|
| المجتمـع
تكمن القدرة الإبداعية لجراح جهاز الهضم في فاعلية ربط التشخيص الدقيق بالعلاج المناسب اخذا بالاعتبار ان للمريض خصوصيات نفسية وإنسانية تجاري الشكوى المرضية التي يعاني منها، واكثر من هذا يجب ان يكون النظام العلاجي متناسباً مع المجتمع الذي يعيش فيه المريض، وكم من سلبية تفرز نتيجة إغفال هذا الجانب.
تعتبر البواسير الشرجية من اكثر الحالات شيوعا وتشغل حيزا كبيرا من اعمال جراح جهاز الهضم حيث تقدر نسبة وجودها بأكثر من 50% فيمن تعدوا العقد الخامس من عمرهم ونظرا لموقعها في جسم الإنسان، فإن تشخيصها الدقيق في العيادة الخارجية امر بالغ السهولة.
منذ ان فندت نظرية دوالي الشرج كسبب لنشوء البواسير، وعرف انها نتيجة ترهل حجيرات الدم الكامنة في القناة الشرجية، تبدلت فلسفة معالجة البواسير، واصبح الموضوع عبارة عن حلقات علاجية مرتبطة ببعضها اعتمادا على درجة الشدة.
من هنا تحولت عشوائية المعالجة بما حملته من طرق متعددة للتداخل الى برنامج مقنن معتمد على خصوصيات علمية ذات قواعد ثابتة.
مع الاسف ظلت ذكريات الامس عن آلام نتاجات هذه او تلك الطريقة العلاجية للبواسير سببا رئيسيا في إبعاد الكثيرين عن استشارة طبيبهم حينما يظهر عندهم مايدعو للشك بوجود البواسير، وبالنتيجة استفحال الموضوع وتحويله من سهل الى معقد، ناهيك عن العوامل النفسية السلبية الناتجة عن ذلك.
لذلك يهدف هذا الطرح الى ايضاح الخطوط العريضة لمعالجة البواسير حسبما اصبح متعارفا عليه في المراكز الطبية الحديثة.
نظرا لفعالية وحساسية الشرج فإن اعراض البواسير غالبا ماتكون مصدرا للازعاج وعدم الراحة، وبالرغم من قدرة المريض على إهمال هذه الجوانب لفترة، إلا انه بالنهاية يضطر لاستشارة طبيبه متغلبا على عوامل الحرج والخجل، وهنا يبرز جانب أهمية تشجيع الطبيب للمريض كي يسرد تاريخه المرضي بدقة، وغالبا ماتكون شكوى المريض متعلقة بواحدة أو أكثر مما يلي:
1 درجات متفاوتة من الألم.
2 انتفاخ او ورم,
3 حساسية وحكة.
4 إفرازات.
5 نزف دموي.
تقسم البواسير الشرجية الى اربع درجات حسب شدتها:
1 الدرجة الأولى تسبب نزفا دمويا شرجيا مع عدم ارتياح في منطقة الشرج، ولكن بدون ظهور أي زوائد لحمية.
2 الدرجة الثانية تسبب الظهور المتقطع لزوائد لحمية من منطقة الشرج خصوصا بعد التبرز.
3 الدرجة الثالثة تسبب الظهور الدائم للزوائد المذكورة ولحين إعادتها الى داخل منطقة الشرج من قبل المريض.
4 الدرجة الرابعة تسبب اختناق الزوائد اللحمية خارج منطقة الشرج مع ألم حاد مستمر، اما التصنيف العملي للبواسير المعتمد على ربط درجة شدتها بأفضل وسائل علاجها فيعتمد على التقسيم التالي:
1 البواسير الداخلية.
2 البواسير الداخلية المنزلقة خارج فتحة الشرج بدون أي جزء خارجي.
3 البواسير الداخلية ذات الامتداد خارج قناة الشرج على شكل زوائد ووسائل جلدية.
ولعل اهم جانب من جوانب علاج البواسير يكمن في الوقاية من الامساك، والامتناع عن شد منطقة الشرج اثناء التبرز، ويتم ذلك بزيادة كميات السوائل والألياف مع الطعام، ويشكل خبز النخالة والخضروات مصادر اساسية للالياف.
تعالج البواسير الداخلية عن طريق حقنها زرقها في العيادة الخارجية بمادة مخثرة ويمكن استعمال ذات الطريقة للبواسير الداخلية المنزلقة، إلا ان الربط بالحزام المطاطي او العلاج بأشعة الليزر لايمكن إغفال دورهما في هذا المجال.
وطريقة الزرق بما احاطها من تغيرات هامة مؤخراً خصوصا الابتعاد عن استعمال الابرة ثلاثية المقبض والمواد دهنية القاعدة اصبحت وسيلة سهلة تمارس بالعيادة الخارجية ويمكن اعادتها بعد ستة اسابيع، وتأتي بنتائج فاعلة تغني عن تدخلات اكثر تعقيدا.
تحتاج البواسير الداخلية ذات الامتداد خارج قناة الشرج الى تدخل جراحي او تعامل بواسطة التجميد، ولقد احدثت العملية المغلقة لازالة البواسير تغييرا جذريا في عموم مرحلة الشفاء من التداخل الجراحي، فبالاضافة الى عدم وجود حشوة بها فإن عدم وجود مناطق مفتوحة حول منطقة الشرج يعني تماثل المريض للشفاء بزمن قياسي بدون اي من الآلام المبرحة الناتجة عن التدخل الجراحي الكلاسيكي للبواسير او النزف الدموي المصاحب له، اضف لذلك مغادرة المريض المستشفى خلال 24 ساعة بعد العملية وعودته الى عموم نشاطاته السابقة بأقل من أسبوع.
ولذلك فإن التعامل الواقعي والعقلاني مع البواسير الشرجية يمكن أن يأتي نتائج إيجابية، وبأزمان قياسية بعيدا عن مخاوف خلقتها ممارسات باتت منسية.
وتبقى هنالك حقيقة تعلو غيرها وهي ان اتباع النظم الغذائية التي تقدم للجسم الكميات المطلوبة من الالياف سوف ينعكس ايجابيا ليس فقط في تقليل نسب ومشاكل البواسير الشرجية وإنما بزيادة عدد الاصحاء في مجتمع تقنيات وعلوم اليوم المتطورة.
*استشاري الجراحة العامة وجراحة الجهاز الهضمي
|
|
|
|
|
