| محليــات
بينهم الوشائج على المناصحة والتوجيه، أصبحوا يضيقون ذرعاً بمن يناصحهم، ويتألَّبون ضدَّه، ولا يجاهدون أنفسهم الأمَّارة بالسوء دون الهجوم عليه، والتطاول على نواياه، وتفسير ما يقول أو يفعل حسب ما تسوِّل لهم أنفسهم,,.
والمسلمون الذين يتسنَّمون قيادة الجماعات في رئاسة عمل، أو قيادة مجموعة، أو الإشراف على أفراد، لا يؤدون واجباتهم كما يجب فيحسبون أن المسؤولية حصانة لهم، فيحمِّلون الأفراد والجماعات والمجموعات أعباء العمل، ويريحون أنفسهم بحجة أن المسؤولية تأخذ جلَّ أوقاتهم، وهم يكونون في منازلهم ينامون، أو على هواتفهم يتسلُّون، أو في شؤونهم الخاصة يجرون,,.
والمسلمون الذين تُوكل لهم الأمانات في الأبناء، أو الأزواج، أو الأهل، أو المرؤوسين، أو الخدم، أو الجيران، أو ذوي القربى، أو الدارسين، أو,,, أو ,,, يتخلّون عن أماناتهم، إما بالتجاوز، أو الإهمال، أو الخيانة، أو الإجحاف، أو الإسراف، أو الظلم، أو الاعتداء، أو السلب، أو القسوة، أو الجور,,.
والمسلمون الذين تودع لديهم الأسرار أمانات في أعمالهم الطبية، أو القضائية، أو القانونية يغشُّونها ويستغلونها,,, إما مادياً أو معنوياً، وإما بالإفشاء، أو بالاستغلال,,.
أو بالإهمال، أو بالتجاهل،
و,,, و ,,, والمسلمون في مآزق أخلاقية كثيرة,,,، أخذت تتعقد ,,, وتتركب، وبعضها أخذ يتحول إلى ظاهرة,,.
يُوسم بها الجماعات، فما بال الأفراد,,.
ولم تقف مزالق الأخلاق في دروب الأفراد فقط، وإلا احتاج الأمر إلى جهاد الفرد نفسه، بل غدت مصائد تقع فيها الجماعات، الأمر الذي يستوجب إعادة إشاعة عناصر التربية الخلقية الإسلامية، وذلك بالجهاد في توعية الأفراد بعناصر الأخلاق، وبصفاتها، وبمسارات تنفيذها، وأساليب تطبيقها,,.
إن المسلم في هذا الوقت لا يكفيه أن يوصف بهذه الصفة ما لم يتعلَّم كلَّ ما يتعلَّق بأموره الدينية ويتخلَّق بخلق الإسلام الصحيح، ويُشجَّع على تمثُّل هذا الخلق في حياته اليومية,, كي ينجو بنفسه وبالآخرين من براثن المزالق,,.
ولا يتحقق ذلك ما لم يكن المعلِّم قدوة,,,، والناصح قدوة، والمربي قدوة، والأب قدوة، والأم قدوة، والمسؤول قدوة، والقانوني قدوة، والبائع قدوة، والقاضي قدوة، ورجل الحسبة قدوة، ورجل الأمن قدوة، والإعلامي قدوة، والرياضي قدوة، والمفكر قدوة، والكاتب قدوة، وإمام المسجد قدوة، والمؤذن قدوة، والوصي قدوة، والصديق قدوة، والأخ قدوة، وذو الأمانة قدوة، وكل من يناط به أمر قدوة، من العاملين في أي موقع مهما تفاوتت مراتبهم وعلائقهم,,, حتى المار في الشارع، والعابر في الطريق,,.
فمتى يتحوَّل المجتمع كلُّه إلى مدرسة للأخلاق,,.
يتقبَّل فيها المرء المناصحة كما تقبَّلها خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول : (أصابت امرأة وأخطأ عمر),,, ويدرك المسلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أغفل الكفيف تلقى عتاب ربه عبس وتولى أن جاءه الأعمى,,, ولم يتأفف عمر، ولم يكابر، بل شاعت روح المناصحة بينه وبين المجتمع على أواصر حسن الظن ونقاء السريرة فكملت الأخلاق وتجرّدت من مآزقها، وسدّت مزالقها, وهكذا نأمل في مجتمع المسلمين عامة.
|
|
|
|
|