| مقـالات
إن رعاية المتقاعدين من موظفي الدولة السابقين الذين أفنوا زهرة عمرهم في خدمة اهداف، وتحقيق مرامي خطط التنمية الوطنية، تمثل ركيزة أساسية من ركائز العمل الاجتماعي ذات الأثر الفعال في خدمة هذه الفئة التي تدرج واقعياً الآن في فئة المسنين أصحاب الخبرة الإنسانية المتراكمة، أصحاب الحكمة المتفاعلة المتوازنة في الحياة.
ورعاية المتقاعدين الداخلين ضمناً في هذه الفئة تعتبر مسؤولية الدولة التي تعتبر جهاز الرعاية الرئيسي الذي يستند إليه مواطنو الدولة جميعاً التي لم تأل جهداً في تقديم كافة فئات الرعاية التي يعوزها جموع المجتمع بكافة فئاته.
وتخص الدولة فئة المسنين ومن ضمنهم المتقاعدون، برعاية وعناية خاصة توليها حكومة خادم الحرمين الشريفين بما تحض عليه من توفير كافة سبل الحياة الكريمة والرقي بمستوى الخدمات اهتداءً بتعاليم الإسلام السمحة التي تؤكد على سد حاجاتهم المتنوعة، وضرورات الحياة المعاصرة ومشكلاتها التي تستجد وفقاً للتغيرات الاجتماعية المتسارعة، مما يوجب العمل على استثارة دافعيته لاحراز التوافق مع متغيرات الحياة في هذا العصر والتخطيط للتصدي للصعوبات التي تعترض مسيرتهم الحياتية.
ان المتقاعد المسن يلقى التقدير والاحترام والرعاية والعناية بما يوفره النظام القانوني في المملكة العربية السعودية الذي يستمد كينونته من الشريعة الإسلامية ونظم الرعاية التكافلية في الإسلام.
ونشير إلى المادة السابعة والعشرين في النظام الأساسي للحكم التي تؤكد على دور الدولة الوجوبي بكفالة حق المواطن وأسرته في حالة الطوارئ والمرض والعجز والشيخوخة، وتدعم نظام الضمان الاجتماعي وتشجع المؤسسات والأفراد على الإسهام في الأعمال الخيرية, فضلاً عن نظم التقاعد والتأمينات الاجتماعية.
هذا، ولما كان حجم المتقاعدين المسنين ليس بالأمر الهين إذا أضيف إليهم من تجاوزت أعمارهم 60 عاماً حيث يبلغ 1,5% من مجموع مواطني المملكة,, وبموجب ما جاء في هذه المادة المذكورة فإن الدولة مسؤولة عن تقديم الرعاية الواجبة لهم من خلال نظام التقاعد ونظام الضمان الاجتماعي والتأمينات الاجتماعية، وهذا ليس منّة عليهم أو منحة تقدم أو تمنع، ولكنه حق لهم ولأسرهم، والتزام قانوني وتتويج لفترة من العطاء والجهد والعرق بذلوه لرفعة الوطن ورقيه، عملوا فيها بإخلاص وتفان في ميادين العمل المختلفة بهدف تنمية الوطن تنمية شاملة تعلي من شأنه، وتعمل على تقدمه خاصة وانه قد سبق اقتطاعه من الراتب الأصلي وسبق استثماره طوال سنيّ السداد ولا يزال .
ففي هذا اعتراف بوضع السياسات والخطط التي تؤثر في حياة هذه الفئة، وسد حاجاتهم، واحترام كرامتهم، وحقهم في الأمن الاجتماعي والاستقرار النفسي والاقتصادي، والرضا الشخصي تمشياً مع تعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة، ووفقاً للأنظمة السياسية للحكم، وكواقع معاش لاقامة مجتمع كل الأعمار، مجتمع لتحقيق أفضل تكيف، وأعز مواطنة واعتماد على الثقة في الذات، وفي منظومة الدولة، والمحافظة على دينامية الحياة، والتواصل المتوافق مع مكوناتها.
ومن خلال تقييم واقع معاشات التقاعد أو الراتب التقاعدي الذي تصرفه مصلحة معاشات التقاعد، وهي العنصر الأساسي والوحيد لسد احتياجات الأسرة الضرورية ومتطلباتها في مجتمع يواجه تحديات كبيرة وتحولات أكبر في ظل اتساع نطاقه الاقتصادي وتنوع برامج وأنشطة الأسرة.
وعلى الرغم من ذلك فثمة ملاحظات يتوجب التنويه إليها في هذا النظام منها اختزال الراتب بعد الخروج من الخدمة فإذا كان الراتب 2500 ريال يخفض في الراتب التقاعدي إلى 1300 ريال بعد الاستقطاعات، فاذا كانت أسرة المتقاعد ذات حجم كبير، فلن يكفيها هذا الراتب، ولن يفي باحتياجاتها الضرورية للعيش والحياة ومطالب الصحة والتعليم فضلاً عن انقطاع الراتب في حالة وفاة المتقاعد وفي حالة زواج الأبناء أو توظيفهم ولن يتبقى للزوجة سوى سدس المعاش تقريباً مما يلجئها لطلب العون من الأبناء أو الأقارب أو أهل الخير من المحسنين وذلك لتأمين مطالب الحياة في هذا الزمن المعقد، وماذا ستفعل إذا كان الأبناء لهم أسرهم ومتطلباتهم.
هذا يحدث في الوقت الذي تهتم فيه الدولة بالأسرة وقضاياها استناداً إلى القيم والتقاليد الراسخة وانطلاقاً من أحكام الشريعة وتعاليم الدين الإسلامي الحنيف وما كفلته الأنظمة من حض على التكافل والمساندة لكي تأخذ الأسرة مكانتها باعتبارها هي النواة الأولى للمجتمع ودعامته الأساسية فالاهتمام بها من الثوابت التي لا يمكن أن نحيد عنها.
ونظام التقاعد يحرم الأسرة من مقوماتها المادية الأساسية فيحرم الأسرة من معاش المرأة الموظفة في حالة التقاعد فلا يصرف للأبناء حتى ولو كان والدهم متوفى, واذا تزوجت المرأة التي توفي عنها زوجها يقطع المعاش ولا يصرفه إلا الأبناء القصر، وفي الغالب ان المتقاعد الذي بلغ عمره 60 عاماً من النادر أن نجد لديه أبناء قصر.
يفهم من هذا ان نظام التقاعد في حاجة إلى اعادة نظر بالتعديل أو التغيير,, ويمكن أن تستعين الدولة في ذلك بالمراكز البحثية لاجراء دراسة مقارنة مع الدول الأخرى المتقدمة والنامية فيما هو متبع لديها في نظام التقاعد عسى نتائج هذه الدراسة تفيد في عملية التطوير خاصة انه قد مر على تطبيق هذا النظام في المملكة أكثر من أربعين عاماً تم فيها تخمة للصندوق من جراء الاستقطاعات يمكن توجيهها بالخروج عن الصيغة التقليدية واتباع سياقات حضارية جديدة بالعمل على إعداد دراسات جدوى لاستثمار أموال الصندوق في مشروعات آمنة وذلك لتنمية رأس المال وبالتالي رفع الراتب التقاعدي لاشباع الحاجات الأساسية والضمانات الحياتية لأسر المتقاعدين بما يدعم هذه الأسر ويحقق أمانها واستقرارها وأداءها لأدوارها وتماسكها ومكانتها.
|
|
|
|
|