| مقـالات
ينظر العالم إلى التقنية على أنها تراث البشرية لأمة دون أخرى، ففي دورات الحضارات تأخذ حضارة عن حضارة والأخذ من التقنية هو الطريق السليم لصنع التقدم الإنساني, والنظرة إلى نقل التقنية تختلف من دولة إلى أخرى.
فالصينيون مثلاً يفصلون بين نقل الأفكار ونقل الأجهزة والمعدات، أو ما يعرف بالنقل الفني ولكن التقنية في الواقع نتيجة لتقدم العلم الطبيعي والتجريبي,, ونقلها متداخل بين اسهامات مختلفة هندسية، وصناعية واجتماعية وسياسية.
وقد نشرت ابحاث ودراسات تناولت نقل التقنية من جوانب صناعية، واقتصادية واجتماعية وفكرية وتجريبية.
يقول د, عبدالرحمن عبدالله يماني 1 ان التقنية كما يعرفها قاموس ويستر هي: مجموعة الطرق والوسائل المستخدمة لانتاج وتصنيع المواد اللازمة لبقاء الانسان وراحته ورفاهيته أو لتقديم الخدمات اللازمة له.
من هذا التعريف نرى أن التقنية هي الطرق والوسائل وليست المواد المنتجة أو الأجهزة التي بين أيدينا، أي أنها العلم الذي بنيت على أساسه كل منتجات الحضارة التي نراها الآن.
فالحاسب الآلي الكمبيوتر مثلاً هو نتاج لتقدم علم الالكترونيات وعلم الهندسة الكهربائية والفيزياء.
ويتساءل د, يماني عن الأسباب التي تجعل من دولة ما تفكر أو تقدم على نقل التقنية ويجيب: ان كل دولة تسعى لتحسين مستوى معيشة الفرد فيها وهذا يستدعي زيادة الانتاج الذي يعتمد على تحسين أساليب ووسائل الانتاج مما يعني في كثير من الأحيان تغييراً في الفن الانتاجي,, ولذا تضع كثير من البلدان خططاً للتنمية تعتمد على استخدام الوسائل الحديثة مما يحقق فوائد كثيرة في شتى الميادين في رفاهية السكان أو في الزراعة والصناعة وغيرها.
فمثلاً استخدام الوسائل الطبية ساعد في القضاء على كثير من الأمراض والأوبئة فأدى ذلك الى تحسين الحالة الصحية للمجتمع,.
وفي مجال الزراعة نجد أن استخدام الطرق والآلات الزراعية الحديثة ساعد على زيادة انتاجية الأرض,.
وفي ناحية الصناعة فإن المصانع تبنى لكي تقوم ببناء الأجهزة والمخترعات الحديثة التي تستخدم في شتى المجالات الأخرى,, لكن يعتمد هذا كله على العلم والمعرفة؛ ولذلك نرى بعضاً من أبناء الدول النامية يدرسون المواد العلمية والتقنية في البلدان المتقدمة صناعياً لكن نجد أيضاً ان ما يتم التركيز عليه من هذه البلدان النامية هو نقل منتجات التقنية الحديثة,, فنجد أن الأجهزة المتقدمة تتدفق إلى بلد ما ولكن العلوم التي بنيت على أساسها هذه الأجهزة لا تنقل إلى هذا البلد بنفس القوة,, أي أن تدريب العمال والفنيين والمهندسين وتعليمهم لا يحظى بنفس الاهتمام والتركيز على اقتناء الأجهزة لذلك يصبح المجتمع مجتمعاً استهلاكياً.
ويحدث هذا لسببين: أولهما سوء الفهم الشائع بان وجود الأجهزة الحديثة يعني وجود التقنية.
وثانيهما: التفاخر بملكية احدث وأرقى الأجهزة في الوقت الذي قد لا يوجد من يحسن استخدامها الاستخدام الصحيح مما يخلق مشاكل لا حصر لها.
وللحديث بقية .
* هامش: (1) مجلة المبتعث 1987
|
|
|
|
|