| مقـالات
* عاشت العاصمة العراقية بغداد، مساء يوم السبت 14 أكتوبر 2000م، احتفالية جديدة في سلسلة الاحتفاليات العظيمة ، التي يمنحها الرئيس العراقي العظيم لشعبه العظيم ,,! فالطائرة السعودية المدنية المختطفة، التي تم تحويل مسارها بقوة السلاح فوق البحر الأبيض المتوسط في اتجاه بغداد، هي في حسابات الآلة الدعائية العراقية الحالية؛ صيد ثمين، يجب استثماره إلى أقصى درجة من الدعاية والتهليل والصراخ، بغض النظر عن كونها طائرة مدنية تحمل على متنها مدنيين عزل لا ذنب لهم ولا حول ولا قوة، وليس مهمّاً عند بغداد مثل هذه الوسيلة التي اقتيدت بها الطائرة والناس في جوفها، ما دامت هذه الوسيلة تؤدي إلى غاية مرسومة ومعروفة عند السيد الرئيس القائد العظيم ، فالغاية مهما كانت سيئة ورخيصة عند حكام بغداد، فهي في النهاية، وبالضرورة؛ تبرر كل وسيلة ممكنة، حتى لو كانت هذه الوسيلة تقوم على التغرير والتشويش، والإيهام بما هو غير موجود أصلاً، المهم,, ان في هذه النهاية، اضافة يوم جديد في قائمة أيام النصر التي يغرق فيها شعب العراق حتى النخاع، انتصارات عظيمة ، بدأت بالنصر العظيم في قادسية صدام حسين المجيدة، التي ذهب ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين، وذهب معها شط العرب، وذهب مع الشط الذاهب عز العرب ومنعتهم ووحدتهم, ثم لم تتوقف هذه القائمة الطويلة عند النصر العظيم في أمِّ المعارك، التي لم تُبق من العراق العظيم للقائد العظيم سوى محافظة بغداد,,! وهي بكل تأكيد لن تتوقف ما دام في بغداد عظيم ، بل سيأتي على هذا العراق العظيم ، يوم يصبح فيه لكل يوم من أيام السنة ال365 يوماً، اسم جديد في قائمة الانتصارات المجيدة ، لهذا القائد العظيم ، ولحزبه العظيم ، وشعبه العظيم وبلده العظيم وأمته العظيمة ، الأمة التي يراها راكعة عند قدميه، هذا العراق العظيم ، البلد الذي فرَّ منه جوعاً وخوفاً في عهد رمز السلام والحرية ، إلى قارات العالم كافة، أكثر من ثلاثة ملايين عراقي، هم بكل تأكيد، لم يستطيعوا العيش في ظل رايات الانتصارات العظيمة ، لقائدهم العظيم ، في عراقه العظيم .
* منذ صباح يوم السبت هذا، 14 أكتوبر المجيد ,,! كان الشعب العراقي، يمارس واجبه اليومي في التطبيل والرقص والتهليل والتبجيل والتمجيد، لصانع الانتصارات العظيمة ، قائده الهمام,,! وذلك بمناسبة يوم جديد في القائمة إياها، هو يوم الزحف الكبير ,,! اليوم العظيم التي زحفت فيه الجماهير العراقية لتنتخب رئيسها العظيم ,, انتخاباً ديموقراطياً حراً,, ودليل حريته وديمقراطيته العظيمة ، أن الرئيس المنتخب، هو المرشح الوحيد,,! وأن الذي أدار هذه المسرحية، هو النائب الأول للرئيس الناصر لدين الله ,,! وأن أبطال المسرحية إيّاها، هم أعضاء حزب البعث الحاكم بأمر المرشح الوحيد، وأن النتيجة كانت مئة بالمئة لصالح القائد العظيم ,,! ما عدا صوت الرئيس نفسه، الذي رفض أن يمنحه لنفسه,,! فهذا عيب والله ما يجوز في حق الشعب العظيم ,,! هيه,, هيه,, هيه,,!
* وفي مساء اليوم نفسه، السبت 14 أكتوبر ، كان هذا الشعب المتعب من المهرجانات اليومية والاحتفالات القومية، على موعد مع مسرحية هزلية جديدة، تضيف يوماً بهيجاًو,, عظيماً إلى أيامه السعيدة ، فقد هرع إلى مطار صدام الدولي، آلاف الرجال ببدلهم العسكرية الكاكية، وكل رجال القائد العظيم في العهد العظيم ، يلبسون البدل العسكرية,,! وهرعت إلى المطار نفسه، عشرات السيارات والحافلات المخصصة لنقل الركاب، وجيء بمئات الصحافيين والإعلاميين، وممثلي القنوات الفضائية، حدث كل هذا والطائرة المخطوفة ما زالت في الأجواء السورية,,! فما إن حطّت الطائرة بسلام، حتى فتحت أبوابها، وصعد إليها رجال القائد العظيم يستقبلون القراصنة بالأحضان,,! ويزفُّون شابين غِرّين إلى واجهة الأضواء في سذاجة سمجة، لا تقل سذاجة وسماجة عن المطالب التي طرحها الخاطفان أمام شاشات التلفاز وأضواء الكاميرات,,! وراح الأذناب يصبُّون أسئلة تقريرية، يا لها من حفلة عظيمة ، كان الرفاق الأماجد في قنوات العرب، في انتظارها منذ زمن طويل,,!
* عاشت بغداد ليلة فرحية احتفالية عظيمة ,,! زاد من بهجتها ذلك الاهتمام غير المعهود الذي ظهرت به قنوات فضائية تعمل في سماء العرب، وفي مياه الخليج على وجه الخصوص، ضد التيار، وفي الاتجاه المعاكس ,, ألم يقولوا قديماً بأن: العبد يفرح بمصيبة أهله ,,! وقنواتنا الفضائحية هذه، كانت وما زالت تجهد لإنقاذ الطاغية، ودعم وجود الدكتاتور، وتلميع صورته، وتقديمه في صورة بطل يصارع كل العالم، وأسد مطوق بسياج دولي,, عاشت الجزيرة القطرية، نصيرة المظلومين والمكروبين في كل فجٍّ وديرة,,! وعاش صانع العظائم ، الذي يعرف كيف يكتب ويُخرج السيناريوهات الهزلية المضحكة، ثم يجمع أركان حربه وحزبه المناضلين الشرفاء ,,! فينفخ في وجوههم دخان السيجار الكوبي، ثم يرسل ضحكاته الهستيرية مثل بقرة هولندية مريضة: هيه,, هيه,, هيه,, ,,! فيتجاوب الرفاق مقلِّدين الضاحك العظيم ,, هيه,, هيه,, هيه,, هيه,, ,,!
ويقصُّ عليهم قصص بطولاته العظيمة، من الأيام التي كان فيها يسرق دجاج جارات أمه في العوجة، إلى اليوم المشئوم الذي تعثر فيه مخابراته العسكرية، بوسائلها القذرة المفضوحة والمكشوفة لكل الشرفاء الحقيقيين، على شابين غضين جاهلين، فتغرر بهما باسم البطولات الوهمية، لتزج بهما في مستنقع الاجرام والارهاب، وغضب الرب والأم والأب والأهل والعشيرة والوطن.
* يسرّني أن أهنئ كافة المحتفلين والمبتهجين والضاحكين، وكافة أبطال هذا السيناريو السقيم، من بغداد، حتى الدوحة ولندن, ولا بأس أن أجرب معهم ضحكة عظيمهم الذي علّمهم الضحك: هيء,, هيء,, هيه,, هيه ,.
* والآن,, يا سادة,, لا بأس، أرجو ألّا تنسوا أيها الفرِحون المناضلون، بأن: الكلاب تنبح، والقافلة تسير ,,! فسيروا,, أو ,,,, على بركات عظيمكم.
|
|
|
|
|