تأتي بعض الكتابات الصحفية الناقدة لبعض السلبيات وفي كثير من الأحيان كرد فعل لحدث ما ولاحقة لإجراء معين,, وبتوقيت متأخر لا يمكن معه التفاعل مع هذا الرأي مهما كانت وجاهته,, مما يفرغه من جدواه ويقلل من فاعليته,.
وهذا التوقيت الخاطئ يمنح المعنيين بالأمر والموجه لهم هذا الرأي حجة في عدم التجاوب وعدم تبني هذه الفكرة أوتلك الملاحظة مهما كانت جودتها,, بحجة ان العذل سبقه السيف! أو (سبق السيف العذل).
في مقالنا لهذا الأسبوع نحاول استباق الحدث,, واتخاذ المبادرة بمناقشة الجدوى منه (أي الحدث) قبل إقراره,, خصوصا ان هذا الحدث أصبح إجراء سنويا روتينيا يتخذ طابع الرتابة والنمطية بعيدا عن دراسة الجدوى الحقيقية له والفائدة الملموسة من إقراره,.
ونحن هنا نقصد التوقيت الشتوي,, والذي أصبح عادة موسمية أكثر منها شيئا آخر,.
جاء اليوم الفلاني,, إذن حل التوقيت الشتوي,.
لتبدأ العملية (الآلية) المعتادة,, إخراج تعميم العام الماضي من (الدرج) وإرساله ب (الفاكس) أو نسخه وتوزيعه على المدارس ,, وبهذا يتم (تدشين) التوقيت الشتوي,.
فهل بحث بحق ما هي الجدوى من التوقيت الشتوي؟,.
وما هي الإيجابيات أوالمنافع المرجوة منه؟,.
وهل تستحق تلك الإيجابيات ان نتحمل كل تلك السلبيات المترتبة عليه؟,.
هل هو مجرد تقليد للبلدان الأخرى؟,, فإذا طبقته فعلينا بالضرورة ان نطبقه,.
ألم يتم ملاحظة الظروف المختلفة والخاصة التي يختص بها بلدنا هذا عن أي بلد آخر؟,.
في البلدان الأخرى يطبق هذا التوقيت بشكل كامل على جميع القطاعات وفي جميع شؤون ودقائق هذا البلد,.
وبأبسط صوره,.
عند منتصف الليل وفي اليوم المحدد تعاد عقارب الساعة إلى الخلف بمقدار ساعة أو أكثر بحسب الزمن المطلوب,, وبهذا يسري التوقيت الشتوي,.
وعند العودة للتوقيت الصيفي تعاد عقارب الساعة للأمام بنفس المقدار,.
هذا الأسلوب وهو تغيير التوقيت ذاته من خلال الساعة,, لا يمكن ان يطبق عندنا لأن لدينا مواعيد مقدسة لا يمكن تعديلها أو تغييرها أهمها مواعيد الصلاة,.
وكما يبدو أيضا ان معظم قطاعات الدولة لدينا غير مقتنعة بتطبيق هذا التوقيت,, ويبدو أنها ترى أن ليس له أي ضرورة,.
لهذا يطبق التوقيت الشتوي لدينا جزئيا من خلال قطاع التعليم فقط دون القطاعات الأخرى,.
وهذا جعل هناك تقاربا بين خروج الطلبة إلى مدارسهم والموظفين إلى أعمالهم في تلك الفترة,.
لتحدث السلبية الموسمية (أزمة مرورية كبرى),, وأنا أتحدث خصوصا عن مدينة الرياض,.
ولا أستطيع أن أجزم أن هذا يحدث في المدن الأخرى,.
ألم يشعر المسؤولون بوزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات بحجم المعاناة المرورية التي تحدث بسبب التحول من التوقيت الصيفي إلى التوقيت الشتوي؟
إن من (عانى) من هذه المشكلة المرورية سيفكر ألف مرة قبل أن يخرج (التعميم) من الدرج ويرسله من خلال (الفاكس) إلى مدارس البنين والبنات ل (يبشرهم) بمنحهم نصف ساعة إضافيا للنوم!.
واستغرب موقف (المرور),, الذي يجب ان يكون له كلمة بهذا الشأن,, فهل قدموا وجهة نظرهم ورأيهم ,, وهل شرحوا للمسؤولين بالتعليم المعاناة والاختناقات المرورية التي تحدث جراء التحول لهذا التوقيت ,, والعبء الذي يتحمله رجال المرور في تلك الفترة؟,.
ولكن ما الهدف من تطبيق التوقيت الشتوي؟؟
أعتقد ان الهدف هو تأخير خروج الطلبة من بيوتهم قليلا إتقاء لشدة البرد,, ومن يجد فائدة أخرى غير هذه فليتكرم ويشعرني بها!
فهل هذه (الفائدة) مغرية إلى الحد الذي يجعلنا نتحمل لأجلها السلبيات الأخرى لتطبيق التوقيت الشتوي,.
فمدينة الرياض مثلا وفي الأعوام الاخيرة لا تتعرض لبرد شديد إلى درجة ان نتحرز منه بهذا الشكل,, ثم ان تأخير نصف ساعة لا تفرق كثيرا بدرجة الحرارة.
كما أن هذه (النصف ساعة) إضافة جديدة إلى (ليلة شتوية) طويلة عريضة,, ستجعل منسوبي التعليم يرددون مع امرئ القيس,.
ألا أيها الليل الطويل ألا انجل بصبح وما الاصباح منك بأمثلِ |
وقد يقول قائل ولكن في مناطق الشمال يتعرضون لبرد قارس جداً,, كما أن المدن الصغيرة قد لا تتعرض لأي مشاكل مرورية جراء تطبيق هذا التوقيت.
والحل هنا هو ان تمنح كل منطقة تعليمية الصلاحية الكاملة بشأن تطبيق التوقيت الشتوي من عدمه,, وتمنح الصلاحية بشأن تقدير زمن التأخير بما يتناسب ووضع المنطقة في حالة تطبيقه,.
وانا عندما اطرح هذا الرأي,, فلا شك انه يوجد من له رأي مخالف لهذا الرأي وقد يسوق من الحيثيات ما يبرر به أهمية استمرار تطبيق هذا التوقيت,.
والمهم ان وزارة المعارف والرئاسة العامة لتعليم البنات مدعوتان للنظر بعناية واهتمام لهذا الأمر للوصول لما يراعي الصالح العام ولا يخل بالعملية التربوية,.
عن أبي هريرة عن الرسول صلى الله عليه وسلم قال (بورك لأمتي في بكورها) رواه الطبراني في الأوسط.
alhenaky@ yahoo.com
|