| مقـالات
لا يعرف الشخص قدره في صدور الناس ما دام على قيد الحياة وليس له أن يعرف ذلك لأن ذلك لا يتبين بصدق إلا بعد موته، وهذا ما حدث للشيخ حمد الجاسر رحمه الله، فقد حزن عليه من عرفه ومن لم يعرفه، وما كان ذلك ليكون لولا الثراء الذي أعطاه الشيخ حمد لبلاده ومجتمعه، وهو عطاء لم يأت إلا على جسر من التعب ولكنه تعب الراحة للعمل التي أثمرت في خدمة بلاده ومكانها.
ازدحم المسجد بالمصلين، وامتلأت المقبرة بالمشيعين، وغصت داره بالمعزين، وفاضت الصحف والمجلات ومازالت بالمقالات والقصائد، وحمل الهاتف آلاف التعازي، بل في المساجد والمجالس لم ألق من لم يبادرني بالتعزية فيه وأكثرهم لم يلق حمد الجاسر.
أجمع العرب خارج بلادنا على الحزن على حمد الجاسر بمثل ما حزنا عليه لأن حمد الجاسر أصبح معلما عربيا؛ فخدمته للتراث لم تقتصر على بلادنا، ومن عرفوا فضله وعلمه في العالم العربي قدروا عطاءه وإنتاجه بما يسلكه في عداد علماء العرب السابقين الذين حوتهم القبور، ولكن علمهم بقي عمراً ثانياً لهم يطاول السنين.
إن هذا الحزن الذي أبداه العرب على حمد الجاسر يدلل على المقدار الذي يحتله في النفوس من يعطي لأمته عطاء ثقافيا، وأمة هذا شأنها سيكتب لها الخلود كما يكتب لأعلامها.
الأمير سلمان بن عبدالعزيز، الأمير الإنسان كان خارج المملكة أثناء وفاة الشيخ وعندما وصل إلى الرياض بادر فور وصوله إلى منزل الشيخ، حمد لمواساة أسرته، وكان في كلامه الذي سمعناه التقدير الكبير لحمد الجاسر، وكانت مبادرته بالعزاء بعد وعثاء السفر بلسماً لمحبي حمد الجاسر وتلاميذه، وقد عرفنا من كلام سموه بالمكانة الكبيرة لحمد الجاسر لدى قادة بلادنا حفظهم الله.
لو كانت ليت تنفع شيئاً لقلت: ليت حمد الجاسر يعرف مقدار ما حدث في النفوس لفراقه، ولكن العزاء أن التقدير له سيجسده قادة هذه البلاد وأبناؤها فيما يجعل آثار حمد الجاسر خالدة خلود تاريخ بلادنا.
للتواصل: ص,ب 45209 الرياض 11512 الفاكس 4012691
|
|
|
|
|