** بداية:
الحمد لله الذي وفقنا لصيام شهر رمضان وقيامه,, وبلغنا عيد الفطر المبارك,, اعاده الله علينا,, وعلى الامتين الاسلامية والعربية بالخير والبركة,, والعزة والتمكين,, انه سميع مجيب,, وكل عام وانتم بخير.
* * *
بغض النظر عن كون والدة المدرب الروماني بلاتشي متوفاة منذ زمن,, او مازالت على قيد الحياة,, وهو الخبر (الوفاة) الذي نشرته هذه الجريدة يوم امس الاول من مصادر لزميلنا سعود العبدالعزيز تؤكد ذلك,, وتشير الى انه عذر غير صحيح ومبرر لترك بلاتشي فريقه الهلال في هذه الظروف بحجة وقوفه إلى جانبها كما يدعي .
اقول,, بغض النظر عما اذا كانت والدته متوفاة,, ام على قيد الحياة؟! صحيحة,, ام مريضة,,؟!,, الخ,, فمن المؤكد انها ليست السبب الحقيقي وراء ترك بلاتشي الفريق الهلالي في هذا التوقيت بالذات، وقبل أدائه مباراة هامة امام السالمية الكويتي للتأهل لمربع غرب آسيا في بطولة آسيا للاندية ابطال الدوري إذ ان القريبين من البيت الهلالي,, وحتى البعيدين عنه الذين اصبحوا خصوصا في هذا الموضوع اقرب من الهلاليين انفسهم له,, بفضل امور لا تخفى على الجميع,, هؤلاء جميعاً كانوا يتوقعون مثل هذه الخطوة بين لحظة وأخرى,, لكن متى,,؟! كان هذا هو السؤال الذي يطرحونه!! بعد ان اصبح الغاء عقده امراً مستحيلاً في ظل النجاحات المتلاحقة التي يحققها مع الفريق,, واصبح وضع الفريق من الناحيتين الفنية والنفسية لا يسمح بخطوة كهذه,, لهذا اتجهت الانظار الى بلاتشي نفسه ومتى ينسحب,,؟! او يلقي حجراً في بركة الماء الهلالية.
والخطوة التي اقدم عليها بلاتشي تحمل في طياتها الكثير من الخبث والدهاء,, والفطنة والذكاء,, وايضا المنطق,, فهي مخلوط عجيب من هذا كله,, ومن المؤكد انها حركت ماء الهلاليين الآسن,, أو انها اثرت في مجرى تيارهم,,
وتوقيت الخطوة قبل مباراة السالمية في مرحلة الاياب يكشف عن كثير من هذه الجوانب,, خاصة انها مباراة شبه محسومة النتيجة سلفاً,, وهذا يعني ان تركه الفريق في هذا الوقت,: قد لا يؤثر سلبا على النتيجة!! فإذا عاد (أو اعيد) بعدها,, فالطريق امامه طويل لتحقيق المزيد من المجد,, اما بقاؤه لما بعد المباراة,, فهو لا يضيف لرصيده الايجابي شيئا,, من مباراة كهذه,, بل سيصبح سبباً رئيسياً في عدم وصول الرسالة التي يريد,, وبوضوح!!
هذه ناحية,, والناحية الاخرى في تفكير بلاتشي: انه اراد ان (يتغدى بالهلاليين قبل ان يتعشوا به),.
فبلاتشي يعرف,, وكلنا ايضا,, ان بعض الهلاليين قد اعلنها صريحة عبر الصحف,, ومنذ فترة ان المحطة الأخيرة لرحلته مع الهلال هي مباراة السالمية,, بغض النظر عن الاسباب او المبررات التي بنى عليها اولئك تصريحاتهم وآراءهم,,!!
لنترك (بلاتشي),, وتفكيره,, أو ما يدور في رأسه,, ولنعد الى القصة من بدايتها,, وباختصار:
فمنذ ان وطأت قدما بلاتشي الرياض كمدرب للهلال للمرة الثانية قبل بداية الموسم,, وهو يواجه معارضة ولا اقول تحفظاً نعم معارضة شديدة من بعض الهلاليين وصلت الى اعمدة الصحف,, واعلانها (حرباً) وعفوا لهذا التعبير على المكشوف على بلاتشي حتى وهو يحقق الانتصار تلو الانتصار.
ولهؤلاء مبرراتهم التي لا تخفى على الهلاليين وان كنا نتحفظ على اسلوبهم,, إذ لم نتعود ان (تورد الابل الهلالية هكذا),, وقد سبق ان تحدثت عن هذا الموضوع (في منتصف اسبوع) سابق.
وامتد الامر الى آخرين وجدوها فرصة لزعزعة ثقة الهلاليين بأنفسهم,, مما حدا ببلاتشي الى اعلانه عقد مؤتمر صحفي اسبوعي,, يكون المصدر الوحيد لتصريحاته,, بعد ان لاحظ الكثير مما ينشر على لسانه,, مما يعلمه,, وما لا يعلمه ودون احاطته بذلك,,!! وترك هؤلاء,, يموج بعضهم في بعض,, مفضلا العمل,, وكان له ما اراد فحقق للهلال ثلاث بطولات إن لم تكن أربعاً من أصل اربع منافسات خاضها,, كأس الصداقة في ابها,, كأس الكؤوس العربية,, كأس السوبر الآسيوية والتأهل لبطولة العالم للاندية (بطولتان في بطولة واحدة),, وكل بطولة كانت صعبة بظروفها وكل بطولة كانت اصعب من سابقتها بوضعيتها ومعطياتها,, حقق ذلك,, رغم ظروف المعارضة التي كان يدركها ويعلمها,, فلماذا لم ينسحب مثلاً قبل بطولة كأس الكؤوس العربية,؟ وهي بطولة يدرك ان الهلاليين مستعدون لدفع (ما وراءهم ودونهم) للفوز بها.
لماذا,, لم ينسحب مثلا,, قبل كأس السوبر,, وتحديداً قبل مباراة الإياب؟! وهي بطولة يدرك استعداد الهلاليين للتضحية بكل شيء في سبيل كسبها,,!!
لماذا ترك كل هذه الفرص,, وفضَّل المغادرة في (لحظات هدوء تسبق العاصفة),, وقبل مباراة الاياب امام السالمية بالذات؟!
إلى جانب ما أشرت اليه في اسطر خلت حول هذه النقطة فيما يتعلق بنتيجة المباراة,, وغداء بلاتشي وعشاء الهلاليين,, فإن ثمة اسباباً اخرى لهذا التوقيت:
فقد ادرك بلاتشي ان لديه الثقة بنفسه على تحقيق هذه,, الانجازات وخصوصاً الاخيرين منها (كأس الكؤوس,, وكأس السوبر) ومن ثم الرد على كل المشككين في قدراته وامكاناته,.
وعندما نقول ذلك,, فإن هذا لا يعني نسبة هذه الانجازات لقدراته فقط,, فتكاتف الهلاليين,, ووقوفهم مع ناديهم,, سواء اعضاء الشرف,, او ادارة النادي,, بقيادة صاحب السمو الملكي الامير سعود بن تركي,, وحنكته وقدرته التي سبقت سني عمره,, وادارة الفريق,, الى جانب هذه النوعية من اللاعبين المثقفين كرويا,, كلها عوامل ساهمت في صنع هذه الانجازات بمعنى,, ان بلاتشي كان واثقا من نفسه,, في القدرة على استثمار هذه الظروف الى جانب ما يملكه هو من امكانات لا يمكن انكارها,, وترجمة ذلك الى انجازات تسجل لصالح الفريق,, وصالحه هو,,!!! ليكون انسحابه في وقت وإن اختلف الهلاليون فيه على شخصه,, او استمروا على ذلك,, فإنهم يتفقون على كفاءته كمدرب,, وإن لم يعلنوا ذلك!!
سافر بلاتشي تاركاً بعض امتعته واغراضه الشخصية,, ومستحقاته المالية,, ليمسك بطرف الحبل (حبل الرجعة) وهو حبل طويل يستحق دخول كتاب جينيس للارقام القياسية إذ يمتد من رومانيا الى الرياض,, وليقول من مقر إقامته هناك,.
هاأنذا,, بانجازاتي,, وقدراتي,, وهذا هلالكم بتاريخه,, ومكانته,, فإما:
أن اعود كمدرب متفق عليه,.
او أن أرحل,, وهذا هلالكم أنتم ادرى بمصلحته,.
ودونما دخول في تفاصيل هذين الخيارين,, فإن هذه هي الحقيقة وهو الاستنتاج المنطقي للحدث,,!!
لكن السؤال المهم,, والذي يطرح نفسه:!
هل كان الهلاليون,, وتحديدا اصحاب القرار,, مستعدين لخطوة كهذه,,؟!
بمعنى,, هل كانت في حسبانهم,, ومن ثم وضع البدائل فيما لو تم تنفيذها,, من قبل بلاتشي,,؟! وها هي قد تمت بالفعل,,!!
الهلاليون الآن امام وضعين,, او احتمالين لا ثالث لهما:
إما ان يعود بلاتشي كمدرب متفق عليه وهذا ينهي المسألة,,!!
أو وهذا هو المحتمل ان لا يعود,, وهذا معناه دخول الهلاليين في دوامة جديدة,,!!
وإذا ما وصل الهلاليون الى هذا الوضع وهو امر متوقع فإن الخطوة القادمة وهي الأكثر اهمية واعني البحث عن بديل,, يجب ان تتم من خلال مرحلتين لا يفصل بينهما زمن او مسافة:
الأولى:
استيعاب (درس بلاتشي) لضمان هدوء العاصفة,, حتى لا يتغير اتجاه الريح,, وتتغير حركة الامواج,, وحتى تسير السفينة الهلالية في بحر هادىء,, نحو مرساها المنشود.
الثانية:
ليس مهما ان يكون البديل يوردانيسكو,, او كندينو,, او اوسكار,, ولا حتى كارلوس البرتو,, وغيرهم,, المهم ان يكون المدرب متوافقاً مع المرحلة التي يعيشها الهلال الآن,, باسمه,, وانجازاته,, ومكانته,.
الهلال ايها السادة,, لم يعد فريقاً عادياً يرضى بأي مدرب,, ويرضى به اي مدرب.
الهلال,, لم يعد ذلك الفريق الذي يصنعه المدربون فقط,, ولكنه اصبح الفريق الذي يصنع المدربين!!
الهلال مطلب لكل المدربين الباحثين عن انجاز يضيفونه لتاريخهم,, ودرجة ينتقلون من خلالها إلى سلم المجد والشهرة!!
وهذه النقطة بالذات,, اصبحت أكثر وضوحاً وخصوبة,, والهلال يلعب في بطولة اندية العالم بعد سبعة اشهر من الآن,,!!
ان هذه البطولة هي فرصة لأي مدرب يشرف على اي فريق مشارك فيها ليحقق مجدا ذاتياً لنفسه,, وغني عن القول ان مدرباً كهذا لابد ان يملك الكفاءة والقدرة الفنية التي تؤهله لذلك,.
والهلال في هذه البطولة,, عليه ان يبحث عن مدرب ينتصر بالهلال!! وليس مدربا ينتصر به الهلال.
لان الاولى يمكن ان تؤدي الى الثانية,, أما الثانية فليس شرطاً ان تؤدي الى الاولى!!
والحال نفسها تنطبق على اللاعبين الاجانب وهذه,, لها حديث قادم وبالتفصيل باذن الله.
والله من وراء القصد,.
بريد إلكتروني: raseel@la.com
|