| أفاق اسلامية
* كتب مندوب الجزيرة
اكد الدكتور محيي الدين عبدالحليم رئيس قسم الصحافة والإعلام في جامعة الازهر بجمهورية مصر العربية ان النظام العالمي الجديد يحمل من الايجابيات اكثر مما يحمله من السلبيات اذا احسنّا التعامل معه بذكاء وحذق وفطنه، واستطعنا ان نضع الخطط العلمية ونمسك بزمام المبادرة.
واوضح في حديث له ان هذا النظام سوف يعطينا الفرصة، لنقدم مالدينا من حجج عقلية وادلة منطقية، على صحة العقيدة الاسلامية والشريعة الغراء، كما انه سوف يحرك المياة الراكدة في الدول المتخلفة، ويفتح اذهان الشعوب الى انماط جديدة من الحياة في المجال السياسي والاقتصادي والثقافي، فمالم تحتك هذه الدول بالعالم المتقدم، وترى ما يدور فيه من معطيات حضارية واستكشافات علمية ومعارف جديدة، فسوف تظل هذه الدول على هذا الحال من الجمود والتحجر.
واسترشد الدكتور محيي الدين عبدالحليم بما شهده التاريخ الاسلامي من هذه الحقيقة، حيث عاش العرب والمسلمون في ظل النظم الاستعمارية قروناً طويلة قاسوا خلالها الأمرين من الظلم والتخلف، فتفشت بينهم الامية حتى وصلت في بعض الدول الى اكثر من 90% من مجموع القاطنين بها، وانتشرت الخرافات وسادت الشعوذة والسحر واستشرى الفساد، وتم تفسير حقائق الدين على هوى المشعوذين والطغاة والمستعمرين واعداء الشعوب من المنتفعين والانتهازيين.
واشار رئيس قسم الصحافة والاعلام في جامعة الازهر في هذا السياق الى اننا اذا احسنّا استخدام قنوات الاتصال الحديثة فسوف نستطيع تقديم الاسلام بصورته الصحيحة لهؤلاء الذين اساءوا فهم هذه العقيدة وناصبوها العداء دون فهم، لاسيما ان هذا الدين يدعو الى اقامة العلاقة بين الافراد والجماعات والدول على مبادئ تقوم على السلام والامان والرخاء، ويفتح الطريق لاسلوب جديد يتعامل الناس من خلاله على انهم إخوة ومن اصل واحد.
ثم قال: واذا كنا نتوجس من مخاطر البث المباشر ونخشى الغزو الثقافي المحدق بنا ولا نعرف كيف نواجهه، ونبذل محاولات مختلفة للحيلولة دون انتشاره وتسربه بين جماهيرنا المسلمة، فان الحل يكمن في تحصين الجماهير ضد هذا الخطر بالفكر السليم، وتزويدها بالمعلومات الصحيحة التي تمكنها من الانتقاء او الرفض او القبول لكل ما يتوافق مع هويتها الفكرية، ومن ثم فإن تحديد اطار مرجعي ورؤية فكرية واضحة تنطلق من عقيدة هذه الامة هو البداية الصحيحة لحماية هذه الجماهير والحفاظ على تراثها ودينها ولغتها.
وأبان الدكتور محيي الدين عبدالحليم ان هذه العملية في حاجة الى خطة علمية متوازنة تأخذ في اعتبارها اعادة النظر في كل ما يكتب او يذاع عن الاسلام وإعداد الردود المناسبة عليه، وترجمة الاصدارات المتميزة من المطبوعات المختلفة والبرامج والفقرات الصحيحة التي تتناول الاسلام وتتحدث عن المسلمين بصورة موضوعية وامينة، واعداد الاعمال الجيدة لتكون جاهزة لكل الناس في كل مكان بمختلف اللغات لان الرأي العام العالمي بصفة عامة لا يكاد يعرف عن الاسلام سوى معلومات مشوهة، ولا عن القرآن شيئاً، ولا عن النظام الاسلامي سوى معلومات محدودة او مشوهة وغير صحيحة.
واورد في حديثه انه لتحقيق هذه الاهداف لابد من التوسع في اقامة اجهزة دولية قوية للاعلام والدعوة الاسلامية تأخذ على عاتقها وضع الخطط العلمية واعداد البرامج وتهيئة المناخ الصحي لتنفيذها ومتابعتها في مختلف المراحل لانشاء جسور من الثقة والتعاون المتبادل بين مختلف المؤسسات والقوى الضاغطة في مختلف المجتمعات.
ثم قال الدكتور عبدالحليم: والاعلام الصادر عن الدول الاسلامية اذا صدقت النوايا وتوحدت الجهود وتحددت الاهداف ووضحت الرؤية يمكن ان يحقق الكثير، لانه سوف يعكس حججاً قوية وبراهين دامغة وادلة منطقية، كما انه سوف يؤكد ان هذا الدين هو دين العلم، ودين السلام، ودين المحبة، وان الواقع البائس الذي يعيشه المسلمون حالياً لن يكون حجة على هذا الدين، وان تخلف المسلمين لا علاقة له بجوهر الاسلام.
واردف قائلاً: لقد آن الأوان في ظل الاوضاع المعاصرة لكي ينطلق العمل الاسلامي ويقدم الاسلام للعالم كما يجب ان يكون، ولكي يثبت للرأي العالم العالمي انه دين محبة وسلام، يحترم الناس جميعاً على اختلاف مللهم ونحلهم، ويحفل بالتفاهم بينه وبين اصحاب العقائد الاخرى، وانه ليس دين عنف وتطرف وسفك دماء.
واستطرد بقوله: ان فتح قنوات الاتصال والحوار مع غير المسلمين سوف يفتح المجال ويتيح اوسع الفرص لتصحيح المعلومات وتقديم الحقائق لهؤلاء الذين اساءوا فهم هذا الدين وناصبوه العداء دون مبرر، وهو الدين الذي وضع اساساً للعلاقة بين كل افراد الجنس البشري، تقوم على المودة والاحترام ومساعدة الضعيف وانقاذ الملهوف والرفق بالانسان اياً كان دينه ومذهبه او اصله.
وطالب الدكتور عبدالحليم بضرورة العمل على وضع استراتيجية اعلامية لتحقيق هذا الهدف، والاهتمام بالبحوث العلمية لتطوير العمل الاعلامي، واستثمار المعطيات المعاصرة وثورة المعلومات لتحقيق اوسع انتشار للرسالة الاسلامية من خلال وسائل الاعلام الحديثة، لتغطي هذه الرسالة اكبر مساحة ممكنة على هذا الكوكب.
كما طالب بإعداد كوادر اعلامية قادرة على مخاطبة الرأي العام العالمي، ذلك ان تأهيل هذه العناصر يعد البداية الصحيحة لنجاح هذه الاستراتيجية، كما يتطلب تقوية مضمون الرسالة الاعلامية الحالية واجهزة الاتصال في العالم الاسلامي، كي تعمل على تحصين الجماهير المسلمة ضد سلبيات البث المباشر التي تحمله القنوات الفضائية وشبكة المعلومات الدولية، ودرء الاخطار الناجمة عن هذه القنوات التي قد تخلط السم بالعسل وتقدمه للمتلقي المسلم مستخدمة في ذلك كل اساليب التشويق والإثارة.
واختتم حديثه بتحميل اجهزة الاعلام في الدول الاسلامية مسؤولية سد الفجوة التي تحكم العلاقات الاعلامية بين الدول المتقدمة التي ترسل ما تشاء، والدول الاسلامية المغلوبة على امرها والتي تقف موقف المتلقي لكل ما يصل اليها لان العلاقة بين الذين يملكون والذين لا يملكون اصبحت تفتقر الى العدالة والانصاف، مما افقد الرسالة الاعلامية مصداقيتها في كثير من الأحيان.
|
|
|
|
|