| مقـالات
يعيش في بلادنا وبين ظهرانينا الآلاف بل الملايين من المسلمين غير القادرين على فهم اللغة العربية لا سماعاً ولا قراءة، هؤلاء المسلمون، لغاتهم الأم غير العربية وهي البنغالية أو الأوردية أو الهندية أو الإندونيسية أو غيرها، وعدد غير قليل ممن يتحدثون هذه اللغات، تكون اللغة الانجليزية عاملاً مشتركاً بينهم.
يحرص هؤلاء المسلمون على التواجد في بيوت الله لتأدية الصلاة مع الجماعة، ويمكن ملاحظة ذلك على وجه الخصوص، في الجوامع أثناء صلاة الجمعة، حيث نرى في كل جوامع المدن والقرى الآلاف من هؤلاء يتسابقون ومنذ وقت مبكر للذهاب إلى بيوت الله لأن هذا اليوم يوم عطلة لمعظمهم.
يلقي بعض خطباء هذه الجوامع خطبا ذات ابعاد دينية واجتماعية عميقة فبعضهم مثلا يتحدث عن الامانة وأهميتها في كل الاعمال وان الدين الإسلامي الحنيف يعطي لها في تعاليمه السمحة ثقلا كبيرا ويحث على الالتزام بها في كل شيء، وخطيب آخر يخصص خطبته للحديث عن الغش بكل أنواعه واشكاله وخصوصا في الاعمال التجارية والصناعية وموقف الإسلام من هذه العادة القبيحة وان من غش المسلمين فليس منهم، خطيب ثالث يكون موضوعه حول النظافة في المنزل والملبس والطريق وكيف ان النظافة من الإيمان، ورابع يتحدث عن اداب الطريق في الإسلام, واثر الالتزام بهذه الاداب في تحقيق السلامة المرورية التي تسعى لتحقيقها كل حملات التوعية المرورية.
هذه الموضوعات، وغيرها الكثير من الموضوعات المهمة مما يثيره الخطباء في العديد من الجوامع، ظهر يوم كل جمعة مباركة، لن يكون لها الاثر المطلوب، ولن تحقق هدفها الاساسي الذي تهدف إليه الخطبة، ويسعى إليه الخطيب، وذلك بأن تعم الفائدة جميع الحضور، لان عددا غير قليل من المصلين، ان لم يكن معظمهم من غير الناطقين بالعربية، ولا المدركين لما يقوله الخطيب.
المطلوب إذاً ان تتولى وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد مشكورة عملية اختيار الموضوعات التي من الضروري ترجمتها، وبحكم خبرة هذه الوزارة فإنها بالتأكيد تعرف على الاقل ولو بشكل تقريبي الجوامع التي عادة ما يتواجد بها اعداد كبيرة من المصلين غير الناطقين بالعربية، وهنا يأتي دور الوزارة في توزيع ترجمات هذه الخطب بعد الصلاة أما مسموعة عن طريق توزيع أشرطة (كاسيت) أو ترجمات مقروءة عن طريق توزيعها على شكل صفحات مطبوعة.
يمكن ان يساهم في تمويل هذه الاعمال الخيرية، القادرون من الباحثين عن الأجر والمثوبة، لان عمل الترجمة لخطبة الجمعة وتوزيعها مجانا على المصلين غير القادرين على فهمها مباشرة من الإمام، قد يعد من أوجه الصدقة.
إنه مؤلم حقا ان يحضر الخطبة اعداد كبيرة من المصلين ويتحدث الامام عن موضوع مهم، وقد يناقش الامام في خطبته حرمة بعض البدع التي يؤديها بعض المصلين عن جهل في صلاة الجمعة نفسها، ولكن لوجود حاجز اللغة يستمر هذا المصلي أو ذاك في ارتكاب نفس البدعة في كل جمعة يؤديها، كما ان بعض المصلين من غير العرب غير القادرين على فهم العربية يأتون إلى المملكة ويعملون في هذه البلاد لسنوات، ويواظبون على اداء الصلوات وعلى حضور الجمع، إلا انهم يغادرون بلادنا وهم على ما هم عليه من البدع التي تعودوا عليها في بلادهم قبل قدومهم الى المملكة، ولاشك ان لحاجز اللغة دورا كبيرا في ذلك.
إنها دعوة إلى تضافر الجهود من اجل ان تعم فائدة خطب الجمع والعيدين لجميع من يحضرها، والا تقف اللغة حاجزاً أمام فهم المسلمين للدين الحنيف وتعاليمه السمحة.
|
|
|
|
|