| الثقافية
ورحل علم الأعلام، ورائد الرواد,, رحل العلامة الجاسر ، زميل العميد طه وقرين شيخ المحققين شاكر ,.
رحل عاشق التراث، ونابش خزائن مخطوطاته,.
رحل شامخا، عزيزا كريما، مرفوع الهامة قرير العين، فخورا بما بذله وقدمه لأمته وبلاده في تاريخها وتراثها الفكري.
لقد كان حمد الجاسر اسبغ الله على جسده الطاهر شآبيب رحمته رمزا بارزا من رموز العلم والأدب واللغة والتاريخ والجغرافيا خلال ما يقرب من مئة عام، ليس في الجزيرة العربية فحسب، بل على مستوى أمتنا العربية كافة والمحافل العلمية ومراكز البحث المرموقة.
كان رحمه الله طيلة حياته مدافعا صلبا وعنيدا عن عقيدة الاسلام السمحاء، معتزا بعروبته ولغتها الكريمة.
ولعل أهم ما كان يشغل باله، ويؤرق فكره ومبعث قلقه الدائم، خوفه على لغة القرآن الكريم مما يحاك لها من محاولات للنيل منها وإضعافها، مع ايمانه العميق بأن الله سبحانه وتعالى تكفل بالحفاظ عليها إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون .
فقد كان طيب الله ثراه يرى ان الحفاظ على لغتنا العربية ليس ترفا كما يرى البعض، بل ضرورة دينية واجتماعية وقومية، وبعبارة أدق وأشمل: ضرورة حضارية.
فالأمة التي تحافظ على هويتها وتعتز بلغتها وانتمائها الحضاري يتعذر على الآخرين النيل من مقوماتها وأخلاقها.
لذا كان لشيخنا الجليل المكانة البارزة والمستحقة في كثير من المحافل العلمية من مجامع لغوية وعلمية ومراكز بحث، العربية وغير العربية، مع ان كثيرا ممن ينتمي الى تلك المحافل يرى في عضويتها نوعا من التكريم والتفخيم، الا انه غفر الله له يرى في الانتماء اليها تكليفا وتشريفا له، لمكانة اللغة العربية في قلبه وفكره، التي ظل طيلة حياته الحافلة يتعامل بأخلاقياتها ومبادئها وقيمها، حتى مجلسه الذي خصص له يوم الخميس من كل أسبوع يستقبل فيه أحبابه وإخوانه من طلبة العلم واستمر الى يوم سفره الأخير، كان يناقش فيه كل ما يتصل باللغة العربية من أمور بعقل متوهج وفكر مستنير وصدر رحب، يرشد ويوجه ويصحح وينصح.
أما عن الجانب الانساني في شخص الشيخ، فلعل شهادتي في ذلك قد تؤخذ عليّ، فقد كان رحمه الله انسانا بكل ما تحمله هذه الكلمة من مقومات أحسن الله خلقها.
لقد كانت منتهى سعادته أن تجد شفاعته للآخرين لدى ولاة الأمر حفظهم الله الصدى الطيب,وأمر آخر لامسته وأحسسته طيلة ما يقرب من عشرين عاما من العمل معه هو فخره واعتزازه بانتمائه لتلك الأرض الطيبة، وحبه لأهله، ولمسقط رأسه التي خصها بآخر مؤلفاته بلدة البرود ، وتمسكه بالعمل حتى آخر لحظة من عمره، فقد ظل طوال فترة اقامته في مستشفى قوى الأمن يعمل، تُقرأ عليه مواد مجلة العرب ويملي اجابات ما يرد اليه من خطابات,ابتهل الى المولى جل وعلا أن يتغمد شيخنا الجليل بواسع رحمته وغفرانه، ويلهم الجميع الصبر والسلوان, إنا لله وإنا إليه راجعون .
* سكرتير الشيخ حمد .
|
|
|
|
|