مهج تذوب وأنفس تتحسر
ولظى على كل القلوب تسعر
الحزن أضرم في الجوانح والأسى
يصلى المشاعر باللهيب ويصهر
ماذا أقول عن المصاب ومهجتي
ألمّا تغص وعبرتي تتكسر
ماذا أقول عن المصاب وإنني
عما أحاول عاجز ومقصر
كيف التحدث عن مصاب فادح
أكبادنا من هوله تتفطر
كل أمرىء فينا يذوب تعاسة
والبؤس في دمه يغور ويزخر
الشيخ يندب بائساً متحسراً
والطفل يبكي نائحاً يتعبر
لم لا وقد فقدوا أبا ومهذباً
ورعاً بأنواع المفاخر يذكر
لما بدا للحاضرين كيانه
والنعش يزهو بالفقيد ويفخر
هلعت لمنظره النفوس كآبة
وبدا على كل الوجه تحسر
نظروا إليه فصعدت زفراتهم
والدمغ غمر في المحاجر أحمر
كل يحاول ان يغطي دمعه
لكنه يلقى النقاب فيسفر
يتزاحمون ليحملوه كأنهم
سيل يموج وأبحر لا تجزر
يا راحلا ريع الثقات لفقده
وبكى تغيبه الحمى والمنبر
لو كنت تفدى بالنفوس عن الردى
لفدتك أنفسنا وما تتأخر
لكن تلك طريقة مسلوكة
وسجيبة مكتوبة لا تقهر
كل امرىء في الكون غايته الردى
والموت حتم للأنام مقدر
كتب الفناء على الأنام جميعهم
سيان فيها فاجر ومطهر
لكن من اتخذ الصلاح شعاره
تفنى الخليقة وهو حي يذكر
ما مات من نشر الفضيلة والتقى
وأقام صرخاً أسه لا يكسر
ما مات من غمر الأنام بعلمه
الكتب تشهد والصحائف تخبر
يا ناصر الإسلام ضد خصومه
لك في الجهاد مواقف لا تحصر
قد كنت للدين الحنيف معضداً
وبشرعه الهادي القويم تعبر
كم من فؤاد عام في لجج الهوى
انقذته أيام كنت تذكر
بصرته بهدى المشرع فارعوى
عن غيه فلك الجزاء الأوفر
طوراً تحذر بالعذاب وتارة
برضى الإله وما أعد تبشر
ولكم خطبت على الأنام مذكراً
ان الحنيف على العباد ميسر
يا زاهداً عرف الحياة فما هوى
في المغريات ولا سباه المظهر
نم في جنان الخلد يا علم التقى
وانعم بظل وارف لا يحسر