| متابعة
*صنعاء الجزيرة عبدالمنعم الجابري
أكد الاستاذ عبد القادر باجمال نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني ان العلاقات السعودية اليمنية تسير بخطوات ثابتة صوب المستقبل الزاهر الذي يتطلع إليه البلدان بما يسوده من تعاون شامل ومثمر وشراكة حقيقية كاملة,, وقال في حديث شامل ل الجزيرة : ان هذه العلاقات تقوم على أسس ومقومات وروابط تجعلها على قدر غير عادي من التفرد والتميز والخصوصية,, وأشاد بنتائج اجتماع مجلس التنسيق,, كما تحدث حول العديد من القضايا المتصلة بمستقبل العلاقات اليمنية السعودية وقضايا أخرى على صعيد الساحة الداخلية لليمن وغيرها,, وذلك كمايلي:
* العلاقات اليمنية السعودية,, كيف تجدونها الآن؟ وكيف تصفون ما تعيشه من تحولات؟
أولاً العلاقات بين اليمن والسعودية وكما هو معلوم وثابت علاقات تستند إلى العديد من الأسس والمقومات الراسخة التي تجعلها على قدر غير عادي من التفرد والتميز والخصوصية,,
وهي حالياً في وضع أفضل من أي وقت مضى، وذلك من حيث توفر الظروف والمناخات الحقيقية التي كانت تشكل مطلباً حيوياً مهمّاً من أجل ان تأخذ هذه العلاقة مكانتها ووضعيتها الصحيحة بما يتناسب مع حجم تلك الروابط التي تقوم عليها من حيث التعاون والتكامل في شتى الجوانب,وبالتالي نستطيع القول ان النظرة إلى العلاقات السعودية اليمنية تنطلق من جملة من الحقائق والثوابت الراسخة،
وهناك معطيات أساسية ينبغي العمل من خلالها فيما يتعلق بمسار علاقات البلدين التي هي الآن تعيش بالفعل تحولات ايجابية كبيرة، وتلك المعطيات ترتبط بالماضي والحاضر والمستقبل,, ومعطى الماضي يتمثل بالروابط التاريخية الراسخة بين البلدين وشعبيهما الشقيقين، وهذه الروابط طبعاً لا تقف عند حد أو حدث معين كمعاهدة أو اتفاقية أو ما شابه ذلك,, بل تمتد إلى ماهو أبعد وأكبر من ذلك بكثير,, هي روابط تتجلى وتفرض نفسها سواء من خلال عامل الجغرافيا والجيرة القائمة أو من خلال صلات الاخوة والدين والصلات الاجتماعية وغيرها من الروابط التي تجمع بين الجانبين والتي يأخذ بعضها طابعاً وجودياً بحكم ذلك الاتصال الجغرافي كما أشرت,, وما المعاهدات أو الاتفاقيات إلا مكملة لذلك ومنظمة أو مؤطرة لمسار علاقات التعاون بين البلدين والشعبين في المملكة واليمن,, ولذا نستطيع القول اننا نسير اليوم بهذه العلاقات بخطوات ثابتة صوب ذلك المستقبل الزاهر الذي نتطلع إليه بما يسوده من تعاون شامل ومثمر وشراكة حقيقية كاملة.
مجلس التنسيق
* اجتماع مجلس التنسيق الذي انعقد مؤخراً في المدينة المنورة بعد توقف دام لسنوات عديدة,, في نظركم ما الذي حمله بالنسبة لعلاقات البلدين؟
أولاً انا اعتقد ان هذا الاجتماع والذي كان إيذاناً بمعاودة مجلس التنسيق لنشاطه وإعادة تفعيل دوره، هو من النتائج والمردودات المباشرة لمعاهدة جدة,,
والشيء الآخر ان الاجتماع قد خرج ببيان واضح ليس فيه غموض، وكان هناك فهم بأن يكون هذا البيان هو فاتحة العمل، بحيث تم من خلاله تنظيم الأمور وتحديد كيفية العمل في المستقبل,, وثمة نقطتان رئيسيتان بالنسبة لاجتماع مجلس التنسيق، الأولى أنه أقدم على خطوات ذات طابع عملي وعلى سبيل المثال فتح المجال أمام الطلبة اليمنيين للدراسة في السعودية وعددهم بالطبع كبير، واعتبر ان الشراكة هنا تنتقل من شراكة مادية بحتة أو من تحويلات رأسمالية إلى شراكة اجتماعية ثقافية انسانية حقيقية، وهي أعمق وأكبر من أي شيء آخر,.
والنقطة الثانية هي انتظام أعمال المجلس,, كما تم التأكيد على قضية الشراكة وعلى أساس أن تدرس بشكل كامل في الإطارات المؤسسية,, فالمستقبل بالنسبة للبلدين إذا أردنا ان ننظر إليه من منظار أوسع ينبغي ان لاتكون النظرة قائمة على منافع طرف واحد، ولكن من منظار منافع المملكة واليمن، لأنه لايوجد شيء اسمه شراكة ذات منفعة منفردة أو ذات لون واحد,, بل ان الشراكة تعني اشتراك الجميع في عملية تنموية تتسع تدريجياً حتى تغطي كافة المجالات.
مقومات الشراكة
* في نظركم إلى أي مدى تتوفر الامكانيات والمقومات اللازمة لبلوغ هذه الشراكة؟ وماهي الأسس والمحددات التي يمكن العمل من خلالها؟
الشركاء يناقشون قضاياهم ويضعون شروط العمل المشترك,, فأنا أرى مثلاً ان القانون اليمني لايمكن القول بانه هو الذي ينبغي ان يسود أو القانون السعودي هو الذي يسود، وبالتالي أنا أفهم الشراكة ان نصنع كلانا قانوننا المشترك بحكم طبيعة الجيرة بيننا، أي أن هذه المسائل تتطلب قوانين خاصة توضع بصورة مشتركة كون الوضع يختلف، ولهذا كثير من الاتفاقيات ينبغي ان تعطى لها قيمة قانونية خارجة عن القيم القانونية الموجودة هنا أو هناك، باعتبار الشراكة لوحدها هي التي تمثل قوة قانونية قائمة بذاتها بعنصرها المؤسسي وعنصرها القانوني وكذلك الاقتصادي والإداري,, أي لا تخضع لبيروقراطية في هذا الجانب أو ذاك,, وبالتالي نجنب أنفسنا أولئك المتطفلين أن يدخلوا في الوسط ويحاولوا ان يستغلوا هذه الشراكة أو يسيئوا إليها,, وهناك أوروبا لم تسع إلى الشراكة من خلال تمسك كل طرف بقانونه، وإنما عبر قانون خاص شارك الجميع في وضعه، وبالتالي جعلوا هذا المشترك أكبر من الفردي الخاص بكل دولة على حدة,, وعليه فإن مفهوم الشراكة لابد ان يتطور سواء كان إعلامياً أو سياسياً أو اجتماعياً أو اقتصادياً,, هي ليست هاجساً ولا كلمة رومانسية، بل هي عمل فعلي حقيقي مبني على قواعد ذات أبعاد وأسس سليمة وصحيحة وموزونة، بحيث ان كل طرف يعرف نصيبه من هذه الشراكة ويعرف مسؤوليته وحقوقه وواجباته,, فالمسألة تحتاج إلى جهد وعمل كبير، والعالم اليوم ينتقل إلى العولمة، وأنا أرى أن الانتقال إلى العولمة إلا عبر الأقلمة، أي لازم تصنع وحدة اقليمية تترابط فيها مصالح الاقاليم مع بعضها البعض، وأساس هذه الوحدة هو أولاً ثنائيات الجيرة التي تنتقل إلى الشراكة.
اتفاقيات منظمة
* وماذا عن الخطوات المكملة لاجتماع مجلس التنسيق؟
الآن لازم ينشأ عدد من اللجان المشتركة لدراسة كل وسائل التعاون الثنائي، وهناك أمور ليست عبارة عن مادة أو مال بقدر ماهي منهاج عمل,, مثلاً المواصفات والجودة والمقاييس نحن من مصلحتنا لكي يتقبل كل منا منتجات الطرف الآخر ان تكون المواصفات والمقاييس للبلدين واحدة، والشروط البيئية واحدة، تنمية الصحراء تحتاج إلى اتفاق يحدد أسس العمل المشترك وينظمه ، وكذلك الحال بالنسبة لإقامة المحميات البيئية تحتاج إلى اتفاق وإلى هيئات مشتركة، ومكافحة الأوبئة التي تظهر من وقت لآخر لظروف معينة هي أيضاً تحتاج إلى اتفاق ينظم جهود العمل المشترك،وكذلك باقي الجوانب الأخرى,, وعموماً هناك قضايا كثيرة سيتم بحثها من قبل الجانبين ومنها قضايا النقل الجوي والبحري وقضايا الاستثمار والتعاون في مجال الربط الكهربائي بين البلدين، وهنا أود الإشارة إلى ان الربط الكهربائي أصبح اليوم قائماً على مستوى العالم,, حيث تسوق الطاقة الكهربائية من دولة إلى أخرى عن طريق هذا الربط، وأصبحت بمثابة عملية تجارية أو بورصة تقوم على قاعدة العرض والطلب ويراعى فيها جانب الجدوى والكلفة,, وأنا طالما أمامي فرصة وإمكانية وكذلك جدوى في شراء التيار من السعودية فلماذا لا أقوم بذلك ويكون هناك ربط كهربائي بيننا.
وإجمالاً ثمة أمور كثيرة مطروحة للبحث أمام المملكة واليمن في شتى مجالات التعاون,, وهناك بعض النقاط التي أود إضافتها إلى ما سبق فيما يتعلق بالتعاون ومنها ما أشير إليها في بيان مجلس التنسيق، مثل موضوع العمالة اعتقد انه توجد عمالة يمنية قادرة على العمل بالسعودية بكفاءة عالية ومقبولة، وهناك العديد من الشروط المهمة المتوفرة في هذه العمالة كالامانة والصدق والاخلاص وكذلك الثقة والحب المتبادل بين أبناء البلدين، وماتبقى هو الجانب المهني، وهذا الأمر سيحل بقيام المملكة بمساعدة اليمن في تأهيل عدد كبير من العمالة ومن ثم استيعابهم للعمل في مختلف المجالات داخل السعودية,, وفيما يخص الاستثمار لدى اليمن نوع خاص من الجذب يمكن ان يكون أحد العوامل المهمة لنجاح مثل هذا التعاون فهناك مثلاً 18 مليون مستهلك يشكلون سوقاً واسعة، ينبغي ان تكون مغرية لأي رأسمال للاستثمار في اليمن,, وبالتالي بامكان الاخوة في المملكة ان يأتوا إلى اليمن للقيام بنشاط استثماري وتسويق منتجاتهم في السوق اليمنية وستكون الكلفة أقل والمردود أكبر، إضافة إلى ان ذلك سيؤدي إلى تشغيل عمالة.
تعاون سياسي
* من بين ما تضمنه بيان اجتماع مجلس التنسيق التأكيد على تفعيل التعاون السياسي والدبلوماسي من خلال التشاور والتنسيق بين مواقف الجانبين وتوحيدها إزاء القضايا والمستجدات الاقليمية والدولية بما في ذلك التنسيق بين الوفود في المحافل والفعاليات المتصلة بهذا الإطار,, بماذا يمكن ان تحدثونا حول هذا الموضوع؟
أولاً لو تلاحظ ماورد في البيان الصادر عن الاجتماع ستجد اننا تجنبنا الحديث عن بعض القضايا التي ستكون محل خلاف بيننا,, وبالتالي كل القضايا التي وجدنا انها ستكون موضوع اتفاق جرت مناقشتها، وتلك التي تم تجنبها وهي محدودة طبعاً، أود أن أوضح بأن ذلك لايعني بان اختلاف وجهات النظر حولها سيبقى دائماً، فهناك قضايا لها ظروفها الخاصة التي يمكن ان تؤدي اليوم إلى تباين الرؤى، ولكن هذا التباين قد يتحول غداً إلى اتفاق,, وبمعنى أوضح ان الطرفين ركزا على المسائل التي فيها مصالحهما ومصالح علاقاتهما بدرجة أساسية وكذا التي تهم الأمتين العربية والإسلامية والأوضاع في المنطقة كالتضامن العربي والقضية الفلسطينية ودعم انتفاضة الأقصى حيث الموقف موحد لدى الجانبين من هذه الأمور وكذلك الحال بالنسبة للأوضاع في القرن الافريقي بشكل عام والامن والاستقرار على المستوى المشترك ومستوى المنطقة كاملة وغير ذلك من القضايا التي نحن متفقون حولها وهي كثيرة ومتعددة ,, أما الأشياء الفرعية فقد رأينا تأجيلها من باب انه قد تكون هناك بعض الخصوصيات بالنسبة لهذه الأشياء لدى أي من الطرفين، حيث ان لكل منهما طبعاً سياساته وخصوصياته وبالتالي لابد من احترام هذه الخصوصيات,, وإجمالاً فإن ماتم التوصل إليه على هذا الصعيد يعتبر إنجازاً كبيراً وغير عادي يضاف إلى الإنجازات الأخرى التي حققها مجلس التنسيق في اجتماعه بالمدينة المنورة بالنسبة للعلاقات اليمنية السعودية.
دراسات مشتركة
* هل هناك أسس أو آلية معينة سيقوم عليها التعاون والتنسيق في الجانب السياسي والدبلوماسي؟
نحن لدينا أفكار في هذا الإطار حتى في خارج اطار مجلس التنسيق، وذلك ضمن اتفاق بين وزارتي الخارجية في البلدين، مثل عقد دورات مشتركة فيما يتعلق بتطوير العلاقات السياسية الخارجية وتبادل المعلومات والخبرات والاستفادة من تجارب كل منا في هذا الجانب، حتى عن طريق تنشيط المعاهد الدبلوماسية، وبالنسبة لنا في اليمن عندنا المعهد الدبلوماسي اليمني الذي ينبغي عليه ان ينشط، وبالتعاون مع الاشقاء بالمملكة نستطيع تنظيم وإقامة الندوات والدراسات المشتركة.
افلاس فكري وسياسي
* على صعيد الأوضاع الداخلية في اليمن يجرى حالياً الاعداد لاجراء استفتاء شعبي حول تعديلات الدستور في ال 20 من فبراير القادم بالتزامن مع الانتخابات المحلية,, ماهي الأسباب الحقيقية التي تقف وراء مسألة التعديلات الدستورية التي يعارضها بعض الأطراف السياسية؟
* أولا التعديلات الدستورية بطبيعة الحال ينبغي أن تكون حاضرة وجاهزة في ظرف كل زمان وكل مكان، والدستور ليس قرآنا منزلاً، كما أنه لابد وأن يتعاطى مع متغيرات دولية وإقليمية وداخلية، وهو في بعض ابوابه وبالذات الباب الاول والثاني عبارة عن مبادئ عامة ينبغي أن نحافظ عليه، أما الأبواب الثالث والرابع والخامس فهي في إجراءات ينبغي أن تدخل عليها تعديلات من وقت لآخر، لأن ثمة متغيرات كثيرة,, وبالتالي أنا أرى أنه يمكن ان تكون هناك تعديلات حتى ولو سنوية بالنسبة لهذه الأبواب الثلاثة طالما سيؤدي ذلك إلى تحسين الأوضاع,, ذلك أنه من الصعب أنك تدعو إلى السوق التنافسية في الوقت الذي توجد مادة في الدستور لا تعطي هذا الحق إلا للقطاع العام,, كذلك المجلس الاستشاري مضى عليه ما يقرب من ستة أعوام وهو على وضعه، وبالتالي لابد أن يتطور، ليكون له دور، فاعل، وهو ما تهدف إليه التعديلات بالنسبة لإنشاء مجلس شورى إلى جانب مجلس النواب كما هو في كثير من الدول ذات الأنظمة الديمقراطية.
والذين يتحدثون عن الدستور فذلك لا يعدو أكثر من مماحكة سياسية ولا تصب في جوهر البناء المؤسسي للدولة اليمنية، ولو كانت تصب في هذا لكانوا تقدموا ببدائل، لكن ما هو حاصل من قبل البعض يعبر في الحقيقة عن إفلاس فكري وسياسي مطلق يمكن القول إنه انعكاس لعدم قدرتهم على التعاطي مع متغيرات العصر أو التمرس في التاريخ، وبالتالي يظل في تمرسه هذا ولا يخرج منه,, فبعض الأحزاب تكونت داخل دهاليز المؤامرة، ومن ثم فهي أسيرة العقل الانقلابي التآمري، والتربص والدسائس ونصب المصايد,, وعليه نجد أن منطقها غير منطق العصر القائم على الحوار المفتوح,, ولهذا نحن نريد أن نوسع من مستوى الحوار ونعطيه مدى أوسع وليس أحكاما مسبقة.
الحزب الاشتراكي
* الحزب الاشتراكي اليمني الذي هو في خلاف مع لجنة شؤون الأحزاب حاليا ما زال يطرح انه هناك إجراءات ومواقف تعسفية يتعرض لها من قبل السلطة ممثلة بالحزب الحاكم المؤتمر الشعبي العام,, ما هو تعليقكم؟
الحزب الاشتراكي ما زال مع الأسف يصر على ان يعكس خلافه مع الشعب على أنه خلاف مع الحكومة ونحن لسنا مختلفين مع هذا الحزب على الإطلاق,, هو لديه خلاف مع الشعب ومع قواعده وعليه أن يعالجه.
* ما هو ذلك الخلاف؟
المؤتمر الأخير للحزب الاشتراكي اظهر ان هناك خلافا، وان هناك عناصر تريد أن تجر عربة الوحدة والديمقراطية إلى الوراء,, وهنا داخل الحزب قوى متخلفة بالمقاييس الديمقراطية والحضارية في نفس الوقت,, وإلا كيف تفسر الأمر وأنت تجد أن ثمة من لا يزال يتحدث في عقلية السبعينات عندما يقولون انه لا صوت يعلو فوق صوت الحزب, أو يقول تخفيض الرواتب واجب,, كيف يمكن القبول بهذا المنطق,, وهناك ما هو أدهى من ذلك، ان تحرير المرأة يتم عن طريق حرق الحجاب، بدلاً من أن يقولوا علموا المرأة وقدموا لها الرعاية اللازمة، فإذا كانت هذه الشعارات غوغائية في وقت من الأوقات، على الأقل لا نقبلها ونحن على تقاطع الألفية الثالثة، والاتحاد السوفيتي الذي علمك السحر قد راح وانتهى.
الإصلاحات الاقتصادية
* الاصلاحات الاقتصادية في اليمن التي كان لكم دور مباشر في رسم سياستها وخططها, مضى عليها حتى الآن ما يقرب من ستة أعوام,, إلى أين وصلت هذه الاصلاحات؟ وما مدى نجاحها؟ وما هي الجوانب التي قد تكون اخفقت فيها أو واجهت بعض العثرات؟
أنا الآن سأطرح موقفاً جديداً,, وأقول ان أي تقدم اقتصادي في اليمن بعد نجاح العمليات الأولى للتجربة الإصلاحية الاقتصادية لا يعطي نقلة نحو التصنيع، سوف يظل اليمن متعثرا اقتصاديا بصورة فاضحة,, بحيث إذا لم يكن هناك ما يمكن اعتباره الدفعة الكبرى في الصناعة فإنه لن تحل مشكلة البطالة ولا مشكلة التكنولوجيا ولا مشكلة المعرفة، وأيضاً لن تحل مشكلة الإنتاج ولا مشكلة الاستهلاك، أي أن معالجة هذه المشاكل والتغلب عليها لن يتأتى إلا عبر نهضة صناعية، وهي بدرجة أساسية التي يمكن من خلالها وضع اليمن على مسار التقدم الحقيقي لأن التقدم هو الصناعة، والأمثلة واضحة وملموسة على مستوى الكثير من دول العالم المتقدمة التي لم تصل إلى هذا التقدم إلا بالثورات الصناعية,, وبالتالي فنحن أمامنا هذا الخيار، وهو صعب لكن لابد أن نقبله,, فالإصلاحات الاقتصادية تمت لكنها لم تشتمل على برنامج إنتاجي واضح، وما لم يوجد هذا البرنامج الذي يكون أساسه التصنيع سنظل ندور ونجول بحثا عن معونات خارجية وعن مانحين وعن قروض وغيره.
القطاع الخاص
* إذاً ما هي التدابير والخطوات التي يمكن اتخاذها؟
في اعتقادي أن هذا الأمر لا يرتبط بالدولة فقط، بل هناك القطاع الخاص الذي يعتبر طرفا أساسياً في العملية,, وبالتالي فإن ما نراه هو أن نقول لهذا القطاع انه يمكنه أن يوقف مرحلياً بناء تلك المشاريع التي قد لا تكون على ذلك القدر المطلوب من الأهمية والحيوية والاستراتيجية، وبالتالي التوجه والتركيز بدرجة أساسية على المجالات والقطاعات الإنتاجية وفي مقدمتها التصنيع بمختلف فروعه، والذي يعتمد بشكل أكبر على المواد الخام المحلية, وهي كثيرة ومتعددة في البلاد، بما في ذلك التصنيع السمكي الذي تتوفر له كل مقومات النجاح,, وعليه نستطيع القول إن القطاعات الأخرى يمكن اعتبارها ثانوية بالمقارنة مع التصنيع، مع أنه لا يغني عنها ولكن ثمة شيء أهم من شيء، وثمة أولوية ينبغي الأخذ بها.
ميناء عدن
* بصفتكم رئيس الهيئة العامة للمناطق الحرة,, ماذا عن المنطقة الحرة بعدن؟ وما هو الجديد فيها؟
أقول نفس الشيء, إذا لم يستكمل بناء المنطقة الصناعية فستكون المنطقة الحرة بعدن أيضاً ناقصة,, واعتقد أن من الأشياء المهمة جداً هنا والتي لابد من الإسراع بها هو إقامة المنطقة الصناعية في ميناء عدن,, لأننا إذا نظرنا إلى كوريا مثلاً فسنجد أن نهضتها كانت من خلال منطقة صناعية كمنطقة حرة في ميناء صغير جداً وبحوالي 48 مصنعا,, لكن هذه العملية قامت على أساس ما يسمى بالفيض الرأسمالي,, والوعاء عندما يفيض فهو يفيض على جوانبه,, وهذا الفيض حصل في اليابان ففاضت على جوانبها على كوريا وسنغافورة وماليزيا واندونيسيا وتايوان وبالتالي نحن نحتاج لمثل هذا الفيض الذي يمكن ان يأتي من المنطقة القريبة المجاورة,, ولكن إلى جانب هذا هو إلى أي مدى أنت جاهز لاستقبال هذا الفيض,, وهذا هو السؤال الداخلي في اليمن الذي ينبغي أن نركز جهدنا عليه.
مفاهيم العصر
* وما الذي تم على طريق إنشاء المنطقة الصناعية في ميناء عدن؟
هناك اتفاق بهذا الخصوص ,, لكني أتصور أن بعض الفعاليات عليها ان تدرك بأنه ينبغي أن تسلم تدريجياً إدارة العملية إلى جيل أكثر تعاطيا مع مفاهيم العصر,, وهذا ليس في الدولة فقط وإنما في القطاع الخاص أيضا,, لأن هناك البعض من القطاع الخاص لا يحاولون إتاحة المجال لجيلهم الجديد كي يعمل ويشتغل.
تجربة ناجحة
* وماذا عن الحركة الاستثمارية في المنطقة الحرة بعدن؟ وكيف تقيمون نجاح مشروع ميناء الحاويات هل حقق الأهداف المرجوة فيه؟
نعم هناك نجاح، ورغم كل الظروف والمعضلات التي واجهناها، اعتقد أننا أنجزنا ما يمكن القول إنه شبه معجزة,, ولعله لفترة غير قليلة كان هناك من يتحدثون ويطرحون حول مشروع المنطقة الحرة الذي كنت أديره ومعي مجموعة من الشباب بأنه كان عبارة عن شيء اسمه فانطازيا أو خرافة لا يمكن أن تتم,, لكننا تجاهلنا كل هذا الكلام وعملنا مع الشركات والمستثمرين وتوصلنا إلى هذه النتيجة,, لكن ينبغي أن نستفيد استفادة كاملة من هذه التجربة التي كان أساسها أولاً الدعم المطلق من قبل الرئيس علي عبدالله صالح لمجلس الإدارة الذي بدأت أديره، وكان هذا الدعم من دون حدود مع ثقة كاملة، ثانياً إننا استقللنا بالرأي في أعمالنا إلى درجة أن الحكومة لا نبلغها إلا بالنتائج, وثالثاً لم يكن هناك يأس مطلقا وتحركنا على نطاق واسع من العالم حتى توصلنا إلى اتفاق مع السنغافوريين ليأتوا ويستغلوا معنا هم وشركة يمنفست والشركاء الآخرون,, وحالياً هناك حركة طيبة في ميناء الحاويات والنشاط الاستثماري أيضاً جيد.
قضية كول
* العلاقات بين اليمن والولايات المتحدة,, كيف هي الآن؟
وهل كان لحادث كول انعكاسات سلبية على مسارها؟
العلاقات اليمنية الأمريكية جيدة، ولن تتأثر بقضية المدمرة كول وإلا لتأثرت العلاقات الأمريكية مع الدول الأخرى التي شهدت حوادث مشابهة تعرض لها الأمريكيون واقول مثل هذا الحادث أو الاعتداء لم يحدث في اليمن وحدها، أو أن اليمن حالة استثنائية,, والولايات المتحدة تعلم ان الإرهاب هو دولي وليس مصنوعاً في مكان معين,, ولهذا علاقتنا مع الامريكان هي بقدر ما بيننا من تعاون في مختلف الجوانب بما فيها الجانب الأمني,, ويمكن القول إنها جيدة سواء على الصعيد الاقتصادي أو السياسي او الأمني,, وفي قضايانا القومية نحن متمسكون بالمواقف العربية والإسلامية، ولا نقدر ان نقول لأمريكا نعم في هذا الأمر والعالم العربي والإسلامي يقول لها لا,, فنحن أيضاً أصحاب رسالة تاريخية ولا نستيطع أن نكون متلونين بلون أمريكا فقط,, ولهذا لا يعني على الإطلاق أن العلاقات مع الولايات المتحدة أو غيرها يمكن أن تقام على حساب الثوابت والمبادئ القومية الأساسية, أو تجعلك تفقد صفتك وتتخلى عن هويتك وانتمائك وأهدافك كعربي وكمسلم لك قضاياك واستراتيجياتك,, والتعاون مع أمريكا ينبغي أن يصب في أمن واستقرار المنطقة وتنميتها.
المصلحة أولاً
* في الفترة الاخيرة لوحظ التوجه نحو تعزيز العلاقات مع أمريكا هل يمكن ان يكون ذلك على حساب العلاقات مع الأطراف الأخرى كأوروبا مثلا؟
اود أن أقول إنه لا توجد مقايضية في العلاقات الخارجية السياسية والدبلوماسية,, وبالتالي لا تنشأ علاقة على حساب أحد,, هذا عندما يكون الأمر مبنيا على التبعية, أن تكون تابعاً لمن أو مع من، بهذا الشكل التبعي يمكن القول إن علاقاتي مع أمريكا على حساب علاقاتي مع أوروبا,, لكننا في اليمن لا نؤمن بالتبعية، ونحن نبني علاقاتنا على أساس المصالح والمنافع، وبالتالي حيثما توجد مصالحي ومنافعي مع أمريكا أو مع أوروبا أو مع آسيا أو استراليا ومع العالم كله أقيم هذه العلاقات لمصلحة شعبي ومصلحة تنميته واستقراره.
غير صحيح
* ماذا بالنسبة لما يقال عن وجود تنافس أمريكي فرنسي للحصول على مناطق امتياز وتسهيلات في اليمن؟
أولاً أنا أرحب بالتنافس وأشجعه لأنه كلما وجد التنافس وتزايد أستطيع الحصول على أفضل الشروط والمردودات, لكن الامر في حقيقته ليس أكثر من كلام يطرحه البعض من دون أن يكون له أي وجود على الواقع,, وحتى الآن لا شيء لدينا من هذا القبيل.
روسيا الاتحادية
* العلاقات مع روسيا تراجعت بشكل كبير خلال العقد الماضي,, لماذا؟
وهل ستظل على هذا الحال؟
العلاقات مع روسيا الاتحادية جيدة وقديمة وهناك تعاون اقتصادي وتجاري كبير,, ونحن عازمون على إعادة بنائها وتنظيمها وتصحيح مسارها على أسس حديثة ومتطورة تواكب التطورات العالمية,, والوضع حالياً يختلف بالنسبة لروسيا التي كانت علاقاتنا معها في السابق تقوم من كونها كانت ضمن منظومة الاتحاد السوفيتي القطب العالمي الموازي للولايات المتحدة,.
وخلال الأسابيع القليلة القادمة سأقوم بزيارة إلى موسكو على رأس وفد كبير لبحث سبل إنعاش العلاقات مع روسيا والدفع بها إلى الأمام، وكذا التمهيد لزيارة قريبة يقوم بها الأخ علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية لموسكو أيضاً
|
|
|
|
|