اقتناص تجليات الجمال).
أرى عبرة الناعي غضاً يتوقَّدُ
ولكن لأحناإ الضلوعِ تُبَرِّدُ (1)
ولولا شِفاأُ الدمع ما شُفِعَ الدَّمُ
ولاجفَّ نَبعٌ نهرُهُ يَتَخَدَّد
وكم قد بكى جَلدٌ فما رُدَّ غائب
كأن أَمَاقَ العين َ بالبحر تُثمد (2)
فعادوا يلومون البَكِيَّ من النوى
على الطبع من مخفورة تَتَنَهَّد
وما حبسوا ماأ العيون تجلُّداً
ولكنها غارت فما عادَ يُسعِدُ (3)
ونحن بني الإسلام نرضى بما مضى
به قدر حتمٌ فما عنه عُندُدُ (4)
وليس مع الإسلام عين سخينة
ولاحسرة تنثال أو تَتَجَدَّد
فلذنا بحصن الصبر,, والصبرُ قُربةٌ
به نّيلُ ذُخرٍ واليقين مُوَطَّد
وفي الله منا أَنفُسٌ رِيعَ نَبضُها
ولله فينا منهلٌ سوف يُفقد
ووجدي عليكَ الوجدُ غيرُ مُفَرَّقٍ
ووجدي عليك الوجدُ لا يَتَحَدَّد
وَفَقدِيكَ فقدُ العينِ إنسانَ نورها
وَفَقدُ دنيفٍ قصدَهُ وهو مُقَصَدُ (5)
سيبكيك ناإ ما رآك وإنما
له من لآليكَ الفريداتِ مَعهد
ويبكي لأن العلم رهن بأهله
بِهِم ما حَيَوا يحيا وبالموت يُو أَد
وَقَبرُكَ قبرٌ للتراثِ وَغُربة
لأنك في حَلَّ المُعَقَّدِ أَوحَدُ
ويبكيك شادٍ للعلوم وَجِهبِذٌ
يُأَرِّقُهُ فقرٌ وحظ مُلَدَّد (6)
فلم تَنكُثِ الغبراأَ بالعُود مُطرقاً
تَصُوغ أحاجي مُمسِكٍ وَتُهَدهِدُ (7)
فواسيتَ بالنعماإ عانيكِ مُسعِداً
وإِنك من أجل المواساة أَسعَد
شريككَ في الميسور جَمعٌ عَرَمرَمٌ
ولكن شريكُ الفضلِ يَعيا وَيَجهَدُ
وتبكيك أعلام الجزيرة كُلُّها
جبالٌ ووديانٌ وحزم وَفَدفَد (8)
وتبكيك أَحياءُ القبائلِ مِنَّةً
بنو يَعرَبَ الأقصى ومن يتمعدد (9)
ألا إنَّ أجيال المعارف خِصبَةٌ
وإبداعَ قومي حافلٌ يَتَجَدَّد
هم الأَمسُ في وصلِ العلوم وَفَجرُها
ولولا تراثُ القومِ ما رَسَخَ الغَد
ولكنَّ نجدَ العزَّ مَثوا بداوةٍ
وَمثوا قرونٍ جهلها يَتَوَلَّد
وما أنتَ إلا بعضَ مَن رَفَعَ الضَّنا
وَهُم قِلَّةٌ لكن بها القومُ تَرشُد
لِنُدرَةِ موهوبٍ تُبَجَّلُ قِلَّةٌ
وأنت بفرعٍ بينهم مُتَفَرَّد
فجدَّدتَ للتاريخِ عِلماً مُأَصَّلاً
فقد كاد من رَجمِ الأقاويلِ يَفسُد
وتاريُخنا يمليه خاوٍ وَشِبهُهُ
بلا منهج يُرسا وَأَصلٍ يُقَعَّد
وأخباره عن غارةٍ أو مَجاعةٍ
وَشُحِّ طعامٍ سِعرُهُ يتصعَّد
وما ثَمَّ كونٌ غيرُ نجدٍ وأهِله
ولارَحبَ للتاريخِ فَهوَ مُصَفَّد
يرودون نَزراً عن كراريسَ ضَحلةٍ
تَرُوقُ بعلمٍ غائبٍ وتُجَسَّدُ
وَجَفَّ مَعِينُ العلمِ لمَّا تَغَرَّبت
طروسٌ بإبداعِ المواهبِ تُرفَد
وَعُدنا نُدِيرُ الفكر في فكَّ حَرفها
فَغُربَتُنا عنها أَشَدُّ وَأَنكَد
هو العلم مَزبُورٌ بخطٍّ مُعَقَّدٍ
فَلَم يَعنِهِم فَقداً وَلَم يتزودَّوا
تُراثُ الأُلاَ أنماطُ خَطًّ مُعَتَّق
حبيساتُ أدراجٍ بها تَتَأَوَّد
يَزِينُ خِزاناتِ العوالمِ يُمنُها
وليس على مُرُتادها البابُ يُوصَد
حِراصٌ عليها يَأنسون لحسنِها
وما كَسَدَت ولكن لِداتُكَ أَكسَدُوا
يُفَتِّقُ إعجازاً بها كلُّ أغلفٍ
مَكِينُ القِلا في بُغضِهِ ليس يُجحد
فيتلو معانِيها تلاوةَ مُعجَب
وَيَرقُمُ إفكاً والرَّقيمُ مُفَنَّد
فطفتَ بأرجاإ البسيطة رائداً
كنوزَ تراثِ عِقدُهُ مُتَبَدِّد
تُصَحَّحُ وَهمَاً أوتَداركُ فائتاً
وليس بِمُعتاصٍ عليكَ المُعَقَّد
رسمت سبيل النشرِ دون تحذلُق
وقد عاث في التحقيق من ليس يُحمَد:
بأنَّ قُصَاراَ الجُهدِ حُسنُ قراأةٍ
وقانونها منها قويمٌ وَمُتلَدُ
وكم من حريصٍ قد شفيتَ فضولَه
يدٌ بالجَدا تأسو وَفَهمٌ مُسَدَّد
حَنَوتَ على أبناإ جيلكَ قَيِّماً
لأن بناأَ الجيلِ أَولا وأوكد
وعَاطَيتَ بالبرهانِ كلَّ مُهَذَّبٍ
وأنتَ بِبَذلِ العلم أندا وأجود
وكم مِن دَعِيٍّ بالوثائق مُغرَمٌ
يُرَجِّمُ عنها بالظنون وَيُبعِدُ (10)
وَيَسلِبُ فَحواها وَيَروِي حديثَها
وَأَنَّى له في الغيبِ وَحيٌ وَمَشهَدُ؟!
تجاوزتَ تسعيناً وَأَشفَت هُنَيدَةٌ
وأنتَ على عِلاَّتِها لاتَبَلَّدُ (11)
تعاني جسيماتٍ وأعباأَ أُمَّةٍ
يُمَزِّقُها جهلٌ وعجزٌ وَحُسَّد
وكنتَ على بحر من العلم مُزبدٍ
تُرَوِّضُهُ للفهمِ أوتَتَصَيَّدُ
حديثُك ترياقٌ وفِكرك عبرةٌ
وصبركَ تلقينٌ وذِكرك فَرقد
ولا أَدَّعي مَحضَ الكمالِ فإنه
على بَدَوَاتٍ يُستَقَالُ ويُنقَدُ (12)
ولا غَروَ أَنَّا مِن تَأَتِّيهِ نهتدي
فَيُعرَفُ رأيٌ باطلٌ وَمُأيَّدُ
وإن ذُكِرَ التعليمُ كنتَ نواتَهُ
وأستاذَ أجيالٍ وإن لَجَّ عُنَّدُ
تُفَجِّرُ ماضي أُمَّة حَارَ عِزُّها
لأن شموخَ الأمسِ لليومِ أَعودَ
وأكبر ما يُأذِيكَ وعيٌ مُغَيّبٌ
بأخطار عصرٍ شَرُّهُ يتهدَّد
سقا اللهُ دار السِّرِّ تَهتانَ رحمةٍ
يُحَلِّي ثراها صَيِّبٌ مُتَودِّد
وتختال أصدافُ السحابِ بِجَوِّها
فَلِدُّرِّ من بطحائها مُتَوَسَّدُ
وَتَسمَعُ للورقاإ لحناً مُمَوسقاً
يُحاكيهِ رَجعُ في التَّلاعِ يُردِّد
وأمَّا رَوَابِيها فأجيادُ حِليةٍ
يُرَصَّعُها النُّوَّارُ وَهيَ تَقَلَّد
ويهتزُّ غصنُ البانِ من شدوِ ساجعٍ
فينسيك ما غنَّى فريدٌ وسيِّد (13)
ويهتزُّ غصنُ البانِ من رِيقِ دَجنَةٍ
وفي نَخبِهِ السِّرِّانِ: عَذبٌ وَأَقهَدُ (14)
فتلك أيادي الغيثِ أُنسٌ مُتَرجَمٌ
وتلك دُموع الغيث دُرٌّ مُنَضَّدُ (15)
ولله في سِحرِ الأُصَيلانِ مَنظَرٌ
فَتَجمُدَ أنداأٌ ويبدو مُعَسجَد
وهل يَحسُدُ السمعُ العيونَ وقد بدا
قَوامٌ وأردافٌ وطيرٌ مُغَرِّدُ (16)
يصافح أنداأَ النسيمِ عبيرُها
كما شَعَّ منها نورُها المتوقِّد
فهل لكِ ياسِرَّ البُرودِ بمثلهِ
فجودي بحسنِ العَودِ والعودُ أحمد (17)
ويا واسعَ الإحسانِ عَفوكَ نرتجي
وإيَّاك يرجو ذو ذنوبٍ مَوَحِّد
ونرجوا له في روضةِ القبرِ مَخلَداً
وفي جنةِ الفردوسِ بَدأً يُخَلَّدُ