| أفاق اسلامية
من الدروس التي أفرزتها أزمة الأمة في فلسطين أن الدول الكافرة تتعاون فيما بينها تعاوناً كبيراً إذا كان الخصم هو المسلم، ومنها أن شعارات كثيرة سقطت كانوا ينادون بها من مثل حقوق الإنسان في خضم هذه المعركة رغم التنديد على استحياء.
من الدروس غفلة أهل السنة عما يحيط بهم من أخطار، وذهولهم عن السنن الربانية التي وضعها الله في هذا الكون, إن هذا الكون كما أنه يسير وفق قانون يحكم حركة الكواكب والنجوم، فإنه كذلك محكوم بقوانين النصر والهزيمة والفلاح والخسران، وإن الواقع الذي نعيشه لايختلف عما عاشه المسلمون في القرن الرابع الهجري، من تشتت لم يُر له مثيلٌ من قبل،وسيطرة للأهواء والمذاهب الضالة على الأرض, وفي هذا يقول المفكرون المطلعون على التاريخ بعين البصيرة إن اليأس من الإصلاح لم يكن قط في قلوب المؤمنين بل اتخذوا الأسباب من نشر العلم، والعناية بالتربية الجادة والعودة إلى السنة بعزم وحب، وبناء المعاهد العلمية التي خرجت علماء ربانيين نفع الله بهم، وسطروا بجهادهم العلمي والبدني أمثلة رائعة لمن خلفهم، ولذا فإن المنقذ للأمة هو في وجود طبقة رشيدة من العلماء والأمراء ممن أدركوا واقعهم وامتلأوا محبة لدين الله واستعداداً للتضحية في سبيله وقت التضحية.
من الدروس الكبيرة التي أفرزتها هذه الأزمة أننا أمة لا تستشرف المستقبل بخلاف عدونا اليهودي الذي أسس كثيراً من مراكز البحوث لمعرفة أدق التفاصيل عن الأمة المسلمة ومصادر قوتها وعوامل نهضتها, إن معظمنا على المستوى الفردي ليس لديه تصور لبرنامج الغد وليس عنده معرفة بما ينبغي إنجازه خلال شهر، وإنه لعار على أمة أسس فكرها على التخطيط لحياة بعد ستين أو سبعين سنة ان تفشل في وضع الخطوط العريضة لأعمال 24 ساعة قادمة.
من الدروس أيضاً أن إشاعة الفساد في الناس لا تؤتي ثمارها إذا كان أهل الصلاح قائمين بواجبهم، ومايحدث في فلسطين برهان على ذلك، فلم يوهن عزائم الفتيان الزخم الإعلامي المفسد اليهودي الموجه الذي يستهدف الشباب, ورأينا مظاهر الحجاب الكامل على فتيات فلسطين رغم الحصار والاحتلال وانتشار الفساد, وإن من واجبنا حماية هذا الشعب وغيره من الهجمات التي تستهدف عقيدته وذلك بالاهتمام ببناء المعاهد العلمية في كافة أنحاء الأراضي الفلسطينية ودعم بناء المساجد واعطاء المنح الدراسية لأبناء فلسطين وتشجيع البحوث العلمية حول القدس والصراع مع اليهود لإعداد جيل من العلماء العاملين الذين يعيدون سيرة أسلافهم.
ومن الدروس أن قضيتنا ليست في قوة عدونا وامتلاكه لآلة إعلامية مسيطرة، ولكن في هزيمتها الداخلية وأمراضها التي نخرت العظم, والمخرج هو في أن تتخذ من البرامج العملية ما يتعافى به بدنها، وأن تحاول معالجة أمراضها، وأن تقوي من عزائم أفرادها فإنه لا منقذ من حوادث الزمان إلا اتكال على الله واتخاذ لأسباب القوة من إصلاح للقلوب وتوجه صادق إلى الله عز وجل وسؤال النصر منه وحده كما قال جل وعلا (إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم), إن سنة الله ماضية والذل لن يرفع عن أمة رضيت بالترف والخمول واعرضت عن اتخاذ أسباب النصر، والله غالب على أمره.
|
|
|
|
|