افضل.
إنشاء المنتجعات الصحية حول المياه المالحة والمياه الكبريتية مثل المواقع الموجودة في القطاع الجبلي في منطقة جازان والعيون في منطقة الاحساء والعمل على تسويق هذه المناطق.
استغلال الجزر داخل البحر الاحمر والتي هي امام مناطق املج والوجه وظبا وحقل وفرسان والتي عددها يزيد عن (250) جزيرة وذلك بعمل مشاريع سياحية فيها.
استغلال الصحراء والمناطق الرملية للسياحة حيث تجتذب هذه المناطق العديد من السياحة الفردية.
إدخال الخدمات البسيطة في المواقع الاثرية والتي تزيد عن (4000) موقع في المملكة.
لدى المملكة بمساحاتها الكبيرة وموقعها المميز ومنافذها المائية مناطق سياحية خلابة قلما تتوفر في بلد واحد, فامتداد الشريط الساحلي على البحر الاحمر وحده كاف لاجتذاب كل من يقدر متعة الغوص سواء كانت للمتعة او للرياضة او حتى للبحث العلمي, وما نحتاجه هو الانتباه لما لدينا من معالم اثرية غنية ومناطق استجمام وعلى رأس القائمة ما يميزنا من عادات وتقاليد مهمة لنا ومختلفة عن اغلب دول العالم بأصالتها والتي بالامكان استغلالها لتعطي اجمل الصور التي ستكون محط اهتمام انظار السائحين حتى بأصغر جزء فيها, ان ما يجب علينا فعله ايضا علاوة على ما ذكر اعلاه انشاء عدد من المتاحف، تجهيز منتجعات في المرتفعات الجبلية وتأسيس مدن بحرية صغيرة واعداد )Marina( مرفأ للافراد والقوارب البحرية الصغيرة وذلك للالعاب المائية, هذا ليس فقط لجذب السائحين بل لجذب المستثمرين ايضا والذين سيرون بمثل هذه الاستثمارات فرصة فريدة لا تتكرر.
البيئة والطبيعة:
على كافة المواطنين ان يكونوا على درجة من الوعي لاهمية البيئة الخاصة للمملكة, فهي مختلفة عن اغلبية بلدان العالم إذا لم تكن فريدة من نوعها, فنحن جميعا مطالبون بأن نحافظ عليها غير ملوثة وغير مستهلكة ليس فقط للسياح بل للاجيال القادمة ايضا, ومن باب الحرص فيتطلب من الجهات المختصة حماية البيئة بسن القوانين ومتابعة تنفيذ ما اعتمد منها والتي تضمن نظافة البيئة في بلدنا مثل الآتي:
ابعاد المصانع من داخل المدن إلى المدن الصناعية.
وضع الضوابط لمنع اصحاب السيارات من رمي اعقاب السجائر والفضلات في الشوارع وذلك بفرض الغرامات المالية للمخالفين.
منع السيارات القديمة والتي تبعث بالدخان المكثف من السير داخل المدن.
منع رمي مخلفات البناء وخلافه قرب المدينة او قرب الشواطئ البحرية.
منع سيارات الاجرة من السير داخل المدن عندما تكون بها صدمات بالغة.
ايجاد حلول جوهرية لمشاكل الصرف الصحي خاصة في المدن الكبيرة.
تكملة شبكات الصرف الصحي ومياه الامطار في المدن الكبيرة وفي الاماكن السياحية.
أيضا يتطلب من هيئة السياحة التنسيق مع الجهات الحكومية الاخرى او مع القطاع الخاص عمل الكثير من اللمسات المتممة للخدمات مثل ما يلي:
انشاء مجلة متخصصة بالسياحة وتكون شهرية وباستثمار من القطاع الخاص.
وضع برامج تلفزيونية وبرامج في الراديو خاصة بمواضيع السياحة.
- توفير خدمات الصرافة داخل المجمعات التجارية وحث المحلات التجارية على قبول بطاقات الائتمان حتى في المبالغ البسيطة.
تدريب رجال الشرطة والمرور والجوازات على كيفية التعامل مع السائحين ورفع مستوى اللغة الانكليزية لديهم.
الاهتمام بمواقف السيارات وفرض مواقف للمعاقين عند المجمعات والاسواق التجارية.
تخصيص كاونتر في جوازات المطار خاص للسائحين مع تسهيل دخولهم الى ابعد حد ممكن.
تسهيل تنقل الحجاج والمعتمرين من مكة المكرمة والمدينة المنورة إلى باقي مدن المملكة والعمل على تشجيع العروض والخصومات لهم في الفنادق والمطاعم ووسائل النقل.
البناء المتكامل:
بما أن العالم ينظر الى السياحة كاستثمار يتنامى يوما بعد يوم، لذلك فإن هذه الحقيقة عكست اهمية تطوير البرامج لهذا الغرض وتدريب الافراد للوصول إلى المستوى العالمي المطلوب, وبالامكان استغلال هذه الصناعة الحديثة بتدريب الشباب السعودي للدخول فيها حسب الاقتراحات التالية:
إضافة تخصص السياحة في مرحلة الدراسة الجامعية وكذلك وضع موضوع السياحة من ضمن دروس المراحل الابتدائية الى الثانوية.
حث الغرف التجارية باعداد الدورات القصيرة (أقل من ثلاثة اشهر) في جميع المجالات السياحية بعد التنسيق مع الجهات ذات العلاقة.
حث القطاع الخاص بتشغيل الشباب السعودي وبشكل جدي في مجالات الفندقة والترفيه والمطاعم والخدمات السياحية الاخرى.
إنشاء معاهد متخصصة في التخصصات الفندقية والمطاعم والتخصصات الفنية الاخرى في صناعة السياحة وذلك لخريجي الابتدائية والمتوسطة والثانوية وذلك لتقديم دورات متخصصة ومكثفة ولمدد قصيرة.
الحملة الإعلانية والإعلامية:
إن السياحة بأمس الحاجة لحملات الدعاية والاعلان, ومكاتب طيران الخطوط السعودية والسفارات والملحقات التجارية والثقافية والاسلامية يجب ان تكون أول المعنيين بهذا الامر ويجب دعمها بمكاتب إعلام سياحي خاصة في الدول الكبيرة, وبالإمكان اقتراح الآتي لاستغلال هذه المنافذ:
إعداد اشرطة فيديو واسطوانات مدمجة )CD( عن الاماكن السياحية بالمملكة وتزويد هذه المكاتب بنسخ منها، أما إن وجدت فيفضل تسويقها داخل وخارج المملكة بأسعار تشجيعية.
تنفيذ فيلم وثائقي يوضح اهم المعالم السياحية بالمملكة ويصلح عرضه على متن طائرات الخطوط السعودية.
قيام الهيئة العليا للسياحة بإعداد برامج لعمل زيارات لبعض الدول للتعريف بالسياحة.
- اعداد محلات دعائية اثناء فترة المهرجان يمكن الاعلان عنها في المحطات الفضائية بما في ذلك الCNN وANN.
مشاركة المملكة بمعارض السياحة العلمية بالمستوى الذي يتناسب وحجم هذه المعارض.
توفير مكتب استعلام سياحي داخل مطارات المملكة وعلى الطرق السريعة.
دخول القطاع الخاص ممثلة بمكاتب السفريات في المملكة بعلاقات تعاون قوية مع مكاتب السياحة في الدول العربية وأمريكا وأوروبا.
ويمكن الاستفادة ايضا من السياحة في الدعوة الى الاسلام بطريقة غير مباشرة وكذلك لتغير المفهوم الخاطئ عن الاسلام والصورة السيئة التي تحاول الكثير من الجهات تشويهها وذلك بربطها في الارهاب.
صفحة الإنترنت:
بهذا العالم الذي يمنح الاتصالات الاهمية الكبرى لابد لنا من ان نرقى الى مستواه, فبفضل الاتصالات اضحت الانترنت في كل بلد وكل شارع بل يتوقع لها خلال سنوات بسيطة ان تكون تقريبا في كل بيت, بناء عليه يجب علينا الاستفادة بالدرجة القصوى من الانترنت التي دخلت كل مجال وذلك لانشاء صفحة شاملة عن المملكة موقعها الجغرافي، لغتها (لغة القرآن)، تارخيها، المناطق الاثرية والسياحية فيها، ثقافتها، مجتمعها، أسواقها، مناخها، عاداتها الاجتماعية ما هو مألوف وما هو مستهجن ما تفعله ومالا يجب أن تفعله )do and don't( ما هو مطلوب من المسافر من أوراق,,, الخ,, وتكون هذه الصفحة بعدة لغات, ويمكن الاستفادة من صفحات الانترنت للبلدان السياحية الاخرى.
مما لاشك فيه ان الاهتمام والمتابعة مع الاستشاريين واصحاب الخبرة من القطاع الخاص وبرسم خطة زمنية وتقسيم الخطة إلى مراحل بخطوات ثابتة وأكيدة سيضمن تطور وازدهار السياحة في المملكة وبشكل مطرد يفوق التوقعات.
وتتجه التوقعات بأن ازدهار السياحة في المملكة سيأتي من العرب وخاصة المسلمين منهم والذين قدموا إما للحج أو للعمرة وبالذات هؤلاء الذين لديهم اقارب او اصدقاء في مدن المملكة, إن ما ذكر اعلاه لهو شيء بسيط من الملاحظات والأفكار والاقتراحات التي من شأنها دعم مفهوم وصناعة السياحة في المملكة بما في ذلك السياحة الداخلية.
E-mail: ak-araj@al-araj.com
|
|
|
|
|