| القرية الالكترونية
يعد قطاع تقنية المعلومات من اكثر القطاعات نمواً ولهذا فان الطلب على العاملين في هذا الحقل عالٍ، ويفوق الطلب العرض خصوصاً من ذوي الخبرة منهم وهذا ما جعل اجورهم ترتفع عاماً بعد عام, وحتى لا يساء فهمي فان ما قلته للتو لا ينطبق الا على البلدان المتقدمة ولا ينطبق بأي حال من الاحوال على وضعنا في بلدنا الغالي فالوضع عندنا يختلف تماماً, فبخصوص العاملين او طالبي العمل من المتخرجين فان العرض ولله الحمد والمنة يفوق الطلب وكأننا سبقنا الغرب بحقب من الزمن في تعليم هذه التقنية لدرجة ان نجد زرفات من حاملي المؤهلات العلمية في هذه التقنية يجوبون المؤسسات الحكومية وغير الحكومية يومياً بحثاً عن عمل دون جدوى.
وقبل حوالي عام كتبت في هذا المكان عن ظاهرة وجود نسبة عالية من البطالة بين المتخرجين في تخصصات الحاسب الآلي وتقنية المعلومات على الرغم من وجود عدد كبير من الاجانب يعملون في هذا البلد كان ذلك تحت عنوان جامعاتنا وحتمية مسايرة التطور وعلى الرغم من ان مشكلة البطالة بين المتخصصين في تقنية المعلومات مازالت موجودة فان اسبابها مازالت كذلك لم تحل.
هذا كان بخصوص العاملين ونسبة البطالة بين المتخصصين في هذا المجال فماذا بخصوص الاجور مقارنة بمن سوانا, فان عوامل البيئة التنافسية في الغرب في قطاع تقنية المعلومات وكذلك عامل زيادة الطلب على العاملين في هذا الحقل ادى الى ارتفاع الاجور بشكل عالٍ, كما ادى الى ايجاد تنافس بين الشركات على اقتناص الموهوبين في تقنية المعلومات وتقديم الحوافز للعمل لديهم.
ومن الاغراءات التي تقدمها بعض الشركات من اجل الابقاء على الموهوبين لديها في هذا المجال هو تمليكهم اسهماً في تلك الشركات وذلك بتسهيل عملية التمليك مثل تمليك الموظف عدد محدود من الاسهم في تلك الشركة بالسعر السائد عند الالتحاق بالوظيفة على ان يدفع ثمنها بعد مدة تحدد من قبل الشركة فان انتقل قبل انقضاء تلك المدة فعليه ان يدفع ثمن الاسهم الحالي اي سعرها عند ترك العمل وبذلك يخسر فارق السعر بين سعر الاسهم عند التحاقه بالوظيفة وسعرها عند المغادرة, وبالطبع يمكن ادراك الفرق بين اخلاص الموظف لشركة او مؤسسة يمتلك فيها اسهماً وشركة لا يكون فيها الا مجرد اجير.
اما عندنا فالوضع يختلف خصوصاً في القطاع الحكومي وهو القطاع المستأثر بنصيب الاسد من العاملين السعوديين في حقل تقنية المعلومات فالرواتب والحوافز متساوية للجميع للموهوبين وغير الموهوبين كما انها اقل مما هي عليه في الدول المشابهة التي تعتمد على هذه التقنية, وللتوضيح نأخذ مثلا طالباً تخرج بمؤهل جامعي في احد تخصصات الحاسب الآلي ولنفرض انه تخرج قبل 15 سنة فسيكون قد تعين على المرتبة السابعة ولنفترض انه كان قوي الحظ وحصل على ترقية كل 6 سنوات خصوصاً ان احداث الوظائف موقوف منذ اكثر من عشر سنوات فسيكون الآن في المرتبة التاسعة واول مربوط في المرتبة التاسعة هو 6240 ريال ولكن لنفرض انه على المربوط الثامن فسيكون راتبه هو فقط 8690 ريال ولا توجد اية حوافز اضافية اخرى, وفرضاً ان هذا الموظف السعودي حل محل احد الخبراء الاجانب بعد مضي 7 سنوات عليه في الخدمة ولنفرض كذلك ان ذلك الاجنبي كان يتقاضى مالا يقل عن 25 الف ريال في الشهر بما في ذلك البدلات من سكن وسيارة وتذاكر سفر وبدل تدريس الابناء وخلافه هذا متوسط ما يتقاضاه الخبير الاجنبي في مثل هذه الحالة , وبعد كل هذه القصة الطويلة التي لا شك انني قد صدعت بها رؤوسكم اشد مما صدع بها حمى الوادي المتصدع رؤوس اهل منطقة جيزان ورؤوسنا جميعاً خصوصاً ان البعض قد تحول الى نباتي, نخلص الى استنتاج ان ذلك المواطن السعودي الذي حل محل الخبير الاجنبي قد وفر على خزينة الدولة مبلغاً وقدره 8 سنوات x 12 شهراً x 25000 8 سنوات x 12 شهراً x 8690 = 1565760 ريال, وهذا المبلغ وفره مواطن واحد على خزينة الدولة فكم يا ترى من مواطن تم احلاله محل خبراء اجانب وكم من المبالغ دخلت لخزينة الدولة؟ وعليكم الحساب.
والآن دعونا نرجع وننظر لحال الموظف بطل مثالنا السابق ونلقي نظرة عابرة على حالته المعيشية, سيكون ولا شك متزوجاً وله من الاولاد حوالي خمسة اولاد وستكون لديه سيارة ملك وسيكون مما لا شك فيه مستأجر للمسكن الذي يسكن فيه.
فليس من المعقول ان يكون قد وفر مبلغاً يشتري به منزلا ولولا رأفتي بكم لحسبتها لكم واثبت لكم انه من المستحيل ان يكون ذلك المواطن الخبير قد استطاع ان يشتري ارضاً فكيف بالبيت.
mmshahri@scs.org.sa
|
|
|
|
|