|
| القرية الالكترونية
** أريزونا عبدالعزيز ابانمي
لقراءة مختلف انواع الكتب داخل المجتمع الامريكي دور لا يمكن تجاهله وذلك لان الكتاب هو احد الرفاق الدائمين للشخصية الامريكية العادية، بكل مشاربها, ولعل امعان النظر في ما اعتاد الامريكيون على حمله داخل صالات انتظار الباصات والقطارات والطائرات ليؤكد هذه العادة متأصلة الجذور داخل الثقافة الامريكية وهذا الواقع انعكس بشكل ايجابي على حركة النشر والتأليف وساهم في ايجاد سوق ضخمة لتداول وبيع الكتب الجديد منها والمستعمل، اذ تنتشر المكتبات الخاصة وكذلك المقاهي التي تقدم بالاضافة الى القهوة الامريكية خيارات كتبية كثيرة.
ومع تعاظم الدور المتزايد للشبكة العنكبوتية على الحياة الامريكية كان لابد من ظهور حركة تداول الكترونية لبيع الكتب، فامتلأت هذه الشبكة بمئات المواقع التي تعمل على تقديم كثير من الخيارات لبيع الكتب جديدها وقديمها وشحنها في وقت قياسي، ولعل من ابرز تلك المواقع ذلك المخصص لشركة امازون www. amazon. com
الا ان التفكير في الاستفادة من الشبكة العنكبوتية لم يكن ليقف عند حد بيع الكتب المطبوعة بشكل تقليدي، فهناك محاولة جديدة لتعويد مختلف القراء على تقبل فكرة الكتب الالكترونية وهي تلك الكتب التي يمكن الوصول اليها عبر الانترنت وتحميلها ومن ثم طبعها داخل المنزل او المكتب, وهي بذلك تعتبر تغييراً كبيراً في طبيعة مفهومنا لما هية وكينونة الكتاب، وهل من الضرورة ان يكون مطبوعاً بالشكل التقليدي وذا غلاف ورقي وتصميم معين، وهي المناقشة نفسها التي ارتبطت بالصحف والمجلات التي تظهر على الشبكة العنكبوتية.
ومهما تكن نتائج مثل هذه المناقشات، فان نشر الكتب بشكل الكتروني وتداولها وبيعها عبر شبكة الانترنت في طريقه للازدهار مما يبشر بتوسيع دائرة النشاط التجاري المرتبط بالكتب الالكترونية ولعل اقرب مثال على ذلك ما حدث عندما قرر كاتب القصص والروايات المرعبة المشهور ستيفن كنج نشر قصته امتطاء الرصاصة المكونة من 66 صفحة على الانترنت، اذ عانى البعض من مشاكل جمة في تحميل القصة بسبب الضغط الشديد على الموقع الذي اضطلع بمسؤولية نشر تلك القصة، غير ان تاريخ نشر الكتب الالكترونية او ما يعرف ب E- Books ليس وليد اللحظة، اذ كانت هناك محاولات جادة منذ عدة سنوات لتوسيع نشاط هذا النوع من النشر وهو ما ادى عبر تلك المدة الى ازدياد اعداد الراغبين في اقتناء مختلف الكتب الالكترونية وخصوصا ذات الطابع الرومانسي وقصص الخيال العلمي، وذلك لأسباب عديدة اهمها يتمثل في سيطرة دور النشر التقليدية الكبيرة على هذا السوق بفضل عمليات الاندماج فيما بينها، وهو ما ادى الى ما يمكن وصفه بعملية احتكار واقتصار معظم انشطة النشر على تلك الشركات وخروج العديد من دور النشر الصغيرة من السوق والمنافسة، وهذه السيطرة وهذا النوع من الاحتكار ولد صعوبة بالغة للمؤلفين المغمورين في ان يجدوا طريقة يصلون بها الى دور النشر الكبيرة تلك، وفي الوقت نفسه، طرأ تغيير واضح على سوق النشر عندما ظهرت محلات بيع الكتب عبر الشبكة العنكبوتية ومن اهمها Amazon. com و Border وبارنز اند نوبل التي اخذت في مزاحمة دور النشر التقليدية الاحتكارية ومشاركتها في اقتسام كعكة الارباح, اما السبب الاقوى فتمثل في ظهور الانترنت الذي اصبح يمثل قناة بسيطة الكلفة لتوزيع الكتب الالكترونية وشبكة يمكن من خلالها لقراء مختلف الاعمال ان يتبادلوا الاراء, وايا كانت الاسباب فان الكتب المنشورة بشكل الكتروني بدأت في اعادة تشكيل سوق النشر على مختلف الاصعد ومنها النشاط التجاري ودور المؤلفين واخيرا حرية الكتابة والتعبير.
ولكن وقبل الدخول في تفاصيل اكثر، فلابد من القاء بعض الضوء على ما يعنيه مصطلح الكتاب الكتروني وهو المعنى الذي يختلف من شخص الى آخر، فهو للبعض يعني اعمالاً الكترونية يمكن تحميلها على قارئ محمول باليد من مثل Rocket e book الذي يكلف ما يقارب 200 دولار, وما يجذب البعض الى مثل هذه الاجهزة المحمولة امكانية حملها الى مختلف الاماكن التي لا يمكن للجهاز الحاسوبي التواجد فيها, كما ان هذا المصطلح بالنسبة لبعض اصحاب دور النشر الالكترونية يعني اي ملف الكتروني يمكن قراءته على اي من هيئات الملفات التالية Ms word و HTML و PDF و RTF.
وهذا الاختلاف في تحديد التعريف الخاص بالكتاب الالكتروني مرده حداثة هذه الصناعة وعدم وجود هيئة مركزية تعمل على وضع الاطر العامة لحركة النشر الالكتروني، وللاسباب نفسها يصعب تحديد رقم معين لحجم هذه الصناعة وتحديد ارقام مبيعاتها.
ولكن وان كان من الصعوبة تحديد حجم سوق النشر الالكتروني، فان الامر يختلف عند الحديث عما تقدمه دور النشر الالكتروني للمؤلفين من خدمات تشتمل على المساعدة في الجوانب التحريرية والتصميمية والانتاجية والتسويقية، فيما تعرض دور نشر الكترونية اخرى كل الاعمال جيدها ورديئها، غثها وسمينها وتدع حركة الشراء هي التي تقرر وحدها مصير مثل هذه الاعمال وما يستحق منها الشراء، ومن تلك الدور التي توظف هذه الاستراتيجية كل من Mighty Words و iuniversity، فالاخيرة تعمل على الاستفادة من الدعم المادي الذي تلقته من دار النشر المعروفة Barnes and Noble للاستمرار في محاولاتها الحثيثة للمزج بين التصميم التقليدي للطباعة والتصميم الالكتروني للخروج بشكل وطريقة جديدة في الطباعة تعرف باسم Print - on- Demand كما تعمل iuniresity على اصدار كتب الكترونية يمكن ارسالها الى ماكينة طباعة وتجليد متطورة التي تقوم هي الاخرى بطباعة النسخة الالكترونية على هيئة طبعة ورقية.
وفي هذا الصدد، ينتقد البعض سياسة الباب المفتوح التي تتبناها دور النشر هذه في السماح بعرض مختلف الاعمال، وان تفاوتت درجة جودتها لانهم يعتقدون بضرورة تبني الاجراءات التقليدية نفسها التي يتم اللجوء اليها من قبل دور النشر الورقية لفلترة واختيار الاعمال الصالحة للنشر بكل عناية ، وهو انتقاد يرد عليه المدير التنفيذي لشركة iuniversity بقوله ان 20% من الاعمال فقط يتم رفضها وهو ما يؤدي في رأيه الى تقليص الخيارات الموجودة امام القرار.
ولئن كانت سياسة الباب المفتوح او النشر المفتوح في رأي البعض تمثل جانب ضعف يعتري حركة النشر الالكتروني، فان هناك الكثير من الايجابيات ومنها اعطاء المؤلفين مسؤوليات اخرى تتعدى عملية التأليف والكتابة ومنها مسؤوليات التسويق والدعاية, كما ان النشر الالكتروني يسمح بممارسة افكار خلاقة، ومنها الكتابة بشكل متسلسل عبر الانترنت، والمقصود بذلك انه في امكان المشتركين الذين يرغبون في قراءة عمل ما لكاتب ما اثناء فترة كتابة النص نفسه ان يفعلوا ذلك عندما يقوم المؤلف بارسال كل فصل من الكتاب حال الانتهاء من كتابته اليهم كما يلجأ البعض من الكتاب والمؤلفين الى عرض الجزء او الفصل الاول من كتابه بشكل مجاني على الانترنت على امل ان يحظى ذلك الجزء باعجاب القراء ومن ثم قيامهم بشراء الكتاب كاملاً!!
وبقي سؤال آخر يتعلق بمستقبل حركة النشر الالكتروني وهو سؤال لا يمكن التنبؤ باجابته على الاقل على المدى القريب وذلك لحداثة هذه الحركة وعدم نضج قواعدها واساسياتها غير ان الارقام يمكن لها ان تعطينا فكرة عن حجم هذه السوق فمع تاريخ كتابة هذا الموضوع قامت دار iuniversity للنشر الالكتروني بطباعة ونشر الف وخمسمائة كتاب مقابل 99 دولاراً كمقدم لتحويل النص الى الشكل الالكتروني وباستخدام تقنية Print- on- Demand ويمكن لهذه الشركة ان تقوم بنشر الكتاب على هيئة طبعة الكترونية خلال 48 ساعة فقط مع امكانية تحقيق الارباح ببيع 100 نسخة فقط.
abanom @ aol. com
|
|
|
|
|
