|
| مقـالات
الكتابة فن يعتمد على مهارة موروثة، وشحذ مكتسب، وفرص صقل وتهذيب، من خلال القراءة المكثفة والموجهة، كماً ونوعاً, حينئذ تصبح الكتابة ألماً جميلاً لذيذاً، بل تضحي تعباً له صفة (تعب الراحة) ومذاق (الألم اللذيذ), لا شك أن الكتابة كأي هواية تشحذها الممارسة ويسمو بها الهدف النبيل، شريطة ادراك الكاتب بأن منحه (شرف) نشر أفكاره وفرض قناعاته (تكليف) له محاذير وتكاليف!, هنا يتحول التزام الكاتب أو من الواجب أن يتحول إلى ما وراء حدود الالتزام (الكمي) المتمثل في توفير المادة المكتوبة في وقتها المحدد، ليشمل وهذا هو المحك الأهم الالتزام (النوعي)، ومعاهدة النفس على بذل أقصى ما يمتلك من جهد لتقديم ما يرضي القراء، ويحترم تطلعاتهم، ويقدر قدراتهم، ويفيد منهم ما يحفزه على اشباع نهمهم المعرفي, إن الكتابة نزف فكري يجمع في آن واحد بين النقيضين: الجبرية والانتقائية: فالكتابة نزف جبري لكون الكاتب الملتزم مع المطبوعة لا يملك من الخيارات إلا خيار الكتابة في الوقت المحدد، والحيز المحدد، والحدود الفكرية المحددة؛ أما فيما يخص الكتابة (كنزف انتقائي) فلأن الكاتب الملتزم لا خيار له سوى الارعواء لشروط الخيار الوحيد (والأول والأخير) والمتمثل في أنه إذا كانت الكتابة قدره الوحيد، فمن العجز وعجز القادر عيب أن يكتب عبثا، ويخط هراء، ويملأ الورق (بتحصيل حاصل) يمتهن العقول، وعلى غرار قول المتنبي المتصرف به هنا (وإذا لم يكن من الخط بد,, فمن العجز أن تخط هراء! ).
وانطلاقا من حيثيات المقولة العامية (ما يحس بالنار إلا رجل واطيها!)، (واستفزاعا!) (بصدر أخيها!) الفصيح القائل: (لا يعرف الشوق إلا من يكابده,,)، فمن المؤكد ألا أحد يعرف شدة وطء معاناة الكتابة التزاما إلا الكتاب أنفسهم، خصوصا في مواسم الأعياد والإجازات وما يرتبط بها من ضغوط نفسية واعراض قلق المناسبات الموسمية:
)SEASONAL DISORDER( بالإضافة، فالكاتب قد يكون عرضة للوقوع ضحية لما يسمى (عُقَّال الكاتب )WRITER'S CRAMP ، ألا وهو تشنج مؤلم يصيب أصابع وعضلات اليد وينجم عادة من الكتابة بإفراط: وهو مرض عضوي قد يكون أقل إيلاما مما يعرف: يالإعاقة الفكرية WRITER'S BLOCK، وهو عارض يشل قدرة الكاتب فكريا، وإن كان لحسن الحظ شلل مؤقت سريع النزول وسريع الارتحال!
أخيراً وعلى افتراض أن الكاتب قد تهيأت له فرصة قضاء اجازته في الخارج، فمن المؤكد أنه لن يسافر لوحده: بل حتما (واسأل مجرب!) سيصطحبه (شبح الالتزام بالكتابة!) سفرا يضاعف عليه أعباء ووعثاء سفره، مما يجبره على الانزواء في زاوية من زوايا احد مطارات العالم المكتظة بالبشر,, أو في غرفة فندق من الفنادق,, أو أحيانا يضطره إلى أن يكتب وهو ممتطيا طائرة (ترقص بعنف وحدة!) على أنغام تماحك وتصارع عواصف الأجواء والأنواء,.
,, وكل عام وجميعنا (قيادة ووطنا وشعبا) بخير وعافية وصحة وأمن وأمان.
***
خاص:
الأخ المهندس هشام أحمد الريس/ الرياض:
أسلوبك الكتابي يزاوج بين الأدب البديع (والهندسة!) البديعة, أشكرك على شعورك النبيل المغرق بنبله، وأتمنى على الله العلي القدير أن يبلغ (شدو) درجة حسن ظنك بها, وكل عام وأنت وأحبابك بخير وصحة وعافية.
|
|
|
|
|
