| محليــات
إسرائيل تعرف حقَّ المعرفة، أنه ليس هناك عربي واحد يجهل أنها تملك أقوى ترسانة عسكرية في المنطقة، ابتداء من القنابل النووية وانتهاء بالأسلحة الخفيفة، وإسرائيل استنفذت كل وسائل العنف والقتل والتدمير بحروب مع جيوش عربية، وبغزو بلدانه، وباغتيالات لقادة منظمة التحرير, ومع ذلك تعرف إسرائيل أن هزيمة الفلسطينيين في لبنان ولَّدت انتفاضة أطفال الحجارة، وأن دخول شارون المسجد الأقصى بدعم من باراك ولَّد انتفاضة الأقصى.
والسؤال هنا لماذا التصعيد الآن؟
فإذا كانت إسرائيل تعرف أن العنف لم يقهر الشعب الفلسطيني أو يثنه عن حقوقه المشروعة، فلماذا المساس بالمشاعر الدينية وتصعيد وتأزيم الشارع الفلسطيني ابتداء من مناقشات ما يسمونه (جبل الهيكل) وانتهاء بانتهاك شارون ثالث الحرمين,,؟
إن شارون وباراك كليهما ينتمي للمؤسسة العسكرية، وهما وجهان لعملة واحدة, فالجنرال باراك لا يعرف إلا لغة الحرب، فهو لا يستطيع أن يفكر بمنطق السلام، وهما معا شارون وباراك وما يمثلانه من فكر سياسي يرون في السلام تحديا حقيقيا لمطامع توسعية تمليها أحلام مهووسة بالتنقيب في التوراة والبحث عن جبل الهيكل أو قبر يوسف عليه السلام، وغير ذلك من أساطير الشعب اليهودي.
ولذلك فإن اختيار التوقيت في تفجير الموقف وإعادة الصراع من جديد على شكل مواجهات مدروسة بعناية، فراعية السلام أمريكا ليست في الأصل محايدة ولا يمكن لرئيسها في ظل انتخابات أن يفعل شيئاً، والهدف الإسرائيلي هو إسقاط السلطة الوطنية الحالية لأنها لم تقبل بالشروط الإسرائيلية، ومن هنا فإن حالة الفوضى العارمة في الضفة والقطاع تلغي إمكان إعلان قيام الدولة الفلسطينية، ويُطوى ملف السلام، أو خلق قيادات مستسلمة تقبل بالشروط الإسرائيلية.
وإذا كانت إسرائيل تعرف أن جنود السلطة الوطنية هم من كوادر الجهاد الفلسطيني، وعاشوا فترات حرب أقسى في لبنان وغيرها، فإن عليها أن تعي الدرس الحقيقي من وضع المنطقة كلها في أجواء حرب، وأن تعلم أيضا أن السلطة الوطنية الفلسطينية تزداد قوة وصلابة مهما كان حجم التضحيات.
|
|
|
|
|