| محليــات
آثر ايهودا باراك رئيس وزراء اسرئيل أن يضحي بعملية السلام مع الفلسطينيين كثمنٍ رخيص لبقاء حكومته في السلطة بموجب الصفقة التي عقدها مع حزب شاس اليميني المتطرف الذي هدد بالانسحاب من الائتلاف الحاكم مما يؤدي حتماً لانهيار الحكومة، وبالتالي حل الكنيست الذي أقرَّ قبل أقل من أسبوعين موافقة مبدئية على إجراء انتخابات مبكرة إذا ما انهار الائتلاف الحاكم.
ووجد باراك نفسه بين فكي كماشة أحدهما تمثله موافقة الكنيست المبدئية والتي أصبحت بمثابة سيف مسلط على عنق باراك وحكومته، والآخر يمثله تهديد حزب شاس بالانسحاب من الحكومة إذا ما مضى رئيسها في عملية السلام مع الفلسطينيين وتخلى عن 90% من أراضي الضفة الغربية للسلطة الفلسطينية بموجب استحقاقات السلام الفلسطيني/ الاسرائيلي القائم على اتفاقات مبرمة وموثقة.
وحجة حزب شاس التي اشترط قبول باراك بها للبقاء في الحكومة هي أن التعاليم التوراتية التي يزعمها (تمنع التخلي عن أراضي يهودا وسامرا وهما الضفة الغربية وقطاع غزة المحتلان بعدوان الخامس من يونيو عام 1967م!!
وقد قبل باراك هذه الحجة ليبقى حزب شاس في الحكومة!
بل إن الصفقة التي أبقت حزب شاس شريكاً في الائتلاف الحاكم تضمنت قبول باراك لاشراك زعيم حزب شاس إيلي يشائي في مفاوضات عملية السلام مع الفلسطينيين,, وإشراكه أيضاً في القمة الثلاثية المقترحة بين باراك وعرفات وكلينتون!!
وكل هذه الشروط التي أبرمت بها صفقة باراك مع حزب شاس تشير إلى الاتجاه السياسي الذي ستدخل به حكومة اسرائيل في مفاوضاتها المقبلة مع السلطة الفلسطينية التي كانت الأخيرة قد قبلت طلباً أمريكياً بتأجيل المفاوضات التي كان يفترض ان تبدأ أول أمس نسبة لأزمة الائتلاف الحاكم في إسرائيل.
وها هي أزمة الائتلاف الإسرائيلي قد حُلّت، ولكن بموجب شروط من أكثر أحزاب اليمين الإسرائيلي تشدداً في معارضته لعملية السلام، ليس فقط في مسارها الفلسطيني، بل وأيضاً في مسارها السوري بالنسبة لاحتلال الجولان.
ولو لم ترغم المقاومة اللبنانية الباسلة إسرائيل للهرب من مستنقع الاحتلال هناك لما قبل حزب شاس بالانسحاب من جنوب لبنان لو اقتصر أمر هذا الانسحاب على مجرد مفاوضات عملية السلام التي لم تحقق أي تقدم يذكر بالنسبة لتحرير الأراضي العربية المحتلة منذ انطلاقها عملية السلام من مؤتمر مدريد في أكتوبر عام 1991م!
ونعتقد أن الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات لم يبالغ في قوله أول أمس (إن عملية السلام تواجه خطراً).
وجاء هذا التصريح فيما يبدو كقراءة سبقت بوقت قليل إعلان انتهاء أزمة الائتلاف الحكومي الإسرائيلي في ضوء تلميحات بقرب حل الأزمة وقبل إعلان الصفقة التي تم بها الحل وهو كما قلنا في مقدمة هذا الرأي التضحية بعملية السلام مع الفلسطينيين.
ولا نستبعد أن يتكرر إبرام صفقة مماثلة مع حزب شاس عندما تتحرك المفاوضات في المسار السوري حتى يضمن باراك بقاء حكومته وتجنب انتخابات مبكرة!
الجزيرة
|
|
|
|
|