| وَرّاق الجزيرة
قرأت ما نشر في جريدة الجزيرة بعددها 10180 وتاريخ 12/5/1421هـ' بعنوان (هذه الآثار موجودة ببلدة غاف الجواء) وقبل أن أتكلم عما تم طرحه أحب أن أشكر الأخوين القديرين: ناصر الحربي، وعبدالله الحربي على طرحهما الجيد واهتمامهما بالآثار والمحافظة عليها, ويدل توجيه هذا النداء لحماية الآثار من العبث بها على إخلاصهما وغيرتهما على آثار المنطقة.
ذكر الكاتبان ما نصه: (ويوجد ببلدة غاف الجواء بالقصيم العديد من الآثار الهامة والتي يجب حفظها والعناية بها ومن الآثار الموجودة: (مربط فرس عنترة) وحصاة (عبلاء وعنترة) (النصلة), وهذه الآثار هامة وتاريخها معروف وقديم,, فيجب إعادة تسوير مبانيها ونسبتها إلى بلدة (غاف الجواء) بالقصيم حيث شاهدنا البرامج التلفزيونية والإذاعية تنسبها لغير بلدتنا, (إلى متى هذا التجاهل ونسيان بلدة الآثار والتاريخ؟!) انتهى كلامهما.
أقول: إنني أرى (كباحث) فيما ذكر التالي:
أولا: صخرة (مربط فرس عنترة بن شداد):
1, الموقع:
تقع في منطقة غاف الجواء، إلى الشمال من حصاة النصلة بحوالي 700م، وتسمى عند الأهالي (مربط فرس عنترة بن شداد)، أما الجغرافيون فإنهم يطلقون عليها اسم : شكل فطري، أو عيش الغراب وسميت بهذا الاسم لأن شكلها يشبه نبات عيش الغراب.
2, أثرية الموقع:
لم يجد الباحث ما يشير إلى أثرية تلك الصخرة من كتابات أو غيرها سوى ما تقوله الروايات الشعبية: ان عنترة بن شداد فارس تلك المنطقة كان يربط فيها فرسه حين يجلس مع محبوبته عبلة في ظل الصخرة الأخرى كما تروي الأقاصيص (1) , ويضيف بعض الأهالي أنها نحتت من الأسفل بواسطة رباط الفرس ثم اتخذت هذا الشكل!
ولكننا لانركن إلى مثل هذه الروايات التي تشوبها الخرافة وعدم الدقة التاريخية، ويرى الباحث ان تلك الروايات من نسج الخيال لأن الخيل في ذلك الوقت لا تختلف عما هو موجود الآن والمتعارف عليه ان الخيل تربط بشجرة أوصخرة قطرها حوالي 40 سم فما الذي يجعل عنترة يربطها بصخرة محيطها حوالي 4م حاليا؟ أما قبل النحت فمحيطها 24 م تقريبا.
ويجب ألا ننسى أن العامة وفي فترة الإظلام التاريخية اعتادت نسبة كل شيء فيه مظهر القوة والمنعة إلى مارد (خاصة في الأسياح) أو عنترة (خاصة في الجواء وقصيباء) أو بني هلال (في منطقة القصيم عامة), والباحث لا يعرف تاريخاً وزمناً محدداً لسلطان مارد أو بني هلال! سوى ما يتناقله الأهالي من حكايات لا نركن إليها، فهي آراء ليست قاطعة, وهذا رأي الباحث أما الحكم على ما سبق ذكره فانه يحتاج إلى دراسات دقيقة، والرجوع لبعض المصادر,.
3, حماية الموقع:
تم حماية الموقع بشبك ويحتاج إلى صيانة فقط، بسبب ما تعرض له من قبل ضعاف النفوس أو من قبل الصبية أو من العابثين، ممن ليس لديهم الحمية، أو الوطنية، وقد سبق ان أبلغنا وكالة الآثار والمتاحف عن حاجة الشبك إلى صيانة، والحقيقة ان وضع حراسة لهذا الموقع, فذلك يعني أننا بحاجة إلى مئات الحراس لحماية الآثار المشابهة لهذا الموقع في المنطقة وسيتم قريبا وضع حراس على المواقع الأثرية الهامة في منطقة القصيم بعد حصر جميع المواقع الأثرية والوقوف عليها.
ويرى الكاتب الطرق التالية لحمايتها:
1, نظراً لوجود تعديات في عدة مواقع, شأنها في ذلك شأن جميع المواقع الأثرية بمناطق المملكة, لذا من الصعوبة ان يقوم المعنيون بالآثار بمراقبة جميع آثار المنطقة والتعديات التي تحصل من قبل ضعاف النفوس ممن ليس لديهم الحمية أو الوطنية, لذا نقترح ان يكون للمحافظين، ورؤساء المراكز دور بارز في ذلك.
2, ان يكون للأهالي دور في حماية تلك الآثار.
3, التعاون مع وحدة الآثار والمتاحف بالمنطقة حول هذا الموضوع.
4, توعية المواطنين حول هذا الموضوع عبر وسائل الإعلام خاصة المرئي، فمشكلة حماية الآثار ليست محصورة بمنطقة القصيم وإنما هي عامة، وتعاني منها جميع مناطق المملكة.
4, نسبة الموقع:
الباحث يوافق ما ذكره الكاتبان ويخالف ما ذكره بعض الأهالي، أو الباحثين، أو ما تردد عبر وسائل الإعلام المرئي أو المسموع (حسب ذكر الكاتب) في نسبتها إلى عيون الجواء، وهذا الموقع زرته عدة زيارات ميدانية، وألفيته يقع في غاف الجواء لا عيون الجواء، وأعتقد أن بعض الباحثين (وبعض الأهالي) نسبها إلى عيون الجواء لاعتقادهم أن المنطقة كلها تسمى عيون الجواء والصواب ان المنطقة الواسعة تسمى ب (الجواء) وحدودها معروفة، وفي داخل هذه المنطقة: عيون الجواء، غاف الجواء، روض الجواء، وغيرها من المراكز.
وأعتقد أن بعضهم نسبها تحديدا بمحافظة عيون الجواء لشهرة المحافظة، ولقرب تلك الآثار منها.
ثانيا: حصاة النصلة
1, الموقع:
تقع في منطقة غاف الجواء (شمال عيون الجواء) وتسمى عند الأهالي (حصاة النصلة)، أما التسمية الجغرافية لهذه الظاهرة فهي عيش الغراب أو شكل فطري وقد أخذت هذا الشكل نتيجة نحت المياه لها من أسفل.
2, أثرية الموقع:
لقد بحثت في تلك الصخرة فوجدت فيها نقوشا لحيوانات, منها نقش وعل ونقش لحيوان يشبه الزرافة وكتابات قديمة (غير واضحة) وهي بلا شك عندي أنها أثرية، وقد أكد الباحث أسكوبي وآخرون، أنهم وجدوا بها نقشا قديما بخط المسند الشمالي، وقرأته (بعد حب وعج (2) ).
يقول الشيخ العبودي: سميت النصلة بهذا الاسم لأنها نصلت: أي انفردت عن الجال الذي يقرب منها والذي يحد الجو الذي تقع فيه من الشمال, فيها كتابات قديمة قيل: إنها ثمودية (3) .
ويقول د, الوشمي رحمه الله: توجد بجانب الكتابات صور لحيوانات وطيور وزواحف كثيرة متعددة الأشكال قد لا توجد الآن نوعيتها ولعلها كانت في السابق مما يتوفر وجوده في جزيرة العرب فانقرضت منها لعوامل كثيرة لا تخفى على دارس البيئة، ومن هذه الحيوانات صورة لزرافة كبيرة وصور لأجزاء وحيوانات أخرى ذات قرون أشبه ما تكون بالوعل (4) .
أقول: هذه الكتابات أخذت نصيب الأسد في منطقة القصيم: إعلاما ، وبحثا، وحماية, مع العلم ان هناك عشرات المواقع تحوي كتابات أثرية أهم منها لم تأخذ نصيبها من : الإعلام، والبحث، والحماية, وسيتم قريبا إن شاء الله تصنيف الأهم منها بعد حصر جميع المواقع والوقوف عليها, ثم إعطاؤها ما تستحق من : الإعلام، والدراسة، والحماية.
3, حماية الموقع:
أيضا هذا الموقع تم حمايته بشبك ويحتاج إلى صيانة فقط، بسبب ما تعرض له من قبل ضعاف النفوس أو من قبل الصبية أو من العابثين، ممن ليس لديهم الحمية، وقد سبق أن أبلغنا وكالة الآثار والمتاحف عن حاجة الشبك إلى صيانة, وأعتقد أنها في طريقها إلى الصيانة فمثل هذه الأمور تحتاج وقتا لتنفيذها, والذي أعرفه عن سعادة وكيل وزارة المعارف للآثار والمتاحف أ,د, سعد بن عبدالعزيز الراشد حفظه الله انه حريص كل الحرص على الآثار بجميع مناطق المملكة.
4, نسبة الموقع:
الباحث يوافق أيضا ما ذكره الكاتبان ويخالف ما يذكره بعض الأهالي أو الباحثين في نسبتها إلى عيون الجواء, فهذا الموقع زرته عدة زيارات ميدانية، وألفيته أيضا يقع في غاف الجواء، أما من نسبها إلى غير ذلك: فالصواب قد ذكرته آنفاً,.
هذا ما أحببت أن أشير إليه مع شكري وتقديري للجميع.
الحواشي:
1, الوشمي الجواء، ص57.
2, اسكوبي وزملاؤه، القصيم تراث وحضارة، 1417 ه ص38.
3, العبودي بلاد القصيم، ج2 ص793.
4, الوشمي الجواء, ص54.
تركي بن ابراهيم القهيدان
|
|
|
|
|