|
| مقـالات
إن مفهوم الوطن ليس مفهوماً سرابياً تنتجه المثاليات المتعالية وأنه محصور في عالم الذهن والذهنيات ولا وجود له انطلوجياً، أي كمفهوم يكتسب بناءه الثقافي والوجداني والاجتماعي والسياسي من خلال التوجهات الايديولوجية والخلفيات الفكرية والممارسات المكتسبة في اطار حركة المجتمع الإنسانية، بنواظمها الثقافية والفكرية والسياسية، على نحو تساهم في صقل شخصية المجتمع السلوكية والثقافية والعقائدية، من هنا يبدو أن مفهوم الوطن مفهوم جدلي لا تبرزه العلاقات الانسانية البسيطة أو تختزله مجرد مفاهيم ومقولات تنحبس عندها قدرة العقل على الابداع والاختراع وتجاوز تقليدية الحدود والأعراف الاجتماعية والسياسية، أي لابد من أن يكون مفهوم الوطن يكتسب تحولاته الإنسانية والاجتماعية والثقافية من خلال آليات التطور الأفقي، وما تشكله شبكته كخلفية تاريخية واجتماعية وثقافية في انتظام هذا التطور، بمعنى أن يتحول هذا المفهوم في بنية التفكير المجتمعي، إلى مرجعية غنية بايحاءاتها وايماءاتها وعلاقاتها على صعيد التحفيز الثقافي والإبداع الفكري وذلك من خلال قراءة جديدة تكتشف مجالات تطوره على صعيد المعطيات والعلاقات التي ينبغي ان يشملها اطاره، من هنا ينبغي ان ينحفر كايديولجية وتوجه انساني وثقافي واجتماعي بحيث تصبح خلفيته رهن علاقة لا تبرزها مجرد اطر وتقاليد عادية في العقل الاجتماعي الوطني، بل تكون نتاجاً ايديولوجياً وجماهيرياً تتفاعل في اطاره كل الحركات الاجتماعية والثقافية والسياسية بعيداً عن صفتها القبلية والفئوية والمذهبية وعن منافعها الشخصية البسيطة.
ولهذا يجب أن تشكل هذه المناسبة لوطننا الغالي لحظة تاريخية للاستفادة منها وابداع خطاب وطني يرسم علاقة خرائطية يقارب فيها التوجهات الاجتماعية والثقافية المختلفة ضمن بنية التحولات السريعة التي تعطي هذا المفهوم حركيته المتجددة في اطار علاقة توجهية واحدة، كل من موقعه يتحسس مسؤولياته وواجباته ازاء قضايا الوطن الثقافية والاجتماعية.
وهذا يتطلب ألا تستعاد هذه الذكرى في أطر فكرية وثقافية نمطية تجعل من المفهوم مجرد صور طقسية وتعابير لا تتجاوز البرهة الزمنية المحدودة بدلالاتها وعلاقاتها السطحية.
|
|
|
|
|
