| الاقتصادية
عرفت الشعوب القديمة النقود وصكتها وتعاملت بها منذ الألف السابع قبل الميلاد، حيث اكتشفت اول قطعة معدنية نقدية في مملكة ليديا في تركيا.
وقد صكت الشعوب نقودها وطورتها بأشكال مختلفة وأعطتها اسماءها، وغالبا ما كانت تصنع من الذهب أو الفضة ثم وبفعل التطور وظهور أشكال مختلفة من عمليات التبادل السلعي تطورت اشكال النقود، وتغيرت طرائق استخدامها حسب متطلبات كل عصر واحتياجاته.
واليوم، يعتبر النقد وسيلة مهمة من وسائل دعم السياسة الاقتصادية للدولة، سواء في عمليات الاستيراد والتصدير، أو مكافحة البطالة، أو تشجيع الادخار والاستثمار عن طريق الفوائد، كما انه رمز من رموز سيادة الدولة.
فالنقد ليس مجرد رقم تحمله الورقة او القطعة النقدية يحدد قيمتها التداولية، بل هو اهم بكثير من ذلك ففي كل العصور كان يجري تصميم القطعة النقدية او تصك لتلائم رسالة امة أو حضارتها أو تطلعاتها، فتحمل بعضا من تراثها او شخصيتها او ثقافتها او سماتها.
ويمكن ان يكون النقد وسيلة الدفاع المحلية، ويمكن ان يصل إلى مرحلة الدولية، فهناك الدولار، والمارك والجنيه الاسترليني، والين.
وقد أضيف الى هذه العملات (اليورو) مؤخراً، حيث يطلق على جميع هذه العملات وصف العملات الدولية، وتعتبر الوظائف التالية اهم ما يمكن ان تتمتع به هذه العملات، وهي كونها وسيلة للمبادلة، ووحدة محاسبية، ومخزنا للقيمة.
أما العملة الدولية، فإن لها شروطا ينبغي توافرها فيها، هي:
1 الثقة في قدرة الدولة المصدرة للعملة على التحكم في معدلات التضخم.
2 الوضع الاقتصادي للدولة المصدرة، ونصيبها في التجارة الدولية، وامكانية تلافي تأثيرات الصدمات الخارجية.
3 تجنب فرض قيود على اسعار الصرف وحركة رأس المال.
4 وجود اسواق مالية على درجة عالية من العملة والسيولة، مما يزيد الطلب العالمي على العملة.
5 الاستقرار السياسي في الدولة المصدرة.
ويشير بروز اليورو اليوم الى تطور مهم في الكتل النقدية الدولية، فبينما ساوت قبل الحرب العالمية الثانية ولسنين طويلة الكتلة الاسترلينية النظام النقدي العالمي، جاء الدولار بعدها ليأخذ مكان الصدارة في السوق الاقتصادية العالمية وبدءا من 1/1/1999م جاء اليورو لينافس الدولار وليقف تجاهه، وليصبحا كتلتين نقديتين رئيسيتين هما (الدولار) و(اليورو).
وقد مرت عملية اصدار اليورو بمراحل مختلفة ولا تزال امام مراحل أخرى.
لقد شكل اليورو مغامرة حقيقة في طريق البناء الاوروبي، كما يقول مؤلف كتاب أوروبا 2000م وسينتقل بأسلوب الحياة الاوروبية من واقع الى واقع آخر جديد ومختلف.
يورو EURO هو اسم العملة الاوروبية المشتركة لبلدان الاتحاد الاوروبي وقد تم تسجيله في هيئة القواعد والمعايير الدولية بهذا الاسم الذي سيُعتمد كذلك بالنسبة لغيره من الكلمات المختصرة.
وقد وقع الاختيار على هذه التسمية في قمة قادة الاتحاد الاوروبي في مدريد أواخر 1995م التي ستعرف أبدا بأنها قمة العملة الموحدة.
لقد بات (اليورو) حقيقة واقعة وبات كثير من التعاملات غير النقدية تتم به، .
وسارع افراد لفتح حسابات لهم ب(اليورو) وبدأت بعض الدول اضافة اليورو إلى سلة عملاتها، وباتت تنظر إليه كمنقذ من الدولار الذي قامت بسببه أزمات.
يتفق معظم المحللين الاقتصاديين والسياسيين على اعتبار انطلاق اليورو حدثا مهما توجت فيه اوروبا مسيرتها التوحيدية مع نهاية القرن العشرين.
فاليورو انجاز تاريخي وعلامة فارقة في تاريخ اوروبا الحديث، بحيث تستقبل أوروبا القرن الحادي والعشرين وهي تشكل مركز ثقل اقتصادي ومالي عالمي يوفر ل(اليورو) امكانية النجاح والاستمرار في التمهيد لاقامة ولايات متحدة اوروبية.
إن نجاح اليورو مرهون بمدى استعداد كل من الدول ال(11) في الاتحاد الاوروبي، لتقديم تنازلات وتضحيات في سبيل المجموعة، وتحقيق النمو الاقتصادي الاوروبي الشامل، ومدى استعداد هذه الدول لتوفير القوة السياسية العالمية التي يمكن ان توفر مظلة دعم للعملة الاوروبية الموحدة.
ان اليورو هو عملة اوروبية مهمة يستند على مقومات تجعله يرتقي الى مستوى العملة الدولية التي لابد ان تحقق توازنا في النظام النقدي العالمي الذي تقوم عليه أمريكا متفردة بادارته، مدعومة كما يقول د, سمير صارم في كتابه اليورو بقوى عسكرية وسياسية واقتصادية يتمشى، اضافة إلى وضع دولي ضعيف، وميراث تاريخي جعل الدولار عملة العالم الاولى.
ختاماً أقول :
هل سيحقق اصدار اليورو فرصا تجارية مهمة وحقيقية بين الدول العربية ودول منطقة اليورو ,,,, ؟
وهل سيكون في مقدور الدول العربية الانفلات من هيمنة القطب الامريكي ونظام الدولرة ,,, ؟!.
أسئلة في حاجة إلى اجابات ,,, !!
فهل آن أوان ذلك ,,, !!,.
* عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية .
|
|
|
|
|