| عزيزتـي الجزيرة
منذ أن حل هذا الوباء بمنطقتي ومسقط رأسي جيزان وأنا في حالة حزن والم شديدين.
منذ ذلك الحين وانا اغالب دمع عيني الذي يكاد ان يغلبني في معظم الأحيان وبالذات عندما اسمع او أقرأ عن مزيد من الاصابات والوفيات.
إنني لأبكي حزناً على اولئك البسطاء الذي ماتوا من هذا الوباء.
إنني لأبكي حزناً على أولئك الأطفال الذين فقدوا آباءهم أو أمهاتهم لتزداد حياتهم عناء وشقاء.
إنني لأبكي إنساناً كان يتمتع بالصحة والعافية وفي خلال ساعات قليلة صار جنازة تحمل على الأكتاف دون ان يغسل خوفاً من العدوى ويهال عليه التراب ويقال رحمك الله يا فلان.
نعم إنه الواقع المر في جيزان.
إنه لمن الألم والحزن ان ترى تلك القرى وقد عكر هدوءها النواح والبكاء.
إنه لمن الألم والحزن ان ترى تلك العشش الصغيرة المتناثرة وقد تحولت الى مجالس عزاء.
إنه لمن الألم والحزن أن ترى مشقة العيش وقد خالطها الخوف والرعب على وجوه أولئك البسطاء.
نعم إنه الواقع المر في جيزان.
لقد رحلوا وهم يحلمون بالكهرباء.
رحلوا وهم يحلمون بشبكات الماء.
رحلوا وهم يحلمون بطرق مسفلتة تريحهم من وعورة الطريق ومحاصرة السيول.
رحلوا وهم يحلمون بتلك القروض ليودعوا النوم في العراء.
رحلوا وهم يحلمون ويحلمون ويحلمون,,.
رحلوا وتركوا احلامهم إرثاً يتوارثه الأبناء
لقد رحلوا وفي آذانهم صدى عبارة تقول عدم توفر الإمكانيات .
نعم إنه الواقع في جيزان.
لقد اختفت رائحة الفل والكاذي والريحان لتحل مكانها رائحة الحنوط والأكفان وخيم الحزن والخوف في كل مكان.
مسكينة جيزان.
إنها ضحية حمى اسمها الاهمال والتهميش والنسيان.
إنها ضحية حمى اسمها الكسل.
نعم إنه الواقع المر في جيزان.
حمى الوادي المتصدع جاءت لتتبع أمراضا من الحمى سبقتها ومازالت لقد جاءت لتكشف الحقيقة واضحة جلية للعيان برغم ما وزعته في نفوسنا من الحزن والألم.
حمى الوادي المتصدع جاءت لترفع ستارا ظل مسدلاً لأكثر من ثلاثين عاماً.
نعم لأكثر من ثلاثين عاما ظلت تلك الفاتنة جيزان صامتة صادمة كصمود جبال فيفاء وعيبان, لأكثر من ثلاثين عاماً وتلك الفاتنة في خدرها تنتظر الخروج بها من المتاهات والظلام ليتم اخذها على كفوف الحب والراحة لتنسى عناء السنين والأيام.
نعم انه الواقع المر في جيزان.
إن الحدث المر الذي نعيشه الآن ناتج من حالة إدارية سيئة دامت طويلاً ,, الناس الآن يدفعون ثمن سلبيات الهيكل الإداري الذي يعمه الخلل من كل ناحية وصوب ,, إن جيزان بحاجة الى هيكل إداري أكثر قوة ومصداقية وعطاء يضع نصب عينيه مصلحة الوطن والإنسان.
إن الإدارة القوية والواعية تعني كثيرا من العطاء ,, تعني الكثير من المشاريع والخدمات.
وفي الختام اتمنى من الحكومة الرشيدة ان تعطي أبناء الذين توفوا من هذا المرض إعانات شهرية تعينهم على مواجهة الحياة حتى يشتد عودهم.
حسين عبده كريري الرياض - جامعة الملك سعود
|
|
|
|
|