| الاقتصادية
في حوالي منتصف القرن التاسع عشر الميلادي أخذت تظهر على السطح تنظيمات دولية ذات أشكال عديدة من المؤتمرات الدولية مثل مؤتمر فيينا عام 1815م الذي وضع قواعد لحفظ توازن القوى السياسية، ومؤتمر لاهاي 1899 1807 الخاص بقواعد الحرب والحياد ووسائل فض المنازعات بالطرق السلمية ثم أخذت هذه المؤتمرات طابعا آخر ذا وجهة فنية غير سياسية بهدف تحقيق التعاون والتنسيق فيما يتعلق بالمسائل الفنية بين الدول وهي اتحادات إدارية دولية مثل اتحاد البريد العالمي 1874م والاتحاد الدولي للتعريفات الجمركية 1890م والمعهد الدولي للزراعة والمكتب الدولي للصحة العامة.
وقد وضع لتلك المنظمات الدولية شخصية قانونية دولية ضمن إطار التعاون الدولي شاملا الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
وفي 21 نوفمبر عام 1947م أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة الاتفاقية الخاصة بالمزايا والحصانات الممنوحة للمنظمات التي بواسطتها تمنحها استقلالية تامة عن الدول ولها حرية ابرام الاتفاقات الدولية ومباشرة التقاضي لحمايتها وحماية موظفيها وظهرت الوكالات الخاصة أو المنظمات الخاصة التي تنشأ برغبة من الدول وتعقد فيما بينها وبين الأمم المتحدة اتفاقات ويكون المجلس الاقتصادي والاجتماعي هو أداة الوصل بين الأمم المتحدة والمنظمات المنشأة بعد ان تأخذ شرعيتها من الجمعية العامة، أي بعد موافقة الجمعية العامة على أهميتها وجدواها ومن هذه المنظمات منظمة العمل الدولية 1919م ومنظمة الصحة العالمية 1946م ومنظمة الأغذية فاو 1945م والمنظمة الدولية للطيران المدني الايكاو 1947م ومنظمة التربية والعلوم الثقافية اليونسكو 1945م وغيرها الكثير من المنظمات.
وقد منح المجلس الاقتصادي الاجتماعي التابع للأمم المتحدة الحق في الإشراف على ميزانيات الوكالات وصلاحيات لمتابعة آليات العمل والرقابة والصرف.
لقد انبثقت هذه الوكالات لتلبية احتياجات دول العالم من أجل وضع قواعد جديدة لاستتباب الأمن والسلام وخلق أجواء الاستقرار، وقد رأت الدول ذات العضوية المؤسسة مثل الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة وفرنسا وروسيا التي خرجت من الحرب العالمية الثانية للتو ان هناك حاجة ماسة لايجاد وكالات دولية مالية عليه تم القيام بإنشاء البنك الدولي للإعمار والتنمية بموجب اتفاقية أقرها مؤتمر بريتون وودز عام 1994م، وبدأ التنفيذ بعدها بعام وأصبح البنك وكالة متخصصة من وكالات الأمم المتحدة من أهدافه مساعدة الدول الأعضاء المتضررة من الحرب العالمية الثانية وإعادة إعمار عن طريق منحها قروضا مالية، وتشجيع استثمار رؤوس الأموال لأغراض إنتاجية وتشجيع الاستثمارات الخاصة وتطوير نمو متوازن للتجارة الدولية والعمل على استقرار موازين المدفوعات,, وقد كان للبنك دور فعال ومؤثر في تمويل مشاريع إعادة بناء اقتصاديات الدول الأعضاء بعد الحرب وبعد انتهاء جزء كبير من هذه المهمة توجه خط البنك إلى مساعدة الدول النامية للمساعدة على بناء البنى التحتية الأساسية الاقتصادية والاجتماعية ورفع مستوى معيشة الشعوب بينما أخذت قرارات البنك تدريجيا طابعا سياسيا يخدم الاقتصاد الرأسمالي وتوجهاته الايديولوجية في الوقت الذي وجه بانتقادات من بعض الدول النامية بسبب شروطه القاسية ومتطلباته التي تنص على رفع الدعم عن السلع الأساسية وخفض النفقات العامة وتحرير سعر الصرف التي غالبا ما تواجه بالرفض من الشعوب الفقيرة التي تعيش على الدعم الحكومي, ورغم الانتقادات الشديدة فإن كثيرا من الدول النامية تسعى للتعامل مع هذا البنك كونه أفضل الاختيارات المتاحة لها.
وفي منتصف الستينات من القرن الميلادي الماضي قام البنك الدولي للإعمار والتنمية بإنشاء منظمتين هما مؤسسة التمويل الدولية والمؤسسة الدولية للتنمية وذلك بهدف منح قروض طويلة الأجل للدول النامية وتسهيل الشروط عليها، وبعدها اصبح يطلق على البنك الدولي والمؤسستين الجديدتين مجموعة البنك الدولي.
ومن الوكالات المالية التي انبثقت بموجب اتفاقية بريتون وودز إنشاء صندوق النقد الدولي I.M.F بهدف تشجيع التعاون الدولي في المجالات النقدية والمصرفية وتوسيع وتنسيق مجال التبادل التجاري بين الدول الأعضاء، والمساعدة في حل المشكلات المالية العالمية من خلال حلول مناسبة للتجارة الدولية إلى جانب العمل على تحقيق الاستقرار في أسعار الصرف وتصحيح أوجه الخلل في موازين المدفوعات للدول الأعضاء.
وبمبادرة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي التابع للأمم المتحدة تمت دعوة الدول الأعضاء لعقد مؤتمر دولي لبحث مسألة التجارة والتبادل التجاري بعد الحرب العالمية الثانية، وفي عام 1947م لبت الدول الدعوة وتم الاجتماع في هافانا حيث صدر ميثاق هافانا المشهور الذي انبثق منه منظمة التجارة الدولية وبسبب عدم توقيع الدول على الميثاق وتصديقه فقد فشلت منظمة التجارة الدولية ولم تحقق شيئا يذكر.
وفي محاولة ثانية من المجلس الاقتصادي وللخروج من أزمة الفشل، دارت محادثات خلال عام 1947م تم على اثرها التوقيع على الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفات الجمركية جات G.A.T.T وكان من أبرز أهدافها إلغاء كافة أشكال القيود التي تعرقل حرية التبادل التجاري بين الدول الموقعة على الاتفاقية والأخذ بمبدأ التفاوض والحوار لحل أية مشكلات تظهر في نطاق العلاقات الجارية المتبادلة وتخفيض الرسوم والتخفيف من الحواجز الجمركية المفروضة على التبادل التجاري وعدم التمييز بالمعاملة، وقد رأى الموقعون على الاتفاقية انها إطار جيد لحل المشاكل وتيسير التبادل التجاري فيما بينهم، وفي منتصف الخمسينات تحولت الاتفاقية إلى شبه منظمة دولية بعد ان وضعت لها آلية للعمل ورئيس وسكرتارية وجهاز رئيسي يسمى المؤتمر العام يرسم السياسات العامة للمنظمة وينفذ ويطبق اهدافها, وفي عام 1964م انشأت المنظمة مركزا دوليا للتجارة وذلك من أجل مساعدة الدول النامية على زيادة قدراتها التصديرية، إلا ان الدول الغنية لم تعر هذا المركز أي اهتمام.
وقد انخفض التبادل التجاري الدولي من 9% عام 1984م إلى 3% عام 1986م حسب تقديرات الجهات نفسها.
وقد عقدت جولات عديدة لانقاذ الجهات وحل الاشكالات التي تعترضها مع ازدياد التكتلات الاقليمية على حسابها مثل مجموعة دول السوق الأوروبية ومنظمة بلدان جنوب شرق آسيا وظهور الخلافات الأوروبية الغربية واليابان بسبب اهتزاز ميزان المدفوعات حيث قدر ميزان العجز للمدفوعات الأمريكية تريليون دولار 64% منه تجاه اليابان وألمانيا الغربية.
ومن جانب آخر قام بعض الأعضاء الفاعلين في الجات بعمليات التفاف على اتفاقات تخفيض الرسوم الجمركية على وارداتها بوضع عوائق غير جمركية تصل إلى 27 عائقا يعادل مردودها اضعاف ما تنازلت عنه في الرسوم الجمركية.
بالإضافة إلى تدهور وضع الإنتاج الزراعي في البلدان النامية فبينما تنفق الدول الكبرى عشرات المليارات من الدولارات على اتلاف الفائض من المنتجات الزراعية لديها كان نقص الغذاء ينتشر في البلدان النامية ويلف الجفاف والجوع ملايين البشر في القارة السوداء.
يتبع
* رئيس المركز العربي للاتصال والعلاقات الدولية E-Mail:bandar@shabakah.net.sa
|
|
|
|
|