|
| عزيزتـي الجزيرة
لقد انعم الله على هذه البلاد بنعمة الإسلام والامن والرخاء في ظل حكومتنا الرشيدة وشرفها ببيته العتيق قبلة المسلمين في مشارق الارض ومغاربها، وانزل كتابه العظيم على خاتم المرسلين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم يُتلى الى ان يرث الله الارض ومن عليها، وهذه من اكبر النعم علينا وعلى جميع المسلمين، فالواجب علينا ان نشكر الله ونتمسك بتطبيق تعاليمه، وبالسنة المطهرة السمحة، وان نُحسن التعامل مع الغير والتحبب الى اخواننا المسلمين، والعطف علىالضعفاء والايتام والمحتاجين، ونبذ الخلافات والتحاسد فيما بيننا وخلاف ذلك.
هذه مقدمة وجيزة لموضوعنا عن تأخر نزول المطر على بلادنا منذ اكثر من عامين فجف اكثر الحقول ونضبت مياه معظم الآبار، وأوشك كثير من الفسائل والنخيل على الهلاك,.
ولوحظت ندرة الماء في بعض الارياف والقرى، كما ان الدواب والماشية قد بدا علىجزء منها الضعف والهزال وخاصة التي تعتمد على الرعي من البراري والفلوات ورغم ماننعم به الآن من خيرات وعيش رغيد الا اننا في امس الحاجة الى نزول الامطار ووفرة المياه لتعم ارجاء البلاد، فالله سبحانه وتعالى يقول في محكم كتابه العزيز وجعلنا من الماء كل شيء حي افلا يؤمنون سورة الانبياء الآية 30.
وربما يكون سبب منع نزول القطر هو مانقترفه من ذنوب وسيئات، وتقصير في عدم إخراج الزكاة الى مستحقيها، والإحسان الى المساكين والإسراف في التنعيم والترفه فالترفه الزائد يذهب الفطنة والغفلة عن المحتاجين، ويقال ان البطنة تذهب الفطنة.
ويقال من فوائد مشروعية الصوم شعور الغني وتذكيره باحوال المعوزين وذوي الحاجة، فيسخو لهم ويمدهم بما افاض الله عليه من النعم، فالواجب علينا جميعاً إذا اعلن عن إقامة صلاة الاستسقاء ان نبادر بتقديم ماتيسر من الصدقات قبل الصلاة اخذاً بقوله سبحانه: فقدموا بين يدي نجواكم صدقة سورة المجادلة الآية 12, فالصدقة مطفية للغضب ودافعة للنقم مرضية للرب، وجالبة للرزق، ويقول المصطفى صلى الله عليه وسلم مانقص مال من صدقة بل تزده بل تزده الحديث,, فالتكرار إيغال للتأكيد وفي الحديث الشريف يخبر عن مانع الزكاة بقوله مامنع قوم زكاة اموالهم إلا منعوا القطر ولولا البهائم لم يمطروا ونتمنى من ائمة المساحد والخطباء الاستمرار بالتذكير، والحث على تقديم شيء من الصدقات قبل الذهاب الى المصليات للاستغاثة ثم توزيعها على المستحقين، لعل الله يرحم عباده وبهائمه، وبهذه المناسبة يحسن بي ان اذكر ماكان يعمله اسلافنا قديما عند تأخر نزول المطر:
يقوم إمام الجامع بعد صلاة الجمعة في حريملاء وفي غيرها من البلدان مذكراً بكلمة وجيزة يحث المصلين على تقديم ماتيسر من الصدقات او نقدية مذكرا لهم بجود الله على المحسنين والمتصدقين فيقوم اثنان او ثلاثة من الاشخاص المتطوعين يسيرون امام الصفوف بعد صلاة الجمعة وآذانهم مصغية الى مايتفوه به المتصدق، ولا زالت تلك الاصوات الجميلة التي يتفوه بها مكبر الصوت المنادي ترن في اذني بقوله: عند فلان صاع عيش عند فلان عشرين وزنة تمر عند فلان نصف ريال، عند فلان مد عيش والبعض يقال عنه: فاعل خير وهكذا يكون التلاحم والتعاطف بين المسلمين كل حسب طاقته ومجهوده، ثم تجمع لدى من لهم خبرة باحوال الضعفاء ومستوري الحال فتوزع بطريقة سرية قبل الذهاب الى المصلى لصلاة الاستسقاء، والطريف في الامر انهم يخرجون مواشيهم معهم عند الذهاب الى الصلاة خارج اسوار البلد طمعاً في الرحمة واستجابة المولى لهم,.
ويعلم الله ان السحب قد تهطل في ذلك اليوم او في تلك الليلة علامة على الاستجابة من الله ومصداقاً لقوله تعالى: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب اجيب دعوة الداعي إذا دعان ولماذا لا نحذوا حذو من سبقونا؟ وصدق الشاعر حيث يقول:
ولم ار في عيوب الناس عيباً كنقص القادرين على التمام |
عبدالعزيز بن عبدالرحمن الخريف محافظة حريملاء |
|
|
|
|
