| مقـالات
لا يمكن لشجرة أن تورق وتثمر إذا حجب عنها الماء, وبالمثل، فإن التعليم هو الآخر لا يمكن أن ينتج مخرجات نفيسة ذات كفاءة عالية في الأداء اذا لم يخصص له حد أدنى من المال إلا اذا كنا نعتقد بالمقولة الكيمائية: تحويل الخسيس الى نفيس , ورغم ان التخلف التربوي يقترن غالبا بالتخلف الاقتصادي، إلا أننا يجب ألا نتصور أن وفرة المال التعليمي سوف تضمن للناس ظهور تعليم نوعي راقٍ, ففي ظل بعض السياسات الخرقاء لا يمكن للمال مهما كثر أن يخلق نظاما تعليميا متميزا في كفاءته وفاعليته, والحق أن التجارب والخبرات بينت أن أفضل الحلول تأتي غالبا في أوقات العسر.
وجدير بالذكر أن التعليم في كثير من الدول يلقى دعما ماديا ومعنويا من خارج الاطار الحكومي، وهذا عائد الى قناعة مؤسساتهم الاجتماعية، بل الأمة بأسرها، بأن التعليم يؤدي دورا حيويا في تحقيق الرفاه الاجتماعي، وفي نهوض الدولة وبقائها في ميدان المنافسة الدولية.
التعليم مكلف ماديا، بل إن تكلفته في تصاعد مستمر، وهذه حقيقة دامغة, والتعليم الذي نشير اليه هنا ليس هو التعليم الذي يخدع به الناس فيظنون أن أبناءهم يحصلون على تعليم متميز يستثمر أقصى ما أودع الله في عقولهم من طاقات وقدرات كامنة، ويصقل شخصياتهم، ويكسبهم السلوك الحضاري المهذب، ويغرس في نفوسهم أنبل القيم.
وتأكيداً للعلاقة الوثيقة المتبادلة بين التعليم والاقتصاد فقد ظهر فرع دراسي جديد يعنى بدراسة هذه العلاقة، ذلك هو اقتصاديات التعليم, يبحث هذا الفرع من الدراسة بصورة أساسية في كيفية تحقيق افضل عوائد تربوية بأقل تكلفة مالية, ويدخل ضمن اهتمامات هذا الفرع البحث في توفير مصادر تمويل اضافية للتعليم, ولعلنا هنا نتذكر بالمناسبة قرار مجلس الوزراء الموقر الذي أتاح للهيئات التعليمية أن تستثمر جزءا من ممتلكاتها تأجير، إعلان تجاري,, الخ فيما يعود على تنفيذ برامجها بالفائدة, وحرصا من وزارة المعارف على تنظيم ومتابعة الشأن الاقتصادي التعليمي فقد أنشأت ادارة عامة جديدة أسمتها بالادارة العامة لاقتصاديات التعليم وهنا نود أن نشير الى أن القيم المعتبرة في الاقتصاد قد لا تتطابق بالضرورة مع القيم المعتبرة في التعليم، الأمر الذي قد يفرض على الوزارة خلق درجة مقبولة من التكيف بينهما.
|
|
|
|
|