| أفاق اسلامية
ان من فضل الله وكرمه واحسانه وجوده وامتنانه على عباده انه اكمل لهم دينهم واتم عليهم نعمته ورضي لهم الاسلام ديناً كما في قوله جل من قائل اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً من كمال الدين وتمام النعمة ان نرى كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم يوضحان للعباد حقيقة التوحيد ودلائل وجوده في الامة، فالتوحيد موضوع مهم يجب ان نوليه كل اهتمامنا وان نضعه نصب اعيننا خاصة كلما جد للمسلمين قضية وحدثت في المجتمع الاسلامي بدعة لا تمت الى العقيدة بصلة.
ومن تلك النماذج التي تدل على تحقيق التوحيد الوقوف عند ما شرع الله عز وجل وشرع رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عن كل ما نهى الله عنه ونهى عنه رسوله صلى الله عليه وسلم وذلك لان حقيقة العمل الصالح انما تكون باخلاص العبادة لله وحده وبتجريد المتابعة لرسوله صلى الله عليه وسلم يقول الله تعالى بشأن الاخلاص وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة وذلك دين القيمة واما تجريد المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول تعالى من يطع الرسول فقد أطاع الله ويقول جل جلاله وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا واتقوا الله إن الله شديد العقاب , ويقول الرسول صلى الله عليه وسلم: من احدث في امرنا هذا ما ليس منه فهو رد , وفي رواية لمسلم: من عمل عملاً ليس عليه امرنا فهو رد , ويقول صلى الله عليه وسلم: تركت فيكم ما ان اعتصمتم به لن تضلوا كتاب الله وسنتي ، ويقول عليه الصلاة والسلام: تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها الا هالك ، ويقول ايضاً: فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ واياكم ومحدثات الامور فان كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة .
ان تحقيق التوحيد واخلاص العبادة لله يتطلب منا ان نكون على مستوى المسؤولية للوقوف عند ما شرع الله من الشرائع وبين من الاحكام وحد من الحدود، واليوم وفي هذه الايام بل وفي ايام مضت من سنوات عديدة والعالم الاسلامي يلاحظ على بعض المسلمين بدعة وخرافة ما انزل الله بها من سلطان يحيونها بالصيام والقيام الا وهي بدعة احياء ليلة النصف من شعبان وصيام يومه تخصيصاً لهذه الليلة، وكل ذلك على اساس ان هذا الامر جاءت به نصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم، واما الشبهة الاخرى وهي ان هذه الليلة هي الليلة التي يقضى فيها كل امر حكيم وفيها كما يزعم هؤلاء تجديد الحكم في الارزاق والآجال للعباد الى الليلة القادمة من العام فهذان الامران كلاهما أخطأ فهمه بعض الناس.
ان المتابع والناظر في المطولات من كتب العلماء والمحققين الذين بحثوا هذه المسألة وهي مسألة احياء ليلة النصف من شعبان بالصلاة والدعاء والاستغفار والتضرع وغير ذلك من الطقوس التي جرت اليها البدعة والخرافة حتى جعلت الناس يدعون ادعية ويخترعون طقوساً ما انزل الله بها من سلطان جرهم الى ذلك الاصرار على المحافظة على البدعة وان لم يكن لها اثارة من علم ولا من حكمة ولا من عقل سليم يجد أن المحققين اكدوا على انه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا حديث واحد يقوى على الاستدلال به بأنه يشرع للمسلمين احياء ليلة النصف من شعبان بل ولم نجد في سنة نبينا صلى الله عليه وسلم، ولا حديثاً واحداً يأمر بالصيام يوم النصف من شعبان، اذاً هذه خرافة يجب على المسلمين ان يتقوا الله ويجتنبوها ويحذروها، كما ان الشبهة الثانية التي يتشبث بها هؤلاء ان ليلة النصف من شعبان هي ليلة التسجيل والمحو لاسماء معينة يسجل من يموت ومن يعيش في ذلك العام القادم مما يبدأ بليلة النصف من شعبان وهذا الكلام ليس له رصيد من علم ولا حكمة، فالليلة التي قرر القرآن الكريم وسنة النبي صلى الله عليه وسلم انها الليلة التي يقضى فيها كل امر حكيم هي ليلة القدر وهي في رمضان قال الله سبحانه وتعالى: حم, والكتاب المبين, إنا أنزلناه في ليلة مباركة إن كنا منذرين, فيها يفرق كل أمر حكيم, أمراً من عندنا إنا كنا مرسلين .
ان افتتاحية هذه السورة سورة الدخان هي التي تشهد بأن تلك الليلة هي ليلة القدر وانها في رمضان كما قال تعالى: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان اي بدأ نزول القرآن الكريم في شهر رمضان وان نزول القرآن نزل جملة من عند الله تبارك وتعالى الى السماء الدنيا، ثم بدأ نزوله منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فليلة القدر هي الليلة التي يقضى فيها كل امر حكيم واما ليلة النصف من شعبان فليس لها شيء من ذلك ابداً.
وفي الختام يجب علينا نحن المسلمين ان نعرف ان الايمان يفرض علينا الا نستمر في الخطأ والا نستمر في المخالفة والا فلنتذكر قول الله تبارك وتعالى: فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم .
الشيخ محمد بن حسن الدريعي عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية
|
|
|
|
|