| عزيزتـي الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
يستشهد الأستاذ خالد بن تركي العطيشان في موضوعه المنشور تحت عنوان (وقفة للمراجعة) في هذه الصفحة يوم 25/8/1421ه، يستشهد بالوضع القائم فيما بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك,, ليقارن ويبرر الوضع القائم فيما بين الحدود السعودية اليمنية الذي يشار إليه بأنه سبب من أسباب انتقال مرض حمى الوادي المتصدع، لعدم القدرة على التحكم والسيطرة على عمليات التهريب وما شابهها فيما بين الحدود.
وأحب أن أتطرق أولا لعبارة (لنا في إرهاصات قضية الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية والمكسيك المثل الواضح .
فكلمة إرهاصات تعني: تهيئة ومقدمة، فقد جاء في لسان العرب للعلامة ابن منظور (الإرهاص: الإثبات,,، قال ابن سيده وعندي أنه يريد أنه مقدمة له وإيذان به، والإرهاص على الذنب: الإصرار عليه، وفي الحديث: وإن ذنبه لم يكن عن إرهاص أي عن إصرار وإرصاد، وأصله من الرهص، وهو تأسيس البنيان انتهى.
وكما نعلم بأن الوضع فيما بين المكسيك وأمريكا قائم منذ زمن وإرهاصاته قد ولت فبات واقعا معاشا!!, أما استشهاد العطيشان بهذا الوضع فلا مجال له أيضا: فنحن نستشهد بالأحسن,, نستشهد بالأمثل والأفضل لنطبقه علينا، لا أن نبحث عن الأسوأ من تجارب الغير ونتمثل أو نتحجج به مبررين أخطاءنا ورافضين الاعتراف بالتقصير والإهمال,إن الشعوب المتحضرة المدركة تبدأ من حيث وصل الغير من نجاحات وتفوق لا أن تبدأ بسقطات الغير وزلاتهم لتعيشها كما عاشوها، بل نبدأ أقوياء ناجحين بناء على معرفتنا لتجارب الغير وتقييمها والاستفادة منها حق الاستفادة, إن هذا البلد المعطاء نجح في تطبيق هذه النظرية بشكل رائع، ولا أدل على ذلك من حجم القفزة الحضارية التي مرت بها المملكة العربية السعودية في كثير من المجالات، فنحن بدون شك بدأنا من حيث وصل سوانا, وهذه حقيقة لا تتوافق مع استشهاد واستدلال خالد بن تركي العطيشان!!.
(من حق المحرر أو الصحفي أو الإعلامي الوصول إلى حقيقة الأمر لموضوعه الصحفي ولكن أود إيضاح أن ربط ظهور هذا المرض بمنطقة جازان بمستوى الخدمات العامة أمر يقتضي الوقفة والمراجعة,,) هذا جزء من حديث الأستاذ العطيشان يدل على تقبله للنقاش والحوار والبحث عن الحقيقة.
والحقيقة الماثلة للعيان والبينة كما هي بينة الشمس أن الأداء الإداري هو أساس النجاح مثلما هو أساس الفشل، وبالمنطق نتبع نقطة نستشهد بها للدلالة على صدق القول الذي يقضي بأن الوضع الإداري هو أساس النجاح مثلما هو ما قاد لمرض حمى الوادي المتصدع.
ولنتبع عملية رش المبيدات وانتشار البعوض في المنطقة (مثلا) وهو من أسباب انتقال وانتشار المرض، فوجود البعوض وانتشاره دليل واضح على عدم عمل مراكز مكافحة البعوض إما نهائيا أو على الأقل بالشكل المطلوب في أقل درجاته,, أولا، وهذا يدل على أن تلك المراكز لا تحظى بمتابعة من فرع الوزارة المعني في المنطقة الذي لا يؤدي عمله بالشكل المناسب,, وهذا ثانيا وما أتاح له ذلك هو عدم متابعة ومراقبة الجهاز الإداري للمنطقة (إمارة المنطقة) لعمل هذا الفرع ومن ثم معرفة التقصير والإهمال من عدمه,, وهذا ثالثا.
وينطبق هذا المثال على دخول الأغنام عبر الميناء فالإهمال والتقصير في أداء العمل تسبب في دخول حيوانات موبوءة بهذا الوباء دون أن تخضع لكشف أو اختبار إما بسبب التقصير في الأصل أو من أجل عيون وخاطر فلان وعلان من الناس, إذا فهي عملية تدرجية كما قلت، تبدأ من الحجر الصحي أو الزراعي مرورا بالفرع وانتهاء بإمارة المنطقة المعنية بمتابعة أداء الأجهزة الحكومية والفروع الإدارية في المنطقة، وهذا ما ينطبق أيضا على عملية تهريب الأغنام وسواها عبر الحدود وعدم إحكام المنافذ جيدا من قبل الجهات المعنية بذلك,إذا يا أستاذي الفاضل هي عملية تكاملية وتدريجية تبدأ من الجهاز التنفيذي في القاعدة عملا وأداء، وانتهاء بالجهاز الإشرافي والرقابي في قمة الهرم متابعة ورقابة وتقييما، وتكامل العملية ضمان للأداء الصحيح وتجنب السلبيات والأخطاء وهذا ما افتقدناه سواء من الأداء الإداري للجهاز التنفيذي أو للإدارة والإشراف في المنطقة المتمثل في إمارة منطقة جازان, فهل هذا التحليل والتتبع البسيط لمكامن الخلل برأيك فيه إجحاف في الحكم على الجهاز الإداري في المنطقة ام أنه إدانة صريحة؟! وإذا رفضنا إدانته فيا ترى من سواه يمكن أن يكون المسؤول عن هذا الوباء بالمنطقة؟!.
وكل هذا لا يعفي الوزارة المركزية الرئيسة من قصور وإهمال في متابعة أداء فروعها في المناطق الأخرى وهذا موضوع كبير وشائك يحتاج لوقفات أخرى كثيرة ستكون قريباً بإذن الله.
ولإزالة اللبس,, فإن الحديث عن الأداء الإداري في المنطقة لا يعني بحال من الأحوال الإنتقاص مما يقدم للمنطقة من مخصصات كما ألمح إليه العطيشان بأن الكتاب والصحفيين يرمون إليه بقدر ما هي وقفة صادقة لمراجعة كيفية توزيع تلك المخصصات في المنطقة ذاتها عبر الإدارات الحكومية هناك، حيث لم يظهر أي أثر لها وهذا أمر واضح للعيان يدل عليه الوضع الخدماتي والإداري والبنية التحتية في جازان مما تحتم معه تكوين اللجنة العليا لدراسة الحاجات الآنية والمستقبلية لمنطقة جازان برئاسة الأمير نايف بن عبدالعزيز وفقه الله.
إن وقفة المراجعة لا يجب أن تكون لآراء الزملاء الإعلاميين والصحفيين بل يجب أن تكون للأداء الإداري في المنطقة أولا.
ومن الواجب قوله أن مراجعة ومتابعة ما يكتب حول الموضوع من الجميع من كتاب وصحفيين أو قراء ومهتمين والتمحيص والتدقيق فيه سعيا للتبرير والبحث عن أخطاء تساعد في التخلي عن المسؤولية ورميها على الغير ليس من الواجبات الإدارية، بل الواجب هو تتبع ما يكتب للاستفادة من الآراء المختلفة والمناقشات المتعددة للخروج بتصور يخدم الجميع بغض النظر عن أسماء الكتاب ومواقعهم، والتي تهدف في مجملها للبحث أولا وأخيرا عن الحقيقة التي نرفض الاعتراف بها وهي أن سوء الخدمات المقدمة والمتابعة الإدارية لتنفيذ الأعمال في المنطقة وأداء مهامها على أكمل وجه هي السبب الرئيس إن لم يكن الأوحد في دخول هذا الوباء.
لذا علينا أن نقف لمراجعة أنفسنا أولا ومن ثم للأعمال التي تقوم بها مختلف الجهات الحكومية في المنطقة بدءا من إمارة المنطقة وانتهاء بأصغر الأقسام، وأن تكون هذه المراجعة مبنية على الأهداف التي أنشئت من أجلها كل الإدارات والمصالح الحكومية التي تهدف لخدمة الوطن في كل مكان، ووضع الموظف في خدمته مهما كبر أو صغر منصبه ومهما كان موقعه، ولنكن صادقين مع أنفسنا ونعترف بالأخطاء ونقر بالتقصير والإهمال فهذا الاعتراف هو أول الخطوات الصحيحة نحو التصحيح والإصلاح الإداري لسائر الأجهزة الحكومية في كل مكان، وهو ما سيعود بالخير على هذا البلد وأهله.
والله ولي التوفيق،
محمد مكلبش شراحيلي الرياض
|
|
|
|
|