| عزيزتـي الجزيرة
الحب هذه الكلمة التي سرقت لب العقول ونبض القلوب,, وتناثرت منه على الألسن فاستمع لها كل من استهواه العشق والهوى,, لكن الحقيقة التي يحب ان تقال ان الحب في هذا العصر اصبح ظاهرة نادرة,, فهو لم يعد كما كان، لم يعد ذاك الابيض النقي الشفاف الذي يداعب الاسماع والقلوب,, لقد انتهى زمن الحب واصبح اكذوبة العصر لان الزمن الحاضر حمل قلوبنا وجعلها مبرمجة على اجهزة الكمبيوتر الحديث,, لم يعد هناك حب حقيقي صادق، الجميع يطلق هذه الكلمة ولا يعلم إلى اي مدى ستوصله,, لكن الحب هو كما قاله ابن داوود,, إذ يقول: الحب نوع من الاستيلاب يتخلى فيه المحب عن التفكير والتخيل والاحساس بأي شيء سوى المحب وللاسف الشديد الحب ظاهرة متعارفة على انه حب محصور بين المرأة والرجل,, ولكن الحقيقة ان الحب يستوطن في وطن واسع الارجاء,, حب الوالدين,, حب الإخوة,, حب الوطن,, حب الاصدقاء,, حب اشياء عديدة جدا لا حصر لها,, فالحب اساسا ليس ظاهرة علاقة بين المرأة والرجل,, بل علاقة ممتدة مع علاقتنا بالآخرين ممن هم حولنا ويحتلون جزءاً كبيراً في حياتنا.
يقول د, مصطفى محمود في كتابه أناشيد الإثم والبراءة : لو سألتم عن الحب أهو موجود وكيف نعثر عليه لقلت نعم موجود ولكنه نادر,, نعم الحب في هذا الزمن الذي نعيشه اصبح نادراً، فكلمة الحب أصبحت لا تطلق إلا من اجل مصالح شخصية,, اصحبت كاذبة في قرارة النفس وظاهرة للعيان باللسان,, وفي هذا العصر اصبح الانسان لا يقدر ان الحب ظاهرة إنسانية فريدة في النفس البشرية وان الحب شعور عميق يتملك احساس المحب وليس مجرد تداعيات وجدانية ومظاهر من اجل كسب شيء ما,, من الطرف الآخر,, نعم الحب غابت شمسه في هذا الزمن الذي طغت عليه الماديات وافتقد المصداقية وافتقد الانسانية وافتقد أشياء عديدة جدا, والفلسفة عرّفت الحب على انه الارواح المقسومة والتي تظل تبحث عن جزئها المفقود حتى تتوحد معه في حالة حب ابدي حقيقي,, كل هذا من اجل ماذا من اجل الرقي والسمو بالحب الى الاعلى حتى وان اختلفت معناني الحب من الحب والهوى والصبابة والخلة والشغف واليتم والتبل والهيام,, إلا ان معنى الحب سيظل هو الحب وهو تعلق القلب بالمحبوب والألم عند هجره وفراقه, لكن أين هو مجهول الهوية في هذا العصر؟ يقول لسان الدين ابن الخطيب عن الحب:
تمنى المحب يرى علوه وقد شاع في حبه وصفها أعارته طرفا يراها به فكان البصير لها طرفها |
وقيس ابن الملوح محبوب ليلى يصور لنا الحب الحقيقي الصادق والقوي,, هذا الشاعر الأموي الذي هام بابنة عمه ليلى فمنعوا زواجه منها واهدر دمه حتى جُنّ وهام في الصحراء إلى ان مات وقصيدته المؤنسة التي يستأنس بها تصور ذلك الحب الصادق:
تذكرت ليلى والسنين الخواليا وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا وقد يجمع الله الشتيتين بعدما يظنان كل الظن ان لا تلاقيا |
أعتقد انه لا يوجد حب اجمل من حب مطرز بالامل مجرد من نزعات الماديات والمصالح الشخصية خصوصا في هذا العصر، هل يوجد أعظم من الحب الصادق؟ أعتقد الاجابة لا ويظل جبران خليل جبران أكبر من كتب نثرا فلسفيا عن الحب والمحبة ومن أقواله في ذلك نثراً,.
أن تذوب وتكون كجدول متدفق يشق آذان الليل بأنغامه
ان تجر الآلام التي في العطف المتناهي
ان يجرحك ادراكك الحقيقي للمحبة في حبة قلبك وان تنزف دماءك وانت راض مغتبط
ان تنهض عند الضجر بقلب مجنح خفوق فتؤدي واجب الشكر
ملتمسا يوم محبة آخر,,
حتى وان جد ما جد فان الحب ظاهرة فريدة وحب الماضي لا يعود في هذا العصر وان عاد فإنه أكذوبة عصر وستزاح لانه يفقد المصداقية وهذا هو الأهم.
سارة آل عنبر
|
|
|
|
|