| أفاق اسلامية
* حوار: سلمان العُمري
الدكتور/ نديم محمد عطا الله حسن الياس طبيب أمراض النساء والولادة,, وأحد الذين نشأوا في رحاب العمل الإسلامي منذ بداية الدراسة الجامعية وشارك في تأسيس جمعيات إسلامية طلابية وعمالية وعلمية في ألمانيا وأوروبا، حيث كان أميناً عاماً لاتحاد الطلبة المسلمين في ألمانيا، وعضواً للجنة الإدارية للمركز الإسلامي في أضن مسجد بلال ، وعضواً في مجلسه كما أنه عضو في اللجنة الإدارية لمجلس التعاون الإسلامي في أوروبا , إضافة إلى عمله كرئيس للمجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا.
الجزيرة التقت د, الياس في حوار تطرق فيه إلى أوضاع المسلمين في ألمانيا، وأعمال المجلس الأعلى للمسلمين، إضافة إلى العمل الإسلامي في أوروبا، كما تطرق الحوار إلى جناح الإسلام في معرض الاكسبو الذي أعده المجلس,, وغير ذلك من القضايا المنوعة,, وفيما يلي نص اللقاء:
* بداية نأمل إعطاءنا فكرة عن عدد المسلمين في ألمانيا، والمساجد والمؤسسات الإسلامية فيها، وهل هناك استراتيجية للتعاون فيما بينهم؟
تجاوز عدد المسلمين في ألمانيا ثلاثة ملايين، نسبة الأتراك منهم تفوق الثلثين، ويبلغ عدد العرب نحو 120 ألفاً وعدد الإيرانيين نحو 110 آلاف، كما أن أكثر من ثلثي المسلمين في ألمانيا لا ينوون العودة إلى مواطن نشأتهم، إضافة إلى أن عدد المسلمين الذين يحملون جوازات ألمانية يزيد على ثلاثمائة ألف منهم نحو 120 ألفاً من أصل ألماني، وعدد المتجنسين من بين المسلمين يزداد بنسبة كبيرة بعد التسهيلات التي أحدثها قانون التجنس الجديد، ونتوقع أن يصل عدد الألمان المسلمين أصالة أو تجنساً إلى مليون مسلم في العقد المقبل إن شاء الله.
ويتراوح عدد المساجد في ألمانيا بين 1200 و1500 مسجد ينتظم معظمهم ضمن روابط كبرى ومجالس عليا، ويشكو المسلمون في ألمانيا من قلة المؤسسات التربوية والاجتماعية، فلا يوجد سوى ثلاث حضانات إسلامية ومدرستين بالاضافة إلى أكاديمية الملك فهد في بون، والحرص على مستقبل الإسلام وانتماء الأجيال المقبلة إليه والعيش ضمن مبادئه ومثله وانسجامهم مع محيطهم وعصرهم يعرض على المؤسسات الإسلامية في ألمانيا وضع خطط مستقبلية بالتعاون مع المؤسسات في العالم الإسلامي لانشاء شبكة اجتماعية تربوية تعليمية تضمن بإذن الله لأبناء الإسلام مستقبلاً وضاء بنور الإسلام ومهتدياً بقيمه ومبادئه.
* وهل بامكانكم إعطاءنا نبذة موجزة عن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا؟
تأسس المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا عام 1986م تحت اسم حلقة العمل الإسلامي في ألمانيا, وهو مؤسسة عليا تضم في عضويتها تسع عشرة رابطة كبرى يتبعها نحو 500 مسجد من مساجد الجنسيات المختلفة في ألمانيا، منها مساجد تركية وألبانية وبوسنية وألمانية وعربية وإيرانية.
ويضم اتحادات متخصصة في القطاعات الطلابية والعمالية والتربوية والإنسانية, ويتبع إدارة المجلس الأعلى عشر لجان متخصصة منها لجنة التعليم والمناهج، ولجنة العمل النسائي ولجنة البيئة والرفق بالحيوان، واللجنة الاجتماعية، ولجنة الأهلة والمواقيت، واللجنة الإعلامية، ولجنة الانترنت، ولجنة يوم المسجد المفتوح، واللجنة المالية, وتتشكل اللجنة الإدارية من خمسة أشخاص من الألمان أصلاً أو تجنساًسوى الرئيس ويتخذ قرارات المجلس مؤتمر المندوبين الذي تمثل فيه الروابط الأعضاء، ويستعين المجلس بمجلس أمناء يضم شخصيات إسلامية واجتماعية مرموقة في أوروبا والعالم الإسلامي.
* مامدى التأثير والدور الذي قام به المجلس في المانيا، وكيف يتحقق الاتصال بين المسلمين في ألمانيا، ودوركم في هذا الصدد؟
تمكن المجلس الأعلى بفضل الله عز وجل في تجربة رائدة من جمع صف الروابط والمساجد الأعضاء مع اختلاف جنسياتهم وانتماءاتهم ومذاهبهم ولغاتهم من أجل تحقيق أهداف رئيسة ثلاثة:
1 تمثيل المسلمين والمطالبة بحقوقهم أمام القانون والادارات الرسمية.
2 تنسيق جهود المنظمات الأعضاء وإيجاد برامج التعاون بينها.
3 التعريف بالإسلام في الوسط العام والدفاع عنه في الأجهزة الإعلامية.
وكان من أهم القضايا التي أثمر فيها هذا العمل الموحد المطالبة بحق إدخال مادة الإسلام ضمن مناهج المدارس العامة، وحق المسلمين في الذبح وفق الشريعة الإسلامية ويتابع المجلس الأعلى القضيتين أمام القضاء الألماني، كما استطاع المجلس الأعلى من خلال لجنة الأهلة توحيد أعياد المسلمين في ألمانيا وفي عدد من الدول الأوروبية, وأمكن بفضل الله ابراز الصورة الموحدة للمسلمين في الوسط العام من خلال مشروع دعا إليه المجلس الأعلى عام 1997م جميع المساجد والروابط والجمعيات في ألمانيا تحت اسم يوم المسجد المفتوح لفتح أبوابها في يوم 3 أكتوبر من كل عام، وهو يوم الوحدة الألمانية، وذلك من أجل الدعوة والتعريف بالإسلام والحوار والتعرف على الوسط الألماني, وقد بلغ عدد المساجد المشاركة في هذه الفعالية أكثر من 1200 مسجد في العام السابق، استفاد نحو مائة ألف زائر من برامجها في ذلك اليوم المكونة من جولات في المساجد وجلسات حوار ودعوات على الطعام والشراب ومعارض للفن الإسلامي والتراث وغير ذلك.
وقد أصبح للمجلس الأعلى بتوفيق الله صنعة تمثيلية أدبية وأصبح يدعى للمشاركة في مناقشة مشاريع القوانين المتعلقة بالمسلمين في البرلمان الألماني وللإدلاء بتوصياته ومرئياته في المجالس المحلية وقام رئيس الجمهورية لأول مرة في تاريخ الإسلام في ألمانيا بدعوة ممثلي المسلمين للتعرف على مطالبهم وواقعهم في القصر الجمهوري، وأصبح يهنئ المسلمين في أعيادهم بنفس الصفة التي يهنئ بها الطائفة النصرانية في أعيادها وسيشارك المجلس الأعلى في عدد من المجالس الوطنية على أعلى مستوى لمكافحة التطرف والعنف، وتنظيم فعاليات الأسبوع الشعبي للتبادل الحضاري ولدمج الجاليات والطوائف.
* في ظل التشويه المتعمد لصورة الإسلام والمسلمين,, ما المحاور الرئيسة التي ترون ضرورة التأكيد عليها من أجل صياغة استراتيجية فعالة لموجهة الحملات المضادة للإسلام وخلق فهم صحيح له ولحضارته؟
صورة الإسلام الحقيقية تظهر من خلال التعريف بأسسه ومبادئه وعقيدته ونظامه، ومن خلال تطبيق أبناء الإسلام للإسلام كما يريده الله عز وجل وانطباع سلوكهم وحياتهم بصبغة الله، ومن خلال برائهم مما يشوب الإسلام على يد من ينتمي إليه أو ينسب إليه، ومن خلال ردهم لما يتهم به أو يكاد له من قبل خصومهم وأعدائه فهذه العناصر الأربعة أساسية لوضع أي استراتيجية لتصحيح صورة الإسلام ولابد من تحقيقها بشكل مواز إذا أردنا أن نصل إلى نتائج فعالة في هذه المعركة الحضارية، ولا يستغنى عن عنصر منها ولا يغني بعضها عن بعض لقد كان خلق الرسول صلى الله عليه وسلم القرآن، وكان صحابته رضي الله عنهم قرآناً يدب على الأرض، وواجهوا الضعف والنفاق الداخلي كما واجهوا العداء والهجوم الخارجي.
نحن في حاجة ماسة إلى وسائل دعوة عصرية فعالة تعرف بالإسلام بشموله وتوازنه وقيمه ومثله, ومن أهم وسائل العصر شبكة المعلوماتية الحديثة التي يجب أن تستخدم بأسلوب معاصر ولغة خطاب متكيفة مع نوعيات البشر ونفسياتهم.
نحن في حاجة إلى مناهج تربوية متطورة تصوغ الأجيال صياغة شرعية بعيدة عن الافراط والتفريط، صياغة منسجمة متوازنة معتدلة، تجمع بين الدين والدنيا والحياة والآخرة والتقدم والتدين، تربية لا تجعل هذه بدائل متناقضة وتدفع أجيال شباب مستقبل الإسلام إلى خيارات تبتعد بسلوكهم وحياتهم عن دائرة الاسلام.
ونحن في حاجة أخيراً إلى أسلوب فعال للدفاع عن الإسلام ووسائل مكافئة لتلك التي يواجهنا خصومنا بها، ان الاسلوب المعاصر للحوار يفرض علينا ان نتعرف على معتقدات ومناهج خصومنا كما هم الآن وأن يكون التعرف الواقعي على الفكر المؤثر في الغرب وسواه جزءاً أساسياً من تكوين الدعاة والمفكرين لدينا، وأن تكون اجادة اللغات الحية متطلباً جامعياً لتأهيل الدعاة والمربين.
إذا أوجدنا الإسلام واقعاً حياً يرى العالم صورته الحقيقية فسيصعب على كل مفتر أن يشوه هذه الصورة، وإذا أوجدنا بعد ذلك جسور الحوار والتلاقي الحضاري أمكن أن ننقل هذه الصورة ومن خلالها الدعوة إلى الله عز وجل من خلال هذه الجسور إلى العالم كله بإذن الله.
* تعاون المؤسسات الإسلامية من بين الأهداف النبيلة للفكر الإسلامي الصحيح، فكيف ترون تحقيق ذلك؟ وما مردوده في إيجاد صيغة توحد فكري للأمة الإسلامية؟
التعاون واجب اسلامي وضرورة يفرضها الواقع وان كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد أثنى بعد بعثته على حلف الفضول الذي كان حلف تعاون ومناصرة على الحق والعدل مع غير المسلمين فمن باب أولى أن يتم التعاون على البر والتقوى بين المؤسسات الإسلامية والعاملين للإسلام في الأمة الإسلامية بكاملها، وهذا ما نسعى إليه داخل ألمانيا مع جميع الجمعيات والمؤسسات والهيئات الدبلوماسية التابعة لدول العالم الإسلامي.
وتكوين المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا هو صورة عملية في مجال الذبح الشرعي والتعليم الإسلامي وقضية الحجاب ويوم المسجد المفتوح هو مثال على صلة وثيقة بالمؤسسات الإسلامية في العالم الإسلامي وعلى رأسها مؤسسات المملكة العربية السعودية الرائدة في خدمة الدعوة إلى الله عز وجل وخدمة كتابه وحماية مقدساته وآخر صور هذا التعاون والدعم مشروع جناح الإسلام الذ أنشأه المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا وهيئة التراث والبيئة في المعرض الدولي اكسبو 2000 بمدينة هنوفر, فقد وزعنا آلاف النسخ من مصحف المدينة المنورة وآلاف الترجمات لمعاني القرآن الكريم بعدة لغات، مكرمة مشكورة من خادم الحرمين الشريفين كما حصلنا على عدة أطنان من مطبوعات التعريف بالإسلام ومجسم الحرمين الشريفين من وزارة الإعلام بالاضافة إلى مركز الانترنت مع عشرة أجهزة متصلة اتصالاً دائماً بالمواقع الإسلامية المهمة، وذلك بدعم كامل من وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد، وساهمت مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز الخيرية كراع أساسي للجناح بمليون ريال فكانت بذلك المبادرة الرئيسة لقيام هذا المشروع, ونحن على صلة وثيقة برابطة العالم الإسلامي والبنك الإسلامي للتنمية ومنظمة الايسيسكود ووزارات الشؤون الإسلامية في عدد من الأقطار الإسلامية ولجميع هؤلاء عظيم الشكر والتقدير لهذه الجهود الحميدة لدعم العمل الإسلامي في الغرب ومساعدة أبناء الإسلام في ألمانيا للمحافظة على دينهم والقيام بواجب الدعوة هناك.
* كيف حصل المجلس الأعلى للمسلمين في المانيا على حق المشاركة في الاكسبو؟ وما رسالة جناح الإسلام التي يريد أن يقدمها في هذا المعرض الحضاري؟
حصل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا بفضل الله على الموافقة على مشاركة الإسلام في معرض الاكسبو 2000 في هانوفر بعد اتصالات ومفاوضات استمرت منذ مطلع 1995، مساواة بالكنيسة الألمانية التي ستمثل النصرانية في هذا المعرض الدولي، ومنح المجلس الأعلى موقعاً في قاعة مركزية شيد فيها جناح الإسلام على مساحة 576 متر مربع.
وتمت في جناح الإسلام تغطية موضوع الاكسبو الإنسان الطبيعة التقنية من منظور إسلامي يعالج تاريخ الإسلام وواقعه وحلوله المستقبلية للتحديات البشرية, وقد شارك في الأجهزة الإدارية والاستشارية والعلمية للنجاح نخبة من كبار الشخصيات في العالم الإسلامي، وتم تنفيذ المشروع بكامله بمشاركة هيئة التراث والبيئة وبالتعاون مع مؤسسات علمية وخيرية عديدة في أوروبا والعالم العربي.
وبلغت تكاليف جناح الإسلام نحو 7,3 ملايين مارك ألماني تمكن المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا وهيئة التراث والبيئة من جمع معظمها من الهيئات الخيرية والشعبية للقيام بواجب الإسلام في هذه التظاهرة الدولية التي يشارك فيها أكثر من 190 دولة ومنظمة دولية، وتستمر لمدة خمسة أشهر متواصلة من أول يونيو إلى نهاية اكتوبر 2000في هانوفر,, ووصل عدد زوار المعرض إلى نهاية شهر سبتمبر إلى نحو 12 مليون زائر، وتجاوز عدد زوار جناح الإسلام سبعمائة ألف زائر معظمهم من غير المسلمين.
ولأول مرة في تاريخ الاكسبو شاركت الأديان في هذه التظاهرة الحضارية الكبرى، وقد حصل المجلس الأعلى للمسلمين في ألمانيا على حق تمثيل الإسلام سواسية بالكنيسة الألمانية المشاركة في هذا المعرض، ونظم بالتعاون مع هيئة التراث والبيئة جناح الإسلام في القاعة المركزية رقم 26 على مساحة قدرها 576 متراً مربعاً.
وقام الجناح بتنظيم برنامج ثقافي مواز يشتمل على محاضرات وندوات وجلسات تلاوة وحوار وأمسيات فنية بلغ عدد ما نفذ منها إلى نهاية شهر سبتمبر 95 فعالية.
وتم خلال الأشهر الأربعة الأولى توزيع أكثر من خمسة أطنان من المطبوعات الإسلامية والمصاحف وترجمات معاني القرآن الكريم، تفضل بالتبرع بها مجمع خادم الحرمين الشريفين لطباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة وعدد كبير من المراكز الإسلامية ودور النشر والمؤلفون في ألمانيا والبحرين وأمريكا.
ويخطط المجلس الأعلى وهيئة التراث لتحويل المعرض الإسلامي بعد هانوفر إلى معرض دائم متنقل لإبراز وجه الإسلام الحضاري الإنساني العلمي، والتعريف بالإسلام ومنجزات السلف الصالح، وحلوله لتحديات العصر والمستقبل, وسوف تكون المحطة الأولى للمعرض المجلس البلدي لمدينة كوبنهاجن بالدنمارك ثم المجلس البلدي لمدينة المجلس الأوروبي ستراسبورج في فرنسا, وسيجوب المعرض عام 2001م أربعاً من كبريات المدن الألمانية بالإضافة إلى دبلن في ايرلندا , ونحن نحث المؤسسات الإسلامية وأهل الخير في كل مكان إلى المساهمة في تغطية عجز ميزانية الجناح الذي يفوق مليون مارك ألماني.
|
|
|
|
|