| الثقافية
بعد رحلة طويلة مع المرض فقد الوطن، والقلم والمعرفة علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر ذلك الصرح الشامخ في تاريخ نهضتنا الثقافية المعاصرة، ذلك النموذج الفريد للعصامية ومصارعة الظروف والإمكانيات صعوداً الى قمة القيمة الإنسانية.
من هو حمد الجاسر ذلك الحبيب الذي رحل الى بارئه تاركاً فراغاً واسعاً في ساحة المعرفة والبحث ومثله في قلوب محبيه في كل ساحات الوطن الكبيرة، إنه الأستاذ الذي زرع بذور العلم، والمفكر الذي تصدى للقضايا والباحث الذي لم تمنعه المسافات وعوائق الثقافات من التنقيب في الأعماق، والصحفي الذي أنشأ أول صحيفة في المنطقة الوسطة والراوي الدقيق الذي يسيطر على أسماع حاضريه بتفاصيله الجميلة التي يجمع فيها بين القصة والقضية بأسلوب متميز تغمده الله بواسع رحمته أقولها من قلب يحمل له عميق التقدير والاعتراف بالفضل بعد الله فقد دخلت عليه في عام 1379ه بمكتبه في جريدة اليمامة التي أسسها وأنا في المرحلة الثانوية العامة أحمل قصيدة لي عن الجزائر عنوانها: المواكب الصاعدة وأعطيتها له وذهبت وفوجئت بنشرها في موقع وإخراج مناسبين ولم أكن أعرف عما حدث خلف ذلك الا منه هو حين قال لي منذ 15 عاماً إنه كان يريد وضعها في موقع أعمال الناشئين ولكن أحد مساعديه وهو أخ يمني قال له ان هذه القصيدة تنم عن موهبة وأرى وضعها قبل قصيدة فلان، وظل باب اليمامة مفتوحاً لي وظل في كل مناسبة يستذكر تلك الواقعة بحميمية خاصة.
تغمده الله بواسع مغفرته ورضوانه فقد خسر الوطن رجلاً فرض نفسه علامة فارقة وعلماً في ميدان الأدب والبحث وكتابة التاريخ المفضل على نطاق الوطن العربي حتى صار مرجعاً للباحثين والناقدين في كل صقاعه وتضاريسه المعرفية, كان رحمه الله سفيراً للبيان في ساحة الثقافة العربية، فهو محلي بالتكثيف عربي بالروح والانتماء والبحث، مسلم مؤمن بربه ورسالة نبيه الكريم.
لايكفي ان ننعاه وإنما من واجبنا، خاصة الباحثين ان نقوم بإعداد دراسات مستفيضة عن شخصيته وعطاءاته الواسعة في مجالات المعرفة لا لكي تعرف الأجيال قيمته ولكن لنستفيد جميعاً من اعادة قراءة مسيرته وأعماله الفذة وأنا إذ أودعه بالدعاء الصادق بأن تكون الجنة مثواه أقول لمعن ومي وهند وسلوى ومنى وأم محمد ولكل محبيه ان موته خسارة للعلم والوطن وان عزاءكم في الذكر العطر الحسن الذي خلفة تاجاً على رؤوسكم.
إنا لله وإنا إليه راجعون,.
|
|
|
|
|