| الاقتصادية
لقد تجاوب ولاة الأمر مع مرحلة النهوض المبكرة للمملكة حين تم الاستعانة باعداد كبيرة من العمالة لإنجاز مرحلة التشييد والبناء التي رافقت إنشاء البنية التحتية من مرافق وخدمات واللحاق بأقصى سرعة ممكنة بالركب الحضاري، وما وصلت اليه البلدان المتقدمة من تطور وكان من نتائج تلك المرحلة ان تراكمت اعداد كبيرة من العمالة الوافدة قدر عددها مؤخرا بسبعة ملايين وافد.
في الوقت الذي عزمت حكومة مولاي خادم الحرمين الشريفين على معالجة ذلك الامر وبعد ان اخذت العمالة المحلية المواطنة كفايتها من التعليم والتدريب والتأهيل وأفرزت مخرجات التعليم اعدادا كبيرة من المواطنين ذوي القدرة على إدارة المرافق المختلفة وهم في سبيلهم الى السوق المحلية لإشباع الاحتياجات وسد النقص.
لقد وضع سيدي صاحب السمو الملكي الامير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية ورئيس مجلس القوى العاملة النقاط على الحروف وبشفافية مطلقة حين اكد لصحيفة 26 سبتمبر اليمنية في مقابلة مؤخرا نقلتها صحيفة (الجزيرة): (بأن هناك مشكلة قائمة أثرها كبير على حاضر البلاد ومستقبلها ولم يتم معالجتها بحكمة ودون مجاملات، وهي مشكلة إيجاد فرص وظيفية لشباب وشابات هذه البلاد تضمن لهم حياة كريمة في ظل معدل النمو السكاني المرتفع).
إن الاعتراف بالمشكلة هي جرأة كبيرة وهي من عادات وتقاليد سموه التي جبل عليها حفظه الله، الصراحة والدقة والموضوعية.
إن معدل النمو السكاني يشكل احد اهم العوائق للتنمية امام دول العالم الثالث، وكلما قامت الدول باجراءات مبكرة للقضاء على التناقض ما بين النمو السكاني السريع ودرجة التطور الاقتصادي والاجتماعي فإن الكلفة تقل للانتقال من صفوف الدول النامية الى مصاف الدول المتقدمة.
وفي ضوء فهمنا لطبيعة المشكلة السكانية واحتياجات سوق العمل من العمالة فإن استخلاص وسائل التحدي والمواجهة لتلك المشكلة يتطلب منا ان نركز على ما هو جوهري.
إن استشفاف سيدي الامير نايف بن عبدالعزيز للمستقبل وربطه الدائم لرسم السياسة السكانية لكي تتلاءم مع اوضاع المجتمع وشريعته الإسلامية وتقاليده الحضارية وثقافته يدل على ان السعودة ليست حلا منفصلا بل معادلة ما بين نمو السكان والنظام الاجتماعي المسئول عن توفير الحاجات الأساسية للسكان وفي مقدمتها استمرارية الغذاء الصحي والرداء الراقي والوقاية من الامراض وإيجاد سبل الحصول على تعليم متطور ووظائف مناسبة تحفظ للإنسان الرقي والكرامة وفق تحقيق التنمية الشاملة التي تستهدف الوفاء بالاحتياجات الاساسية لأغلب السكان في ظل مفهوم الاعتماد على النفس.
إن التوجه للقطاع الخاص كي يقوم بدوره في استيعاب السعودة وسد احتياجاته من العمالة محليا على النحو الذي رسمته الخطط الاستراتيجية للمملكة لا يعد توكيل المهمة لصاحبها وإنما تتجاوز هذا المفهوم الى البعد الوطني، فالقضاء على البطالة بدوره ان يتسنى لنا القضاء على الجريمة ويساعد على تقويم السلوك البشري ويحفظ لأفراد المجتمع مكانتهم وعيشهم بكرامة.
والشيء الآخر هو العائد المادي للقطاع الخاص، فلو نظرنا الى حجم العمالة الوافدة والتي تقدر طبقا لبعض الاحصائيات (بسبعة ملايين) وافد ونظرنا الى المبالغ التي يتم تحويلها شهريا لصالحهم الى خارج المملكة,, لو افترضنا ان كل وافد يحول للخارج معدل 200 دولار شهريا (مائتا دولار) امريكي وبذا يكون هناك 16,8 مليار دولار تفقده السوق السعودية سنويا وبإمكان هذا المبلغ ان يشكل فائضا يستخدم في تمويل التراكم اللازم لتنويع هيكل الاقتصاد القومي وتطويره ورفع مستوى معيشة المواطنين وإيجاد زيادة فرص العمل، وهو خسارة للقطاع الخاص نفسه فلو بقي هذا المبلغ داخل المملكة فإنه سوف يتقاسمه القطاع الخاص حيث يعود عليه على شكل مشتريات للوازم الضرورية والاستهلاكية او على شكل ودائع في البنوك.
إن الفهم الشمولي للسعودة يجعلنا نسرع الخطى ونختصر الزمن لتقليل الكلفة ومحاصرة الخسائر ومن يبدأ اليوم افضل له من الغد، فالقطاع الخاص في النهاية هو المستفيد الاكبر من السعودة والحصول على عائد اكبر وعلى عمالة محلية مستقرة مخلصة.
القطاع الخاص كان يدار اصلا بأياد سعودية ولن يضيرنا العودة للتمسك بالأسس بل يضفي علينا احترام العالم وتقديره، ويحفظ لنا ثرواتنا ويحقق لنا نموا في الدخل وازدهارا في موارد المعيشة، ويساعدنا على تنويع هياكل الإنتاج واتساع قاعدتها.
والله ولي التوفيق.
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية . E_ Mail: bandar@ shabakah.net.sa
|
|
|
|
|