أول صحيفة سعـودية تصــدرعلـى شبكـة الانتــرنت صحيفة يومية تصدرها مؤسسة الجزيرة للصحافة والطباعة والنشر

الطبعة الثانيةالطبعةالثالثةاختر الطبعة

Saturday 2nd December,2000العدد:10292الطبعةالاولـيالسبت 6 ,رمضان 1421

مقـالات

كل سبت
إدارات التعليم,, والكفاءات المُنتظِرة
عبدالله الصالح الرشيد
من خلال متابعتي ومعايشتي لمسيرة وتطور التعليم في بلادنا ولأكثر من أربعين عاماً مضت لاحظت أن إدارات التعليم للبنات في المناطق والمحافظات عندنا تختلف أو تتميز عن مثيلاتها في تعليم البنين ولا أقول تمتاز وذلك بفارق بسيط هو أن الأولى أكثر حركة والثانية أكثر ديمومة,, وأعني بذلك من حيث طول بقاء القائمين على إدارتها ممثلاً ذلك بمدير التعليم .
ولمزيد الإيضاح والتفصيل أقول: إنه من وجهة نظري وخدمتي وخبرتي الطويلة في سلك التعليم، من مدرس وموجه إلى مدير تعليم تأكد لي بالدليل والبرهان ومن واقع التجربة، ان الحركة والتجديد في الكرسي الأول يتيح للدماء الشابة النشطة وأصحاب المهارات الجديدة بالانطلاق والإبداع وأخذ نصيبها وحظها في تحقيق طموحاتها وتنفيذ خططها التطويرية التي تضيف الى ما سبقها قوة ونجاحاً وابتكاراً,.
والتعليم كما علمتنا الحياة مثل الماء والهواء لابد أن يتجدد ويتحرك,, والبقاء والاستمرار في المراكز التعليمية والإدارية المتنفذة إذا زاد عن الحد اللازم بدون تجديد وتطوير ومسايرة الحدث أصبح مع مرور الزمن عامل جمود وتقوقع وروتين يؤدي الى الإعاقة والتأكسد,, ومن هنا فإننا نناشد وزيرنا الديناميكي المحبوب والهمام صاحب الصدر المفتوح والإرادة الجريئة الوثابة بأن يتكرم مشكوراً ويضيف الى انجازاته الرائدة الطموحة عملاً جليلاً وسهلاً في نفس الوقت وذلك بإتاحة الفرصة للعقول الشابة المؤهلة المتفتحة من أبنائه وزملائه والمتحفزة هممهم وإرادتهم وطموحهم وأمانيهم للعمل والتجديد,, وهذا ما سيتحقق واقعاً مثالياً بإذن الله عندما تأخذ هذه النخبة نصيبها ودورها في إدارة دفة التعليم بالمناطق والمحافظات والنهوض به إلى الأحسن والأفضل والأكمل في مسايرة ركب العلم والتقدم هذا وكلنا ثقة وأمل أن معاليه حفظه الله سيرى بنفسه ثمرة هذه المبادرة عطاء وإبداعاً في أقرب فرصة,, ولتكن الخطوة الأولى وأول الغيث في عملية النقل او التناوب او الاستبدال على الكرسي الأول بالذين أمضوا السنين الطوال ومن امضوا من ثمان إلى ست سنوات وهكذا,, وليكن لهم فيما بعد وهم القدوة حركة تجديد وتنقلات مثلهم مثل مرؤوسيهم وزملائهم مديري المدارس والمعلمين والموجهين التربويين والمرشدين الطلابيين ومن في حكمهم, وإن كان على فترات محددة حسب كفاءتهم وقدرتهم على العطاء,, ولا يعيب العقلاء ممن يملكون الثقة بأنفسهم والإيمان بواجبهم والتواضع في سلوكهم أن يتحولوا إلى موجهين تربويين أو إداريين أو استشاريين تعليميين حسب تخصصاتهم وقدرتهم,, لأن هدف الجميع هو المصلحة التعليمية المنشودة,,
وقبل أن أختتم حديثي هذا أجد أنه ومن باب توارد الخواطر أن التي بمثالين من المشاهد التي مرت أمامي على مسرح الحياة يدلان على إيجابيات التغيير والتجديد وسلبيات الجمود وهما من المواقف المتباينة أو المتناقضة حدثا لزميلين عزيزين في الأسرة التعليمية الشاملة ويحتلان مراكز متقدمة في حقل التعليم والإدارة.
أحدهما: كان يشغل مركز مدير تعليم لإحدى مراحل التعليم الهامة في جهاز الوزارة واستمر في عمله فترة من الزمن ولكن عندما توسعت رقعة العمل وتشعبت وكثرت المسؤوليات على إدارته وتطورت متفرعات التعليم وبدأت الدماء الجديدة المؤهلة تزحف وتتمدد بعزيمة واقتدار وكفاءة عرف ان لقدرته طاقة محدودة ولمداركه مساحة معينة لا تحيط بفهم ما جدَّ في التعليم من مناهج جديدة ومقررات متطورة ووسائل حديثة عند ذلك بادر بكل ثقة وتواضع وهدوء ومن تلقاء نفسه الى طلب تحويله للعمل بإحدى المدارس المتوسطة للعمل كمشرف ومرشد طلابي وتحقق له ذلك واستمر في عمله مؤدياً هذا الواجب بكل ثقة واخلاص حتى تقاعد عن العمل قبل سنوات,, أما الآخر الذي يقف على النقيض فهو على ما أظن أول مدير تعليم في محافظته وقد تقدمت به السن وتقوس ظهره وقرب منه البعيد وبدأت قواه الجسمية تتآكل مع الزمن,, اتصلت به ذات يوم وهو يقضي إجازة مرضية نتيجة عملية أجريت له على ما أعتقد, وقلت له مداعباً أو مازحاً رب ضارة نافعة لعلك تعطي نفسك قسطاً من الراحة وتسعد قلبك بعمل مريح مناسب يبعدك عن عناء المسؤولية وتترك مهمة الإدارة بعد هذه السنين الطوال لأحد تلاميذك أو زملائك الذين يعملون معك او حلولك وتقنع بعمل استشاري او إشرافي خاصة أنك على أبواب التقاعد, ورحم الله امرأً عرف قدر نفسه وما ان انتهيت من هذا الحوار العفوي المغلف بالنصح النافع النابع من القلب حتى لمست أن ما ذكرته وقع موقع الصاعقة في نفسه فرد قائلاً وبصلف:
لن نترك المقاعد ولا حتى بعد التقاعد أتريد أهلي وابنائي وأقاربي يزهدون بي ويهمشونني؟ أتدري ماذا يقول المثل الشعبي يا حبذا الإمارة ولو على الحجارة,, هنا لطفت من روعه بأن كلامي لا يخرج عن حيز المداعبة وهو بالتالي لا يقدم ولا يؤخر بعد أن علمت فيما بعد أنه أخذ كلامي مأخذ الجد خاصة إذا كان لا يعلم أن دوام الحال من المحال وأن كرسي المسؤولية في مجال التعليم يجب أن يدور ويبحث عن الأكفاء خاصة أن متفرعات التعليم تتشعب وتتطور كل يوم وقد دخل في مسيرة التعليم الكمبيوتر والإنترنت وغيرها وما أحرانا أن نعطي المتخصصين في هذه المجالات الحية والمتطورة بعض الفرص في المراكز القيادية في حقول التعليم المختلفة,.
وكلي ثقة وأمل وتفاؤل بأن معالي وزير المعارف خير من يتجاوب مع هذه الآمال العاجلة لما عرف عنه من حصافة وبعد نظر وعزيمة واقتدار, وله منا جزيل الشكر وعاطر الامتنان وخالص الدعاء الصادق النابع من القلب بأن يديمه ذخراً للعلم وطلابه ويحقق على يديه وبجهوده ما فيه الخير للصالح العام,, وما نريد إلا الإصلاح والله من وراء القصد.
الرياض/ ص,ب 27097 الرياض 11417

أعلـىالصفحةرجوع




















[للاتصال بنا][الإعلانات][الاشتراكات][البحث]
أي إستفسارات أو إقتراحات إتصل علىMIS@al-jazirah.comعناية م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2000 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved