للّه كَم طَافَ الجَمَالُ فَيَافيَِاً
قَفراً، وَكَان الحِلُّ في صَحرَائِهِ
ضَحكَت فَأشرقَتِ الشُّمُوسُ تَفَاؤلاً
وَبَكَت فَأسعَدها الغَمَامُ بمائِهِ
نَسَجَت مِنَ السِّحر الحَلاَل خمَارَها
وَرَأيتُ هَذا السّحرَ في أَثنائِهِ
يَا ظَالمَ الحُسنِ ابتدَاءً دُونَمَا
ذَنبٍ برَبِّكَ حُدَّ مِن غُلَوائِهِ
قَسّمت هذا العِشقَ فيما بَينَنَا
أَفديكَ من قاضٍ وَعَدلِ قَضَائَِهِ
ومَلَكت أَسبابَ الهَوَى فَكَأنّمَا
أحكَمتَ حَول القَلبِ طَوقَ بَلاَئِهِ
رُحمَاكَ مِن رُوحٍ تُعربِدُ غُربةً
وَاللَّيلُ يُغرقُني أَسَىً ببكَائِهِ
وَيَضيقُ صَدري في الحَمَاد، وَطَالَما
وَسَّعتُ ضِيقَ الأرضِ في أَرجَائِهِ
أَسعِف دَمي فَلَقَد جَرَى متَفَجِّراً
يَقتَاتُ من هذا الجُنونِ بِدَائهِِِ
يَبست عُروقي، لَيسَ لي إلاّك يا
فَلَكاً يَدُورُ الغَيثُ في أنوَائِهِ
أَمَلي، أغِثني، قد أَتًيتُكَ من سرا
بٍ والسنونُ تَعُولني بعرائِهِ
أطَفِىء لظَى الأَيَّام في ظَمَئي الذي
مَلأ الدُّنى,, مُستَسقِيَاً بندائِهِ
رُحمَاكَ مَا بي لَو يُقَسَّمُ في الوَرَى
لارتَجَّ هَذا الكَونُ في ضَوضَائِهِ
أَقسَمتُ يا عشقَ التُرابٍ بمَن يَرَى
أيدي العُراة تَطَاوَلَت بدعائِهِ
ما كان بَيتُ العزِّ يبنَى عالياً
إِلاّ وَ فَهدٌ مُحتَبٍ بفنَائِهِ
مُتَبَسِّماً يَا ليتَ شعرِي لَو دَرَى
مَا في القُلُوبِ إليهِ مِن أَبنَائِهِ
فَتَعالَ، وَانظُر شَعبه متَقلِّداً
فَخرَاً عَلَى الثقَلينِ في إرِضَائِهِ
أَبَتِ النّجُومُ سوَى اختيَالٍ للَّذي
أضحَى يُضيء الأَرضَ مِن جَوزَائهِِ
وَمَضَت تُحدِّثُ عَن مَآثر جَدِّهِ
جوََّابةً بين الوَغَى وإبائِهِ
فَتَألَّقَت كُلُّ الدَّيَارِ بنُورِهِ
شَرَفاً وقَهَقَه ثَابتَاً بسَمَائِهِ
وَتَخضَّبَت كَفُّ الكرَامِ بجُودِهِ
وَتَدَثَّرَت رُوحُ النَّدى بَسَخَائِهِ
قَطَّعتُ أَكبَادَ المَطَايَاَ في الفَيا
في باكياً وَحَدَوتُهَا بِلقَائِهِ
فَأَنَختُ عندكَ بَعدَ أن طَوفَّتُ في
قَفرٍ يُشيبُ جَوانِحِي بَعُوَائهِِ
لأقُولَ للتاريخ مَلحَمَتي التي
دَوَّت بأركان المَدَى وفَضائهِِ
أشهَدتُ ربّي وَالمَلائكَ كُلَّهم
وَأَقولُهَا لِلّه في عَليائِهِ
أنِّي عَلَى دين يُوَافقُ دِينَ مَن
مَلَكَ الفُؤادَ بِشيبه وَنِسَائِهِ
يا سَيِّدي، عش ما بَدَاَ لَكَ في الخُلُو
دِ مُتَوَّجَاً بجُنُودِهِ ولوَائِهِ
أَو لَستَ يَا ابنَ الأكرَمينَ ذُرَا شُموُ
خٍ قَد عَلاَ الأزمَانَ في آبائِهِ
أو لَستَ يَا أَبَتي أَبَا الإنسَانِ في
وطَن فَدَاكَ برُوحه ودمائِهِ
أَقسَمتُ يا عشقَ اَلتُّرابِ بمَن يَرَى
هَذي المَحَاجِرَ قَد جَرَت برجائِهِ
الحَمدُ عَندي أَن أَرَاهُ مُنَعَّمَاً
ومُبَدِّداً بَأسَ الطَّوى بحِبَائِهِ
مُتَبَختِراً بَينً العُصُور بِمَجدِهِ
وَمُعَفِّرَاً رأس الرَّدى بدهائِهِ
متَبَسِّماَ يا لَيتَ شِعرِي لَو دَرَى
أَنَّ الفؤاد متَيَّمٌ بولائِهِ