| اليوم الوطني
لم يكن يوم الخامس من شوال 1319ه 1902 يوماً عادياً عند الملك عبدالعزيز فقد كان يومها على موعد مع التاريخ في تأسيس دولة وصنع كيان جغرافي عريض مد البصر، تبوأ مكانته الحضارية على امتداد التاريخ، ولقد ذكر الأمير سلمان بن عبدالعزيز امير منطقة الرياض في إحدى خطبه هذه التجربة الفذة والحكيمة التي قام بها الباني والمؤسس لهذا الكيان,, عندما بدأ الملك عبدالعزيز في مشروع البناء الحضاري لدولة قوية الأركان كان يضع نصب عينيه السير على منهج آبائه، فأسس دولة حديثة قوية استطاعت ان تنشر الامن في أرجائها المترامية الأطراف وأن تحفظ حقوق الرعية بفضل التمسك بكتاب الله عز وجل، وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وامتد عطاؤها الى معظم ارجاء العالمين العربي والإسلامي .
والمستعرض لتاريخ شبه الجزيرة العربية قبل مرحلة التأسيس الموفقة التي قام بها المغفور له الملك عبدالعزيز يصطدم بحقائق لا ينكرها أحد، فلقد كان الجهل متفشياً والفوضى والتناحر والحروبات ضاربة اطنابها على ارجاء البسيطة، لا يأمن الإنسان على نفسه واسرته وممتلكاته، الى ان قيض الله لهذه البلاد من يعيد اليها أمنها واستقرارها، وينشر الخير والسلام بين سكانها، فأمن الناس على ارواحهم وذراريهم، وعاد نبض الحياة الحضارية الحديثة قوياً يسري في جسم هذه الدولة المباركة بفضل الله اولاً ثم جهود هذه الفئة المؤمنة والمستمسكة بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وللتدليل على ايمان هذه الفئة الطيبة الطاهرة برأيهم القاطع بتأسيس هذه الدولة على هدي الكتاب والسنة ان عدد افرادها كما تؤكد المصادر التاريخية ستون رجلاً فقط، وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة وكان للملك عبدالعزيز ورجاله الأفداذ ما أرادوا، والحمد الله الذي تتم بنعمته الصالحات.
ولقد أقام الملك عبدالعزيز حكمه على اساس ثابت يعتمد على القواعد الاسلامية والشريعة الحقة، يتجلى ذلك قوياً في كل اجتماعاته وشؤونه الخاصة والعامة، كما كان يستشير اهل الحل والعقد والعلماء في دقائق الامور وعظائمها، كما كان يجتمع بأهل دولته ويخلو اليهم، يستمع اليهم ويعرف شكاواهم ومطالبهم فيحلها لهم ويوعدهم خيراً، كما كان يوصي ابناءه من بعده أطال الله في اعمارهم بذلك، وهكذا تنامى هذا الصرح على يد ابنائه حتى اذا أطلَّ هذا العهد الزاهر عهد مولاي خادم الحرمين الشريفين يجفُّ مداد القلم وتكلّ العقول عن تسجيل مآثره ومناقبه وما طرأ على هذه البلاد من نهضات ثقافية واسعة وعلمية جليلة وصحية باهرة تشهد على ذلك تلك المستشفيات العريقة بما فيها من معدات وآلات متقدمة تضاهي اعظم دول العالم تقدماً وحضارة، ناهيك عن المسحات الجمالية والمباني والارصفة وغيرها، ولست هنا في معرض التقويم ولكني في معرض الاشارة والتنويه، كما تبوأت هذه البلاد مكان الصدارة سياسياً وباتت تضطلع بقضايا العالم العربي والإسلامي، وأخذت دورها على الصعيد العالمي ايضاً.
في هذه الايام تحتفل البلاد باليوم الوطني ال70 الذي يهل علينا باستهلالات الخير والبشائر، كيف لا وفيه تم البناء والتأسيس وصياغة هذه الحضارة الماثلة العظيمة،وتشكيل هذه الدولة التي لا أستطيع ان احيطها بحديثي المقتضب هذا، فهي تحتاج الى بحوث ودراسات وكتب متخصصة.
وغاية ما أتمناه ان تعود الينا هذه الذكرى ونحن اكثر تقدماً ورقياً وأرسخ قوة وتمكناً على كل الصعد الاقتصادية والعلمية والاجتماعية,, اللهم آمين,
سعد حمد الخنيفر
|
|
|
|
|