ربما كانت تلك التداعيات العابرة اطلالة صادقة في فضاء الميدان,, ونحن امام بوابة رمضان هذا الشهر الكريم الذي يأتي ليغسل القلوب,, ويطرد الشحوب,, يحرك دموعنا الخرساء التي تجمدت طوال العام في احداقنا تحت صقيع الذنوب,.
آه من تلك الليالي المتشحة بخيوط النور العابقة بالدعوات,, المضيئة بالصلوات,, والتي تعيد صياغة النفوس من جديد وتحيل سوادها بياضا وصحاريها رياضا, فمرحى لنا بك ايها الشهر الكريم وانت تجيء لتثير فينا احاسيس الايمان,, وتسمو بنا في اجواء القرآن,, وهاهم القوم ينصتون لوقع خطاك,, منتظرين ان تسافر في اعماقهم لتلامس شغاف قلوبهم وتضع بصماتك الغراء في حنايا افئدتهم المتلهفة لموكبك العامر بألوان الطاعة,, فمرحباً بك في ربوعنا ايها الضيف المبهج والآتي الجميل,, يا رعاك الله تعالى,, ايها القادم تزف بشرى الرحمة والمغفرة,, وهاهي ايامك تمتلئ بالتسبيح ولياليك تضيء بالتراويح,.
نستقبلك ياذا القدوم المبارك بلغة الشوق ومشاعر التوق لتفتح لنا نهارات بيضاء في فضاء الليالي,, ننتظر ان تمنحنا فرصة التوبة النصوح والرجوع الحق لتشكل لنا نهجاً ايمانياً مسكوناً بأعمال البر والتقوى, والتي لا ترتبط بمساحة زمنية معينة فقط بل تظل حاضرة طوال العام حتى لو زاد المسلم في مواسم الاجر المضاعف,.
ولنجعل من رمضان ميداناً رحباً مزروعاً بالبذل والعطاء والعبادة والدعاء,, ولم نزل نبحث عن مشاريع الخير ونفتش عن مشاريع الثواب,, نتحرى ابواب الدعاء المستجاب,, نفك اسر جيوبنا بالصدقات,, لتغدو السنبلة سبع سنبلات.
ولعل ما يؤسف له ان يلتزم البعض في هذا الشهر الفضيل ويكثير من آهات التضرع والالتجاء ويجهد من البكاء فاذا ما خرج رمضان رجع الى سالف عهده بالتهاون والتفريط!! وكأن المعاصي التي تموت في رمضان تحيا بخروجه في عرف هؤلاء,, وعجباً لقوم لا يعرفون ابواب المساجد الا في رمضان!!
العمل الصالح شجرة مباركة يجب ان نسقيها بأنهار الطاعة والعبادة طوال العام لتظل تنثر الاخضرار.
عفواً,, رمضان,, اتيت اقرأ فضاءك العابق برياحين الايمان,, اطالع آفاقك الندية اتأمل قسمات الضياء في جبينك المشرق,, ارنو لخطوط الهدى,, اتهجى رسوم ذكرياتك العذبة لألمح بريق الشموخ فقد كان لك مع التاريخ لقاء,, مع الفتح موعد,, عذراً,, رمضان,, هنيئاً لنا بك وانت تأتي لتطهر جوارحنا من الفتور,, وتحرر نفوسنا من الغل والشح,, وتطفىء ظمأ القلوب,, وتنصب خيام الافطار المبهج,, وتقيم مشاريع الخير,, ايها الشهر المسكون بالاجر,.
ونحن نعيش فرحة الموكب الرمضاني ليس ثمة حرج من وقفة صريحة امام معطيات اليوم الدراسي في هذا الشهر الكريم,, لنمارس قراءة هموم الميدان,, في شهر رمضان,, وهي قراءة صادقة تعكس آمال اهل الميدان وتعبر عن تطلعاتهم وبخاصة وان الدراسة في رمضان تستمر لاكثر من نصف الشهر المبارك,, وتحمل وضعية خاصة,, اذ ان الغاية ليست جمع الطلاب والطالبات اكبر قدر ممكن من الوقت والمرابطة بقدر ماهي عملية البحث عن الفائدة ورسم السبيل الملائم الذي يخفف حدة الاجهاد وينسجم مع فرحة اهل الميدان بقدوم رمضان,, انها دعوة لصياغة القالب المدرسي في رمضان صياغة جديدة,, مفيدة,, تعالج الوضع القائم الآن,, يسألونك عن الطلاب والطالبات في رمضان,, ستجد عقولاً مقفلة,, واذهاناً مثخنة,, وافكاراً مجهدة,, وملامح شاردة,, تعبث بها فلول النوم من آثار السهر,, وتظل تفتش عن طلاب ويعجزك الجواب,, انه الجو الدراسي المحفوف بمشاعر التذمر والتضجر,, والمسكون بسحب الملل والرتابة,, في ظل غياب اذهان آل التحصيل لتقف وحيداً ايها المعلم تشرح لنفسك!!
ومن هنا خلال معاينة الواقع الدراسي لمعرفة مدى استجابة فلذات الاكباد نلمس الحاجة الماسة لتشكيل نهج مدرسي محكم يحقق ابعاداً تعليمية وتربوية ايجابية ولا يفسد على ابنائنا فرحتهم بالجو الرمضاني الكريم,, انه المنهج المقنن,, المركز,, الموجه,, من ذلك:
1 تقليص الحصص الدراسية برفع بعض المواد الفرعية كالتربية البدنية والفنية والمكتبة والنشاط في مدارس البنين والبنات وذلك في هذا الشهر فقط.
2 تقليل زمن الحصة الدراسية بدلاً من 45 دقيقة ويكتفى ب 30 دقيقة ويمكن وضع ال 45 دقيقة في الحصتين الاولى والثانية لتختصا بالرياضيات التي تحتاج لزمن اطول,.
3 التبكير في بدء اليوم الدراسي,, فما المانع لبدئه الساعة السابعة ليكون انتهاؤه مع اذان الظهر لتكون فترة الظهيرة راحة من عناء اليوم,اننا نأمل من منسوبي التعليم معالجة فاعلة للمشوار الدراسي في اليوم الرمضاني تحقق خصوصية التركيز والتوظيف وتخلص آل التعليم من طابور الحصص وضغط المسؤوليات المدرسية وتتيح للطلاب والطالبات مناخاً مريحاً,, موجزاً,, يفتش عن الفائدة في اخصر صورها,, لينعم فلذات الاكباد باطار مدرسي بسيط,, وسهل ينقلهم في فضاء الشهر الكريم بعيداً عن رتابة اليوم المدرسي المعتاد وعن قيوده وقنواته المزدحمة المشحونة بالتوتر والتوجس والتعب والارهاق,.
حقاً انها قراءة استشراف لتلافي الاستنزاف,, واعتقد جازماً انها ستجد آذاناً صاغية من القائمين على التعليم وفقهم الله تعالى,, الذين عودونا على ان يحتفوا بكل صوت قادم من الميدان,.
محمد بن عبدالعزيز الموسى بريدة
|