| مقـالات
عندما تشفق المعلمة على تلميذاتها ومن نفسها وحصتها,,! أظن أن خطورة ما قد لاحت في أفق تعليمنا، وربما توطنت حتى اعتدنا عليها,,,! هذا الاشفاق سمعته من أكثر من معلمة وأحسسته شخصياً,,!
فحين تدلف المعلمة على طالباتها تجد المعلمة السابقة قد حشرت العقول ولقنتها ما شاء الله تعالى لها، وكذلك السبورة قد امتلأت بألوان عديدة وكلمات أكثر عدداً وعلى الطالبة أن تُفرغ هذا الامتلاء في دفترها، وفي فترة وجيزة عليها أيضاً أن تتهيأ للدرس القادم ومعلومات تختلف تماماً عن سابقتها ومعلمة ملقنة أخرى,,!
لكن هذه الأخرى تطلب إزالة سريعة لما علق بالسبورة,,,! وعلى الطالبة أن تدبر نفسها فلا وقت لدى المعلمة كي تضيعه لأجل درس مضى,,! وهكذا تأخذ بقلب وعقل الطالبة حتى قبل أن تتهيأ لمعلومات أخرى جديدة,, وتظل تفرغ ما في جعبتها مما استقته من الكتاب المدرسي الذي لايسمح لها أن تضيع وقتاً وطبعاً بالأسلوب ذاته أو حتى إن نوعت في أسلوبها تظل النتيجة واحدة,,,!
عيون ذابلة,, ونفوس لاهثة، وقلوب ملت، وتقبل ضعيف واستعداد أكثر ضعفاً,,!
فهي أي الطالبة تظل ست حصص أو سبع على تلك الحالة,, متنفسها الوحيد ربع ساعة فقط قد تنتهي وهي أمام مقصف المدرسة تزاحم الجموع لأجل الشراء,,,!
فلماذا كل هذا الضغط والحشو على تلك الرؤوس وخاصة الصغيرة منها؟! الحقيقة أن بيننا وبين التعليم بالترفيه مسافات ومسافات عديدة فحتى المكان وضيقه والطالبات وأعدادهن تشعر بالخيبة أو حتى تنذر بالخيبة,,,؟!
لكن تظل المحاولة أجدى من التباكي,.
فلماذا هذا اللهاث والتسابق على حشو تلك الرؤوس بما لا تطيقه؟ إذا كان ديننا الحنيف قد حثنا على الترويح عن النفس وعدم ارهاقها حتى في أمور العبادة، فلماذا نقترف ذلك في هذا الموضوع الخطير التعليم ؟!
أتدرون أن إحدى الأخوات التي كان أولادها يدرسون في الخارج في المرحلة الابتدائية تقول أنها لم تشعر بالضغط على اولادها وهم يدرسون هناك برغم انهم يذهبون إلى المدرسة صباحاً ولا يعودون إلا في الرابعة عصراً في حين أنها لمست هذا الضغط عليهم في مدارسنا برغم أنهم يأتون إلى البيت ظهراً,,! وعلى الرغم أيضاً أنهم الآن في مدارس أهلية راقية,,,!!
فإلى من تُشير أصابع الاتهام,,؟!
بالطبع لا نستطيع أن نعاقب الطالبة فليس جميعهن مهملات او قليلات صبر,,! بل إن هذا الملل اصبح جماعياً مما يعني صعوبة الحكم الجماعي,, وكذا المعلمة فهي بهذا الاشفاق تزيل شيئاً من التهمة عنها وليس كلها فهي أيضاً تُشفق على نفسها مع طالباتها بهذا المنهج الذي يكبل وقتها، ويضغط على كل دقائق الحصة ويُضعف كل محاولات التجديد لديها,,,!
إذاً يبقى لدينا هذا المنهج أو المقررات التي لا نستطيع القول عنها إلا أنها المتهم الأول في كل هذا,,,؟!
بالتأكيد كثر الحديث عن هذا الموضوع لكن يظل من يعاني وحده أكثر من يعاني,,! وهو أقدر على شرح(!) معاناته,.
فهكذا نحن نهدف إلى الكم وكأن الطالبة ستستوعب كل ما سيقال,,! مواد عديدة تزاحمت فيها مواضيع كثيرة وتكرار عجيب في بعض المواضيع المقررة.
انظروا مثلاً إلى طالبات الصف الأول حيث يدرسن عدداً من الحصص تفوق سنوات عمرهن الست حيث سبع حصص في أكثر من يوم بعد اقرار حصة الواجبات,,!
ثم عودوا إلى كتاب القراءة ستجدون أن أجيالاً عديدة مرت على هذا الكتاب وهو يتألق ب(قَ رَ أَ وكَ تَ بَ) وبنفس الصور والكثافة,,!
برغم أن التدريس الآن صار بالمتصل وليس المتفرق مما أضعف علاقة الطالبة بالكتاب، هذا الكتاب الذي امتلأ بما لا تطيقه المعلمة ولا الطالبة,,! ثم قارنوا بين مناهج الطالبات ومناهج الطلبة وليكن في مادة العلوم فقط,,,!! والأمثلة كثيرة وكثيرة جداً,,! إننا ما زلنا نتفاءل بالتطوير الذي نسمع كثيراً عنه فنحن نريد الطالبة لا أن تنجح فقط بل تتعلم,.
وبعد أتمنى ألا يرهقني أحد بالحديث عن النشاط وكيف أنه يراعي هذا الجانب الغائب لدى الطالبات,,!!
المفترض أن يكون كذلك بل وينمي مواهب الطالبات ولكن ساعة ونصف الساعة في نهاية يوم دراسي ومن دون أية امكانات هذا يجعل المواهب تحبو إن وجدت,,!
|
|
|